حارسة المنارة الأيرلندية التي أعطت الضوء الأخضر لعملية إنزال نورماندي
- Author, جيف ماسكيل
- Role, بي بي سي نيو – أيرلندا الشمالية
عندما كانت مورين فلافين سويني، التي نشأت في مقاطعة كيري الإيرلندية، شابة، حَلُمت بالانتقال إلى الولايات المتحدة.
وكانت منطقة بيلموليت في مقاطعة مايو، على الساحل الأطلسي لأيرلندا، في أقصى الغرب، هي أبعد منطقة سافرت لها موربن في ذلك الوقت.
وهناك تزوجت من حارس منارة، وأنشأت أسرة، وفي 4 يونيو/ حزيران 1944 قدمت تقريرا عن الطقس غيّر مجرى التاريخ بالنسبة لها.
وكانت المنارة البحرية التي تسكنها مورين في منطقة بلاكسود، والتي بُنيت عام 1866، تفتقر إلى الإطلالات الرائعة على المحيط الشاسع.
ومع ذلك، فإنها تتميز بجغرافيتها عند الطرف الغربي لأوروبا.
وبالنسبة لمن خطط ليوم الإنزال (غزونورماندي) في جنوب إنجلترا، فإن تقارير الطقس التي تقدمها مورين ستكون أول من يؤكد أي تغير في الطقس.
وبعد شهر مستقر في مايو/ أيار 1944، كانت الظروف في بداية شهر يونيو/ حزيران أقل ملاءمة بكثير لأولئك الذين خططوا لعملية إنزال نورماندي لدخول واستعادة فرنسا التي احتلها النازيون.
ما هي عملية إنزال نورماندي؟
شهدت عملية يوم الإنزال والمعروفة أيضا باسم عملية إنزال نورماندي، قيام قوات من المملكة المتحدة والولايات المتحدة وكندا وفرنسا بمهاجمة القوات الألمانية على ساحل شمال فرنسا في 6 يونيو/ حزيران 1944.
وكان هذا أكبر غزو بحري في التاريخ وأحد أهم الأحداث في الحرب العالمية الثانية، والذي كان بمثابة نقطة تحول في الحرب ضد ألمانيا النازية.
ومع ذلك، تطلبت العملية التي أطلق عليها اوفرلود Overlord مجموعة محددة جدا من الشروط: أن تتم قبل وقت قصير من الفجر، عند ارتفاع المد، ويفضل أن يكون ذلك في ليلة يكون فيها القمر مكتملا.
وأدت تلك الشروط إلى تحديد يوم العملية في تواريخ محددة وكانت: 21-23 مايو/ أيار، و5-7 يونيو/ حزيران، و18-20 يونيو/ حزيران، و3-5 يوليو/ تموز 1944.
نافذة ضيقة من الفرص
استُبعدت التواريخ المقترحة في شهر مايو/ أيار لأسباب لوجستية، وفي ليلة 2-3 يونيو/ حزيران، قدمت مورين تقريرا عن الطقس يوضح سوء الأحوال الجوية؛ ورياح عاصفة بسرعة 6 عقد.
وقد أُرسل هذا التقرير من خدمة الأرصاد الجوية الأيرلندية إلى المقر الرئيسي للحلفاء في جنوب إنجلترا.
وعلى غير العادة، تلقت مورين مكالمة هاتفية بعد فترة قصيرة.
وكانت على الجانب الآخر امرأة تتحدث بلكنة إنجليزية تطلب تأكيد التقرير.
كان زوج مورين المستقبلي، حارس المنارة تيد سويني ( إذ لم يكونا قد تزوجا حينها)، قد عاد لتوه من عله عندما تلقت المكالمة.
قالت مورين في وقت لاحق لمجلة “آي” الأيرلندية “لقد فحصنا الأرقام الواردة في التقرير مرتين، وكانت الأرقام هي نفسها، لذلك كنا سعداء بما فيه الكفاية”.
وكانت تلك المكالمة هي التي شكلت أو غيرت مجرى التاريخ.
أهم التوقعات التاريخية
شاركت حوالي 12 ألف طائرة وعدة آلاف من السفن و150 ألف جندي في يوم الإنزال في 6 يونيو/ حزيران.
كان تقرير الطقس الصادر من بيلموليت كافياً لكبير مسؤولي الأرصاد الجوية، كابتن المجموعة جيمس ستاغ، لينصح بتأجيل الغزو لمدة 24 ساعة.
وقال ستاغ للجنرال دوايت دي أيزنهاور “لقد تغير الوضع برمته من الجزر البريطانية إلى نيوفاوندلاند في الأيام الأخيرة ومن المحتمل أن يكون الآن مليئا بالتهديد”.
بالنسبة لقوات الحلفاء المنتظرة تحت الخيام في المعسكرات في جميع أنحاء جنوب إنجلترا، شهدت عطلة نهاية الأسبوع من 3 إلى 5 يونيو/ حزيران رياحا قوية وسحبا منخفضة وأمواجا هائجة.
وفي يوم السبت 3 يونيو/ حزيران، أصدر أيزنهاور أمرا بالتأجيل.
تغير في الطقس
واجه أيزنهاور وقادته معضلة حقيقية في الموازنة بين السرية والنجاح.
البدء بالغزو في الأحوال الجوية السيئة والمخاطرة بالفشل، أو التأخير وزيادة فرصة تسرب خطط الغزو.
كان رئيس الوزراء البريطاني حينها، ونستون تشرشل، قد فرض بالفعل حظرا على السفر والاتصالات بين بريطانيا وأيرلندا، في الشمال والجنوب، في 14 مارس/ أذار 1944.
لكن تقارير الطقس كانت ما تزال ترد من أيرلندا المحايدة بموجب اتفاقية موقعة بين الحكومتين في مايو/ أيار 1939.
وكانت معلومات وأحوال الطقس تصل من 10 محطات أرصاد جوية أيرلندية – بما في ذلك بلاكسود – كل ساعة. وفي الرابع من يونيو/ حزيران، وصلت المعلومات الحاسمة.
تزوجت مورين وتيد بعد الحرب، لكن لم يعرف أي منهما الدور الذي لعبوه في يوم النصر حتى عام 1956.
في ذلك العام، جرت أتمتة محطة الأرصاد الجوية ونقلها من المنارة إلى بلدة بيلموليت وشورك السر مع الزوجين.
كما أُعلن عنه بشكل علني أكثر في عام 2004 مع الكشف عن لوحة عند المنارة، وفي عام 2020، حصلت مورين فلافين سويني، البالغة من العمر 98 عاما آنذاك، على تكريم خاص من مجلس النواب الأمريكي لدورها في الحرب.
أهمية الطقس
ولو أُجل الغزو مرة أخرى حتى التاريخ التالي المتاح، وهو 18 يونيو/ حزيران 1944، لكانت النتائج مختلفة تماما.
في ذلك الأسبوع هبت أسوأ عاصفة منذ 40 عاما في القناة الإنجليزية وكان من الممكن أن تجعل عمليات هبوط الطائرات مستحيلة.
وفي عام 1961، أثناء ذهابه إلى حفل تنصيبه، سأل الرئيس، جون كينيدي، أيزنهاور ما الذي منحه الأفضلية في يوم الإنزال.
فأجاب “لأنه كان لدينا خبراء أرصاد جوية أفضل من الألمان”.
وقد راقب خبراء الأرصاد الجوية هؤلاء (مورين وتيد سويني) الطقس بعناية على الساحل الغربي الريفي لأيرلندا.