أخبار العالم

خبراء يروجون لجيل جديد من الأطباء المغاربة مسلحين بالذكاء الاصطناعي


لطالما شكلت الصحة مجالا حيث يتم تقدير الابتكار، ويكون حاسما في إنقاذ الأرواح؛ فعلى الرغم من التقدم التكنولوجي، فإن قطاع الصحة لا يزال يواجه تحديات مستمرة، حيث أكدت نتائج دراسة لمكتب الدراسات العالمي “برايس أند واتر”PWC أن تكاليف الرعاية الصحية ستزيد بنسبة 7 في المائة بنهاية السنة الجارية، بسبب إرهاق ونقص العاملين في قطاع الصحة، إضافة إلى مشاكل الأداء وارتفاع الأسعار.

ويتجه قطاع الصحة، وفق خلاصات جلسة نقاش عقدت على هامش معرض “جيتكس إفريقيا” بمراكش، تحت عنوان “إعادة تخيل الرعاية الصحية من خلال تعميم الذكاء الاصطناعي التوليدي”، نحو التقنيات الجديدة لتقديم رعاية طبية عالية الجودة بتكاليف منخفضة. وفي هذا الصدد، سيلعب الذكاء الاصطناعي دورا حاسما في مجال الصحة؛ من خلال توفيره لمزايا السرعة، وتحسين الدقة في التدخلات، وفتح الباب أمام تفعيل ابتكارات غير مسبوقة.

وأجمع المتدخلون خلال جلسة النقاش المذكورة على بروز الذكاء الاصطناعي التوليدي كقوة محفزة لتطوير القطاع الصحي، خصوصا على مستوى التكوين، وكذا من خلال تحسين عملية تصنيع الأدوية واللقاحات، وحل مشاكل التصنيف في التجارب السريرية التي تكتسي أهمية كبرى في توفير العلاجات وضمان نجاعتها.

أطباء الغد

اعتبر علي إدري، أستاذ بكلية علوم الصحة في جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية، الذكاء الاصطناعي عنصرا مهما اليوم بالنسبة إلى التعليم بشكل عام، ولا يهم الطب فقط، وإنما يمتد إلى مسارات تكوينية أخرى، موضحا أن اعتماد مشغل “شات جي بي تي” منذ نونبر 2022 غيّر بشكل كامل طريقة إلقاء الدروس مستقبلا.

وأشار إدري إلى أنه، على مستوى الكلية والجامعة، تم تطوير مشغلات “شات بوت” تقلص زمن استيعاب الطلبة للدروس خارج المدرجات، وتتيح لهم التحدث والمناقشة بشأن مضامين المادة موضوع الدرس؛ وبالتالي لم يعد الأستاذ محتاجا إلى تقضية فترة زمنية طويلة من أجل تلقين القواعد الأساسية التي أصبحت متوفرة على جميع المنصات الرقمية.

وأضاف الأستاذ الجامعي، في تصريح لهسبريس على هامش الحدث، أنه تم تعزيز هذا التوجه من خلال تطوير مشغلات ذكاء اصطناعي خاصة، تتيح للطلبة مشاهدة أستاذهم عبر المشغل، مؤكدا أنها طريقة لتحسين التعليم وتقليص الوقت والجهد، مشددا على أن كلية علوم الصحة بجامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية تعتبر الوحيدة في المغرب التي توفر لطلبتها دروسا في الذكاء الاصطناعي.

وذكر المصدر ذاته بأن إدارة كلية علوم الصحة بجامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية عملت بجهد على تطوير دروسها في الذكاء الاصطناعي التوليدي والرقمنة، على أساس تخريج أفواج من الأطباء مسلحين بهذه التكنولوجيا المتقدمة، موازاة مع السماح بتكوين مستمر للأطباء الذين سيمارسون بالمستشفى الجامعي الخاص؛ ما سيمكنهم من اكتساب التكنولوجيا المذكورة.

مساعدة شخصية

وحسب إفادات المتدخلين، يعد استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي كمساعد شخصي للأطباء من الابتكارات الواعدة في مجال الرعاية الصحية، حيث يمكن لهذا النوع من التكنولوجيا الاجتماعية تحسين كفاءة الأطباء وزيادة دقة التشخيص والعلاج، من خلال تحليل كميات كبيرة من البيانات الطبية بسرعة ودقة؛ ما يساعد الأطباء على اتخاذ قرارات أفضل بناءً على تحليل شامل للمعلومات المتاحة، فيما يمكنه مقارنة الأعراض والتاريخ الطبي للمريض مع قواعد بيانات ضخمة، ما يساعد في تحديد التشخيص الأكثر احتمالية وتقديم توصيات مخصصة للعلاج.

وأفاد أكد باتريك كاسياما، مدير عام المراكز الإفريقية لمراقبة الأمراض المزمنة والوقاية ومستشار في رقمنة الصحة، في تصريح لهسبريس على هامش الحدث، بأن تعميم الذكاء الاصطناعي جاء ليساعد مهنيي قطاع الصحة، وليس كمركب جديد سيحل محل العنصر البشري عند قيامه بمجموعة من المهام.

وفي هذا الصدد، اعتبر المستشار في رقمنة الصحة أن هذه التكنولوجيا ستوفر النجاعة والسهولة عند الاستغلال، مستدلا على ذلك بمشغل يمكن أن يوفر تشخيصا طبيا دقيقا للمريض بمجرد تزويده بمعطيات حول الأعراض وطبيعة الإصابة ومعلومات صحية أخرى.

وحسب كاسياما، يساعد الذكاء الاصطناعي في أداء المهام الروتينية؛ مثل تدوين الملاحظات الطبية، وجدولة المواعيد، وإدارة السجلات الطبية، مما يوفر وقت الأطباء للتركيز على الرعاية المباشرة للمرضى.

وأوضح المتحدث عينه أن بإمكان التكنولوجيا الجديدة تحليل البيانات والإبلاغ عن النتائج بسرعة؛ ما يسرع عملية اتخاذ القرار الطبي، إضافة إلى تقديم خطط علاج مخصصة بناءً على بيانات المريض الفريدة، بما في ذلك التاريخ الطبي، والوراثة، ونمط الحياة. كما تساعد هذه التكنولوجيا، أيضا، مراقبة تقدم العلاج وتعديل الخطة العلاجية، وفقا لاستجابة المريض.

وشدد المستشار في رقمنة الصحة على أهمية استخدام الذكاء الاصطناعي كمصدر تعليمي للأطباء والممرضين، حيث يقدم معلومات محدثة وتوصيات قائمة على أحدث الأبحاث والدراسات، مؤكدا أن بإمكانه محاكاة الحالات الطبية المعقدة لتدريب الأطباء على التعامل معها بفعالية، مشيرا إلى أن التعامل مع بيانات المرضى الحساسة يتطلب مستوى عاليا من الأمان لحمايتها من الاختراقات والانتهاكات على أساس التأكد من أن هذه التكنولوجيا تتماشى مع قوانين حماية المعطيات الشخصية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى