ازدحام البيضاء مشكلة خطيرة.. وجهود تطوير النقل الحضري ملهمة
استعرض تقرير حديث للبنك الدولي الأوجه الكبرى لإشكالية النقل الحضري بالعاصمة الاقتصادية للمملكة، الدار البيضاء، تزامنا مع تأريق هذا الواقع الساكنة البيضاوية وانخراط المؤسسات المنتخبة بأكبر حواضر البلاد في تنويع عرض المواصلات بالمدينة التي تعرف طفرة ديمغرافية مهمة، واستعدادا لاحتضان تظاهرات كبرى خلال القادم من السنوات.
وجاء ضمن التقرير أن “الازدحام المروري أصبح مشكلة خطيرة بمدينة الدار البيضاء، خصوصا في ظل الطلب المتزايد على النقل الحضري والنقص النسبي للاستثمار في هذا المجال في ظل استقبال المدينة ما يصل إلى 20 في المائة من سيارات المملكة”.
وأورد المصدر ذاته أن “الدار البيضاء تعيش طفرة ديمغرافية كبيرة؛ فرغم كونها تمثل جغرافيا أقل من 1 في المائة من التراب الوطني، إلا أنها تضم ما يصل إلى 13 في المائة من الساكنة المغربية، مع نزوح أكثر من 50 ألف شخص كل سنة إليها، في وقت تمثل ربع الناتج المحلي الوطني الإجمالي وتشكل مركزا فريدا من الناحية اللوجستية للاندماج ضمن الاقتصاد العالمي”.
وأبرز التقرير الذي صاغه ثلاثة من كوادر البنك الدولي متخصصون في مجال المواصلات أن “لظروف النقل الحضري بالمدينة تأثيرا ضارا بشكل خاص على النساء والشباب والفئات الضعيفة، حيث يكلف عادة الأسر ما بين 10% و20% من دخلها”، مشيرا إلى “مساهمة وسائل النقل الحضري في تغير المناخ بالبلاد، في وقت تسجل نسبة تلوث الهواء بالمدينة أكثر من المعدل المُوصى به من قبل منظمة الصحة العالمية”.
في المقابل، أشاد المصدر ذاته بـ”الجهود التي بذلتها الحكومات المغربية والجماعات الترابية لتطوير النقل الحضري بالقلب الاقتصادي النابض للمملكة، حيث تم إعداد مخطط رئيسي سنة 2007، يجري تحدثيه حاليا، إضافة إلى استثمار أكثر من ملياري دولار أمريكي لتحسين ظروف التنقل داخل التجمعات السكنية، كما جرى تنفيذ العديد من المشاريع لتحسين الوصول إلى خدمات النقل مع ضمان جودتها واستدامتها”.
في السياق نفسه، ذكر التقرير المنشور بمُدونة البنك الدولي أن “جهود الحكومة انصبت على تطوير أسطول الحافلات في هذه المدينة باعتبارها وسيلة النقل الأكثر استخداما، حيث تم إطلاق نظام النقل السريع بالحافلات (BRT) المبتكر والفعال للحافلات المفصلية على مسارات مخصصة، في مارس الماضي، بدعم من البنك الدولي”، موردا أن “هذه الإجراءات والأوراش ستساهم في تقليص مدة الرحلات من المناطق ذات الكثافة السكانية العالية مثل عين الشق والسالمية والرحمة إلى وسط مدينة الدار البيضاء بما لا يقل عن 30 دقيقة”.
الوثيقة التي اشتغل على إعدادها المختصون نبيل سمير، دومينيك مينستر وكلوتيلدباتيلا، لفتت إلى “الجهود المنصبة على تحسين مؤشرات السلامة الطرقية”، موضحة على صعيد آخر أن “الحكومة المغربية تعمل في الوقت الحالي من خلال المكتب الوطني للسكك الحديدية على توسيع خدمات النقل عالي الجودة في الدار البيضاء الكبرى من أجل ربط الضواحي والبلدات المجاورة”.
وخلص التقرير إلى أن “تجربة تطوير برنامج النقل الحضري في العاصمة الاقتصادية يمكن أن تشكل مصدر إلهام من أجل توسيعه وتكرار هذه التجربة في مدن عدة أخرى في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا”، مشددا على أن “مشاريع النقل الحضري لا يمكن أن تنجح إلا في إطار مقاربات شاملة ومتكاملة ومستدامة وتشاركية”.
وفي الختام، اعتبر معدو التقرير أن “الحكومة في المغرب، بدعم من البنك الدولي، تعمل على تحسين صورة الدار البيضاء من خلال تحديث بنياتها التحتية ومخططات إعادة التهيئة والتصميم التي تتوخى التحديث بما يتماشى مع متطلبات المواطنين والرهانات الكبرى التي تنتظر المغرب”.
ويأتي التقرير المنشور بمدونة المؤسسة المالية المذكورة في ظل استمرار مجلس المدينة في تطوير العرض الخاص بشبكة الترامواي، بما فيها العمل على إطلاق الخطين الثالث والرابع، فضلا عن التخطيط للشروع في أشغال القطار الجهوي (RER) التي من المرتقب أن تنطلق مع نهاية السنة الجارية.
ولاحت في الفترة السابقة مطالب بإحداث “المترو” استعدادا للتظاهرات التي من المنتظر أن تستقبلها المدينة، غير أن مسؤولين منتخبين أكدوا في وقت سابق لهسبريس أن “المشروع يتطلب إمكانات مالية مهمة، برنامج عمل الجماعة المحدد لا يتضمن الانخراط في إحداثه في الوقت الراهن على الرغم من أهميته”، في وقت “تنكب شركة التنمية المحلية على توسيع شبكة الترامواي بشكل أساسي”.