“لا يوجد سبب لتأجيل استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البحرين وإيران”
قال ملك البحرين، حمد بن عيسى آل خليفة، خلال اجتماع مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو يوم الخميس إنه “لا يوجد سبب لتأجيل استئناف العلاقات الدبلوماسية بين المملكة وإيران”.
وأضاف الشيخ حمد أن المملكة تتطلع إلى تحسين علاقاتها مع طهران، وذلك حسبما نقلت وكالة الأنباء الرسمية في البحرين.
وتعد تلك التصريحات مؤشرا لتقارب محتمل بين الدولتين.
ولطالما ألقت مملكة البحرين، التي تستضيف الأسطول الخامس للبحرية الأمريكية، باللوم على طهران في إثارة الأغلبية الشيعية من سكانها ضد النظام الملكي السني في البحرين.
وأشار ملك البحرين في تصريحاته إلى تطلع بلاده بدعم الدول العربية وروسيا إلى “تحقيق مبادئ حسن الجوار، وذلك للحفاظ على علاقات طبيعية ودبلوماسية وتجارية وثقافية مع دول الجوار”، مؤكدا أن “دعم روسيا والرئيس بوتين هو شيء مرحب به من جانب أهل البحرين وجلالته بشكل شخصي”.
وأعرب الملك حمد في مقطع فيديو متداول عن تطلعه لتحسين العلاقات بين بلده وإيران، مشيرا إلى أن “أهل البحرين يحبون إيران وتاريخها ويحبون زيارتها”.
ما طبيعة العلاقات بين البلدين؟
اتسمت العلاقات بين إيران والبحرين بالتوتر أو القطيعة، حيث إن كثيرين من سكان البحرين ينتمون للطائفة الشيعية، القريبة روحيا ودينيا من إيران التي تمثل المعسكر الشيعي في الشرق الأوسط، بينما تحكم البحرين أسرة من الأقلية السنية.
ومن ثم تشكل البحرين ساحة للتنافس بين إيران ومنافسها الإقليمي القوي السعودية، التي تمثل المعسكر السني بالمنطقة، وتتأثر البحرين بأي تطور في العلاقات بين طهران والرياض.
وتسعى إيران لتعزيز نفوذها بالمنطقة، منذ قيام الثورة الإسلامية فيها عام 1979.
وتستخدم في ذلك وكلاء أو جماعات شيعية موالية لها مثل جماعة أنصار الله الحوثيين في اليمن، وحزب الله اللبناني وبعض الفصائل والأحزاب العراقية، كما أنها تتمتع بعلاقات وثيقة أيضا مع حركة حماس الفلسطينية (السنية)، إذ يجمعهما في هذه الحالة عداؤهما المشترك لإسرائيل.
وكانت البحرين الدولة الخليجية الوحيدة، التي دعمت الضربات الأمريكية والبريطانية ضد الحوثيين المتحالفين مع إيران في اليمن، في وقت سابق من هذا العام، بعد أن شنت تلك الجماعة هجمات في البحر الأحمر ضد سفن الشحن.
وانضمت البحرين للتحالف متعدد الجنسيات في البحر الأحمر، لصدّ هجمات جماعة أنصار الله الحوثي التي استهدفت سفناً تابعة لإسرائيل أو لدولٍ داعمة لها، إثر الحرب في غزة، وأثار ذلك الانضمام رفضا شعبيا في البحرين ونُظم معارضون وقفات مناهضة لذلك.
وتستضيف البحرين الأسطول الأمريكي الخامس، وهو أسطول تابع لسلاح البحرية الأمريكي، يتخذ من المياه الإقليمية المقابلة للبحرين قاعدة له. وتُعد مملكة البحرين من أقدم الدول العربية التي أقامت تعاوناً عسكرياً مع الولايات المتحدة، وبعد حرب الخليج الثانية، وقعت المنامة وواشنطن اتفاقاً عرف باسم “التعاون الدفاعي”.
كما تعاملت الحكومة البحرينية بشدة مع الاحتجاجات الشعبية في عام 2011 عندما تظاهر محتجون، كثيرون منهم من الأغلبية الشيعية، للمطالبة بإسقاط النظام الملكي في البحرين خلال ذرة فترة الربيع العربي. وألقت البحرين باللوم جزئيا في تلك الاضطرابات على إيران وهو اتهام نفته طهران.
تأثير السعودية وإسرائيل
لم تستقر العلاقات بين طهران والسعودية منذ عام 1979 حتى وإن شهدت تحسنا في بعض المراحل، وهو ما يلقي بظلاله على العلاقات بين طهران والمنامة.
واتهمت البحرين إيران مرارا بمحاولة الإطاحة بحكومتها، من خلال انقلاب أو دعم ثورة مسلحة أو حتى دعم المعارضة المدنية المتمثلة في أحزاب وجمعيات شيعية.
وفي عام 2016، قطعت السعودية علاقاتها الدبلوماسية مع إيران بعد تعرض مقار دبلوماسية سعودية في إيران لهجمات وتخريب من محتجين، ردا على إعدام رجل الدين الشيعي البارز في السعودية، نمر النمر.
واستتبع ذلك أن قطع أيضا عدد من الدول العربية والأفريقية علاقاتها الدبلوماسية مع إيران، ومن بين هذه الدول البحرين.
وبعد الاتفاق الثنائي بين إيران والسعودية، والذي جاء برعاية الصين في مارس/آذار 2023، وبعد سبع سنوات من القطيعة، أصبحت طهران والمنامة أيضا على وشك استعادة العلاقات بعد زيارات دبلوماسية متبادلة لم يعلن عنها.
لكن طهران ظلت تشترط على المنامة تحسين أوضاع مواطنيها من الشيعة، بعد الأحداث التي شهدتها البحرين في فبراير/ شباط 2011 وما تبعها من تداعيات سياسية وحقوقية.
ويثير التقارب بين إيران ودول الخليج مخاوف الولايات المتحدة وكذلك إسرائيل، التي لوحت في مرات عديدة بمهاجمة المواقع النووية الإيرانية لمنع طهران من صنع القنبلة النووية، محذرة من تداعيات إقدام إيران على تسوية علاقاتها بعدد من الدول العربية وخاصة الخليجية.
وفي المقابل فإن التقارب بين البحرين وإسرائيل يثير قلق إيران.
وفي أكتوبر/ تشرين الأول عام 2020، دشنت البحرين علاقاتها الدبلوماسية الرسمية مع إسرائيل، لتصبح رابع دولة عربية تفعل ذلك بعد مصر والأردن والإمارات.
وتشارك دول الخليج العربية إسرائيل مخاوفها من تعزز النفوذ الإيراني في المنطقة، وإمكانية حيازة طهران لسلاح نووي.
ورغم توقيع المنامة لاتفاقيات أمنية عديدة مع دول الخليج أو الولايات المتحدة، لم يزعج ذلك طهران بقدر انزعاجها من تطبيع العلاقات البحرينية الإسرائيلية الذي تعتبره تهديدا خطيرا لأمنها القومي.