أمريكا وفلسطين يراهنان على المغرب في إنجاح مقترح وقف الحرب في غزة

يبدو أن الولايات المتحدة الأمريكية تراهن بقوة على دور المملكة المغربية من أجل ضمان انخراط الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي في المقترح الذي تقدم به الرئيس بايدن من أجل إنهاء الحرب في غزة بصفة دائمة، وتبادل الأسرى بين الجانبين، مع انسحاب عناصر جيش الإسرائيلي من المناطق المأهولة في أفق بداية عمليات إعادة الإعمار، إذ أجرى وزيري خارجية كل من المغرب والولايات المتحدة محادثات هاتفية بهذا الشأن.
وأعرب أنتوني بلينكن، وزير الخارجية الأمريكي، خلال هذه المحادثات، عن تقديره مساهمات الملك محمد السادس وجهوده الإنسانية في قطاع غزة، مؤكدا في الوقت ذاته على أهمية دعم المقترح الأمريكي بما يخدم السلم والاستقرار في الشرق الأوسط؛ فيما أعربت الرباط على لسان وزارة خارجيتها عن دعمها هذا المقترح، معبرة في الوقت ذاته عن أملها في انخراط الأطراف المعنية في هذه المبادرة، مع الالتزام بتنفيذ مختلف مراحل تنزيلها.
ويراهن الفلسطينيون بدورهم على نفوذ الرباط وعلاقاتها مع إسرائيل من أجل الضغط على هذه الأخيرة للقبول بهذا الحل الذي سيؤسس لسلام دائم في الشرق الأوسط، وسيضمن تنزيله حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على أساس حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وسط تردد إسرائيلي، إذ وصف متحدث باسم حكومة نتنياهو المقترح بـ”الناقص وغير المكتمل”، ووسط دعوات دولية لحركة حماس من أجل قبول هذا المقترح.
تأثير إقليمي وأمل فلسطيني
قال أنيس سويدان، مدير دائرة العلاقات الدولية في منظمة التحرير الفلسطينية، الأمين العام للجنة الدولية لدعم الشعب الفلسطيني، إن “اتصال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن بنظيره المغربي ناصر بوريطة يأتي ضمن ثقة الإدارة الأمريكية في تأثير الرباط، والدور الذي تلعبه المملكة المغربية إقليميا ودوليا، وإمكانية تأثيره في هذا الإطار بالضغط على إسرائيل لقبول وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب”.
وأضاف سويدان في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية: “المغرب بلد مؤثر في محيطه الإقليمي والدولي، وله علاقات قوية ومتجذرة مع الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل؛ ولذلك فنحن نأمل من المملكة أن تمارس نفوذها وتأثيرها من أجل الضغط على تل أبيب للقبول بوقف إطلاق النار وإنهاء هذه الحرب المدمرة المستمرة ضد الشعب الفلسطيني منذ أكثر من ثمانية أشهر”، مسجلا أن “القرار الآن بشأن مقترحات الرئيس الأمريكي بايدن لوقف إطلاق النار وإنهاء الحرب في غزة هو بيد إسرائيل وحركة حماس، إذا كانتا ستقبلان به أم سيخضع لمفاوضات وتعديلات”.
وثمن المسؤول الفلسطيني ذاته جهود المغرب ملكا وشعبا في دعم صمود الشعب الفلسطيني وإرسال المساعدات الإنسانية، سواء للمحاصرين في قطاع غزة أو في القدس الشريف والضفة الغربية عبر وكالة بيت مال القدس الشريف؛ كما ثمن جهود القيادة في الرباط في دعم حل الدولتين، على اعتبار أن “الطريق الوحيد للسلام هو إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية”.
رهان أمريكي والتزام مغربي
قال سعيد بركنان، محلل سياسي، إن “الرهان الأمريكي على الدور المغربي في حل الأزمة في غزة له ما يبرره من الأسس، ذلك أن الملك محمدا السادس هو أولا رئيس لجنة القدس، ثم إن المغرب طالما أكد أن تصفية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي يجب أن تكون على أساس حل الدولتين”، مضيفا أن “طبيعة العلاقات المغربية الإسرائيلية التي تنبني على الاحترام المتبادل بين الطرفين ويؤطرها بعد تاريخي يتجلى في ارتباط يهود المغرب بدولتهم الأصلية واحترامهم المؤسسة الملكية يفسر هو الآخر أسباب هذا الرهان”.
وأوضح المصرح لهسبريس أن “الأساس الذي يؤطر أيضا مراهنة الإدارة في واشنطن على دور الرباط هو الموقف الذي عبرت عنه الأخيرة منذ اليوم الأول لاندلاع الأزمة في غزة، وتشبثت من خلاله بضرورة إيقاف الحرب بصفة دائمة وليس من خلال حلول مؤقتة”، موردا أن “المغرب وجه رسائل عديدة، سواء للفلسطينيين بضرورة توحيد صفوفهم لإيجاد أساس مشترك للحل، أو للإسرائيليين من أجل وقف جرائمهم الانتقامية في غزة؛ هذه الأخيرة اعتبرها جزءا لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية”
وخلص المحلل ذاته إلى أن “كل هذه المعطيات مجتمعة، أضف إلى ذلك حرص المغرب وجهوده من أجل حماية الإنسان الفلسطيني وضمان حقه في العيش الكريم، وصيانة هوية مدينة القدس، هي التي تفسر توجه واشنطن إلى الرباط من أجل مساعدتها على تنزيل رؤية ومقترح الرئيس بايدن للحل في غزة، وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على أن المملكة المغربية دولة فاعلة متفاعلة ومؤثرة في القضايا الإقليمية”.