تصريحات عدائية ترسخ عقدة رموز النظام العسكري الجزائري من النجاحات المغربية
يبدو أن خطاب النخب السياسية والبرلمانية في الجزائر يأبى أن يتخلص من عقدة المغرب التي لازمته لعقود من الزمن، من خلال بناء بنيته المفاهيمية على العداء للمملكة؛ بل وإقحامها في كل المشاكل التي تتخبط فيها الدولة الجزائرية نتيجة الخيارات الاقتصادية والسياسية لصناع القرار في قصر المرادية.
وفي هذا الصدد، قال عبد الوهاب بن زعيم، السيناتور الجزائري والقيادي في حزب جبهة التحرير الوطني “أفلان”، خلال تصريحات إعلامية، إن “المغرب عدو لنا.. وأنا طالبت بفرض تأشيرة على كل المغاربة وعلى كل مغربي يدخل الجزائر بقبعة مغربية أو إسرائيلية لكي نتقي شرهم”، بتعبيره.
وأضاف بن زعيم: “أحببنا أم كرهنا فهم يكنون لنا العداء. ولذلك، وجب أن نفتح أعيننا.. ويجب أن نحتاط وأن نقف مع قياداتنا السياسية والعسكرية لتجنب كل المخططات العدوانية من المغرب”، بتعبيره دائما.
طه دربال، وزير الري في حكومة نذير العرباوي، وجّه هو الآخر، على هامش مشاركته في المنتدى العالمي للماء في أندونيسيا، سهامه تجاه الرباط التي اتهمها بـ”الإضرار بالتوازن البيئي وتجفيف بعض السدود والمناطق في الجزائر”.
في تعليقه حول هذه التصريحات، قال شوقي بن زهرة، ناشط سياسي جزائري معارض، إن “تصريحات المسؤولين والسياسيين الجزائريين، التي يحاولون دائما من خلالها إقحام اسم المغرب في أي موضوع كان في محاولة لتبرير فشل النظام على جميع الأصعدة وإلصاق هذا الفشل بالمملكة، إنما تفضح في الحقيقة عقدة هذا النظام من الجارة الغربية”.
وأضاف بن زهرة، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “الهوس بالمغرب صار حالة مرضية مزمنة أصيب بها العقل السياسي الجزائري؛ من خلال تشبعه بنظرية المؤامرة التي صارت تؤطر خطابه السياسي الداخلي وكذا الخارجي بغية تبرير انتكاسة النظام وفشل سياساته الاقتصادية والتنموية وسياسته الخارجية”، موضحا أن “هذه الحالة المرضية اشتدت في السنوات الأخيرة، لتشمل كل المجالات السياسية والاقتصادية والرياضية”.
وأشار المتحدث ذاته إلى أن “كل هذه التصريحات تكشف، في الحقيقة، توجس رموز النظام الجزائري من النجاحات التي حققها المغرب دبلوماسيا وسياسيا واقتصاديا بل وحتى فلاحيا، حيث باتت منتجاتها الزراعية تغزو كل الأسواق الأوروبية؛ فيما تستمر النخب الجزائرية في الترويج لخطابات ميتافيزقية وكأن وزير الري الجزائري في هذه الحالة يريد يقول بأن الرباط هي المسؤولة عن الاحتباس الحراري”.
من جهته، قال محمد عطيف، باحث في الشؤون السياسية والدولية، إن “النظام المتحكم في ميكانيزيمات القرار في الجزائر بنى شرعيته على عقيدة العداء للمغرب والخطر الذي يشكله هذا الأخير على الأمن القومي الجزائري باعتبارهما أصلا تجاريا يضمن وجوده واحتكاره لصناعة القرار في هذا البلد”، مسجلا أن “الجزائر تراهن أكثر من ذلك على تثبيت هذا العداء وصناعة وهم العدو المغربي في مخيلة الشعب الجزائري، سواء من خلال تصريحات المسؤولين أو من خلال وسائل الإعلام التي تم تدجين خطابها بناء على هذا التوجه”.
وأوضح عطيف، ضمن تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “المؤسف هو صدور هذه التصريحات عن شخصيات سياسية كان يُفترض فيه العمل على تصحيح مسار الخطاب السياسي في بلادها والعمل على تجاوز النقائص التي تعتريه بما يتلاءم مع الاحتياجات الحقيقية للمواطن الجزائري الذي يتخبط في مجموعة من المشاكل”، مسجلا أن مثل هذه التصريحات تتنافى مع مبادئ القانون الدولي والأعراف الدولية التي تؤكد على ضرورة احترام حسن الجوار.
وبيّن الباحث في الشؤون السياسية والدولية إلى أن “النظام الجزائري إنما يحاول من خلال كل هذه المحاولات تكريس التفرقة وزرع الفتنة وتسميم العلاقات ما بين شعوب المنطقة؛ وهو ما يدل على استمرار المحاولات الجزائرية لعزل المغرب عن فضائه الإقليمي، وهي المحاولات التي بدت جلية من خلال مجموعة من الخطوات الأخيرة التي تؤكد زيف شعارات الوحدة المغاربة والإسلامية التي طالما تغنى بها هذا النظام”، مؤكدا أن “الرباط واعية تماما بهذه المحاولات، وتتجاهلها بالمضي قدما في اتجاه تقوية صفها الداخلي والسير قدما في اتجاه تثبيت خياراتها الدبلوماسية والاقتصادية الكبرى”.