أخبار العالم

بروز أنجلوساكسوني يزاحم التكوين الفرنكوفوني في المناصب العليا بالمغرب



مباشرة بعد الكشف عن أسماء الأطر الذين جرى وضع الثقة الملكية فيهم لقيادة عدد من المؤسسات الاستراتيجية الوطنية، السبت الماضي، ذهب عدد من متتبعي الشأن السياسي الوطني إلى النبش في تكوينهم الأكاديمي، وتبين أن الأمر يتعلق بشخصيات مغربية نهلت من تكوين الجامعات الفرنسية في الغالب.

وبإعادة النبش في سيرة عدد من المسؤولين المغاربة الموجودين اليوم على رأس بعض الوزارات والمؤسسات الوطنية المعنية أساسا بتدبير جوانب المعيش المغربي، يتضح جليا كونهم من الأجيال التي درست في فرنسا، خصوصا في مدارس البوليتكنيك، بما فيها “مدرسة الطرق والقناطر” بباريس و”المدرسة الوطنية للإدارة” بستراسبورغ التي جرى تعويضها بـ”المعهد الوطني للخدمة العامة”.

وتجسد الثقة المستمرة في هذه البروفايلات نهجا وطنيا واضحا لاستقطابها ودفعها نحو تقلد المسؤولية بالبلاد والمساهمة في إنجاح الأوراش التنموية الكبرى، بينما تحاول دول أخرى استقطابها، في حين تعد الجامعات المغربية بدورها مشتلا لعدد من النخب الأفريقية التي باتت ترأس دولا وتدبر أمور وزارات ومؤسسات عسكرية.

وعلى هذا النحو، اتجه المغرب بدوره منذ سنوات إلى تأسيس جامعات متعددة التخصصات تقدم تكوينات في مجالات الحكامة والإدارة والتدبير العمومي والبوليتكنيك باتت تستقطب عددا من المغاربة الذين من غير المستبعد أن يتقلدوا بدورهم في العقود المقبلة مناصب مهمة في هرم الدولة، في الوقت الذي ظلت فيه بروفايلات أخرى ممن تلقوا تكوينات أنجلوساكسونية تؤثث فضاءات التدبير العمومي.

حفيظ الزهري، باحث في العلوم السياسية، قال إن “استمرار الرهان على الكفاءات المغربية خريجة المؤسسات الجامعية الفرنسية، بما فيها مدرسة القناطر بباريس، يعد نتيجة لنجاح التجربة الأولى فيما يخص تعيين بعض مسؤولي الإدارات الترابية من ولاة وعمال وخريجي هذه المدرسة ممن أعطوا إضافة نوعية للتدبير المجالي والترابي للمملكة”.

وأضاف الزهري، في تصريح لهسبريس، أن “المُعيّنِين سابقا ممن تخرجوا من المؤسسات الجامعية الفرنسية أبانوا عن نتائج جيدة في تنزيلهم للمشاريع الملكية بعدد من الأقاليم، بمن فيهم ولاة وعمال”، موردا أن “هذه التجربة كان لها تأثير في استمرار التوجه نحو تعيين الكفاءات المغربية التي درست في عدد من الدول، بما فيها فرنسا”.

وبيّن المتحدث أن “هنالك توجها لدى الدولة من أجل إعادة جذب الكفاءات المغربية المتواجدة بالخارج التي تستفيد منها الدول الأوروبية بالأساس، وهو ما اتضح بعد جائحة كورونا بانخراط المملكة في وضع كفاءاتها التي درست بالخارج، فرنسا على الخصوص، على رأس عدد من المؤسسات المهمة المنخرطة في تنزيل المشاريع الاستراتيجية بالبلاد”، معتبرا أن “جعل مثل هذه الكفاءات على رأس مؤسسات استراتيجية يعد بدفعة جديدة تدبيرية”.

من جهته، قال رشيد لزرق، أكاديمي رئيس مركز شمال أفريقيا للدراسات والأبحاث وتقييم السياسات العمومية، إن “هنالك حرصا مغربيا على استقطاب الكفاءات الوطنية التي درست بالخارج، خصوصا بمدارس البوليتكنيك الفرنسية، بالنظر إلى تجاربها وخبراتها وتوفرها على شبكة علاقات مع أطراف دولية”.

وأضاف لزرق، في تصريح لهسبريس، أن “المغرب بات يراهن على جذب أبنائه الذين اجتهدوا في تحصيلهم الدراسي وخاضوا تجارب بمختلف دول العالم، مما يؤهلهم ليكونوا على رأس مؤسسات وطنية ويساهموا من جهتهم في تنزيل الأوراش التنموية الكبرى التي انخرط فيها البلد، خصوصا وأنه مقبل على تنظيم تظاهرات دولية”.

ولفت المتحدث إلى أن “هؤلاء المغاربة الذين درسوا بالخارج وتوفروا على خلفية أكاديمية مهمة، يمثلون عنصرا مهما في إطار الديبلوماسية الاقتصادية الوطنية بالنظر إلى احتكاكهم مع نظرائهم بالخارج الذين بدورهم يمكن أن يشغلوا مناصب عليا في بلدانهم”، موضحا أن هذا الأمر لا يحيل على أي توجه نحو الاستمرار في الفرونكوفونية”.

وقال الأكاديمي ذاته إن “الجامعات المغربية بدورها تساهم في تنشئة عدد من النخب السياسية الأفريقية، وقد اتضح خلال السنوات الأخيرة أن عددا من خريجي المؤسسات الوطنية باتوا يشغلون مناصب سياسية في دولهم، خصوصا في المناصب العسكرية؛ فنحن اليوم نتحدث عن تعاون دولي في التكوين والتعليم الجامعي وتبادل للخبرات والتكوينات في مجالات التدبير والتسيير”، مبرزا أن “الاستعانة بالكفاءات المغربية من خريجي مؤسسات البوليتكنيك التي جرى تأسيسها مؤخرا، تتطلب على الأقل جيلا كاملا حتى نرى هذه الكفاءات على رأس المؤسسات الوطنية”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى