نقطة حوار-إلى أين سيمضي التوتر في العلاقات بين مصر وإسرائيل؟
“الهجوم الإسرائيلي على رفح يهدد 45 عاماً من السلام مع مصر”، هكذا عنونت صحيفة (ذا وول ستريت جورنال)، الأمريكية ، مقالها الذي نشرته، في عددها الصادر الثلاثاء 14 أيار/ مايو، وكتبه مجموعة من مراسليها في الشرق الأوسط عن التوتر الذي بات ملحوظا، في العلاقات بين البلدين، اللذين تربطهما معاهدة للسلام وُقعت عام 1978 ، بفعل الحرب الدائرة في غزة، والعمليات العسكرية الإسرائيلية الدائرة، في منطقة رفح الواقعة على الحدود بين غزة ومصر.
وتنقل الصحيفة في مقالها عن مسؤولين مصريين قولهم، إن مصر تدرس خفض العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، من خلال سحب سفيرها لدى الدولة العبرية، كما تشيرالصحيفة، إلى أن عملية إسرائيل العسكرية في رفح، زادت من الضغط على العلاقات المتوترة بالفعل بين البلدين، وهو ما يمثل أيضا بدوره، تحديا للإدارة الأمريكية نظرا لدور مصر، كوسيط رئيسي في المحادثات غير المباشرة، التي تجري بين حماس وإسرائيل، والتي كانت آخر جولاتها في القاهرة.
ورغم إشارتها، لإمكانية أن تكون معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، والموقعة عام 1978 ،عرضة للخطر بفعل التوتر المتصاعد، فإن وول ستريت جورنال تنقل عن محللين قولهم، إنه ونظرًا لأن لكل من مصر وإسرائيل مصلحة، في الحفاظ على المعاهدة، فإن الإجراءات الدبلوماسية التي تقوم بها مصر، ما هي إلا وسيلة للضغط على كل من إسرائيل والولايات المتحدة، دون قطع العلاقات بشكل كامل وفقا لما تقوله الصحيفة.
وتنقل الصحيفة عن عوفير وينتر، الخبير في العلاقات الإسرائيلية – المصرية في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، قوله إنه بدون تفاهم بين البلدين، حول كيفية اندلاع الحرب، ستستمر العلاقات في التدهور، لكن الصحيفة تخلص في مقالها إلى أن “إسرائيل بحاجة إلى مصر كوسيط في صفقة تبادل الرهائن، وستحتاج إليها لتحقيق الاستقرار في الوضع في غزة في أي سيناريو مستقبلي بعد الحرب”.
الانضمام لجنوب إفريقيا
وكانت مصر قد أثارت جدلا واسعا، خاصة في الإعلام الإسرائيلي، عندما أعلنت الأحد 12 أيار/مايو، اعتزامها التدخل رسميا، لدعم الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا، ضد إسرائيل، أمام محكمة العدل الدولية، للنظر في انتهاكات الأخيرة لالتزاماتها، بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية، والمعاقبة عليها في قطاع غزة.
وأشارت صحيفة (يديعوت آحرونوت) الإسرائيلية، في تعليقها على الخطوة المصرية، إلى أنها تأتي في وقت، يسود فيه القلق بين الأوساط السياسية والعسكرية الإسرائيلية، من أن تصدر محكمة العدل الدولية أمرًا، بوقف القتال في رفح، ونقلت الصحيفة عن مسؤول إسرائيلي بارز قوله إن “الإخطار المصري للمحكمة يعكس المستوى المتدني الذي وصلت إليه العلاقات بين البلدين”، مضيفا بأن “الرسالة المصرية إلى لاهاي ليست هي ما يزعجنا، بل حقيقة أنها جزء من إشكالية كاملة لها عواقب على العلاقات بين البلدين”.
وأكدت (يديعوت آحرونوت)، على أن الغضب الإسرائيلي، لايتعلق بأن مصر توجهت إلى لاهاي فقط، بل في ما يتعلق أيضا بإغلاقها معبر رفح، أمام المساعدات الإنسانية، من أجل تحويل الضغوط الدولية لتقع على إسرائيل ، مشيرة إلى أن إسرائيل، تجري محادثات مع القاهرة، عبر قنوات رفيعة لإقناعها بفتح معبر رفح.
من جانبها علقت صحيفة معاريف الإسرائيلية أيضا، على الخطوة المصرية قائلة، إنه خلال الأيام الأخيرة في مصر، سُمعت تهديدات صريحة تدعو لإنهاء العلاقات بين البلدين إلى حد تعليق أو إلغاء اتفاق السلام. ونقلت الصحيفة عن المحلل السياسي الإسرائيلي الدكتور أوفير وينتر، الباحث في معهد دراسات الأمن القومي ، والمحاضر بجامعة تل أبيب، قوله إن إعلان مصر انضمامها، إلى دعوة جنوب أفريقيا ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية في لاهاي، يعد تصعيدا في التوتر المسجل بين تل أبيب والقاهرة، منذ دخول إسرائيل إلى رفح.
وأضاف وينتر أن مسؤولين في إسرائيل، يدركون أن بايدن ارتكب خطأ فادحا، من خلال حديثه عن حظر الأسلحة لإسرائيل، وهو ما استغلته مصر بعد أن تأكدت من توتر علاقات واشنطن بتل أبيب، ومن ثم قررت الذهاب إلى المحكمة الدولية ضد إسرائيل، في ظل الأزمة الإنسانية المتفاقمة في قطاع غزة.
وكان مصدر إسرائيلي رفيع قد قال لموقع i24NEWS (إسرائيل 24) الإخباري الإسرائيلي، الإثنين 13 آيار/مايو إن مسؤولين عسكريين مصريين، ألغوا فجأة اجتماعات كانت مقررة لهم، مع نظرائهم الإسرائيليين، بعد سيطرة الجيش الإسرائيلي على الجانب الفلسطينيي من معبر رفح، ونقل الموقع عن مصادر إسرائيلية أخرى، قولها إن الإلغاء المفاجئ من جانب العسكريين المصريين، يشير إلى تفاقم الأزمة الدبلوماسية بين البلدين.
تجميد أو قطع العلاقات مستحيل
ورغم الحديث المتواتر عن ذلك التوتر، في العلاقات بين الجانبين المصري والإسرائيلي، إلا أن مراقبين كثر، يرون أن التصريحات المتتالية من الجانب المصري، بشأن تخفيض العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، وإحتمالات إلغاء معاهدة السلام لاتبدو جادة، وقد تكون في جانب كبير منها، نوعا من الاستهلاك المحلي، ويعتبر هؤلاء أن هناك استحالة في الواقع، لتجميد أو قطع العلاقات بين مصر وإسرائيل.
ويرد هؤلاء المراقبين استحالة قطع العلاقات بين البلدين، إلى أسباب عدة أهمها على الإطلاق العامل الاقتصادي إذ ترتبط مصر باتفاقات غاز مع إسرائيل، واتفاقيات اقتصادية منها ( الكويز)، التي تُدخل الصادرات المصرية إلى السوق الأمريكية،هذا بجانب العلاقات الوثيقة لرجال أعمال مصريين، مع الشركات الإسرائيلية.
بجانب كل ذلك، فإن طول فترة السلام بين مصر وإسرائيل، أدت إلى حالة من التداخل العضوي بين البلدين، في جوانب عدة أهما الجانب الاقتصادي، في ظل دعم متواصل من قبل إسرائيل، للمؤسسة الحاكمة في مصر، واشتراك الجانبين في العداء لجماعة الإخوان المسلمين، التي تمثل حركة حماس أحد وجوهها.
إلى أين سيمضي التوتر في العلاقات بين مصر وإسرائيل؟
هل يمكن أن يؤدي التوتر بين مصر وإسرائيل فعلا إلى إلغاء معاهدة السلام بينهما وفق ما تتوقع الـ( وول ستريت جورنا)؟
كيف ترون الخطوة المصرية بالإنضمام لدعوى جنوب إفريقيا أمام محكمة العدل الدولية للنظر في انتهاكات إسرائيل في غزة؟
هل تعتقدون بأن إسرائيل مهتمة في الواقع بأي خطوات مصرية مضادة؟
ماتقييمكم لما يقوله بعض المراقبين من استحالة قطع العلاقات بين إسرائيل ومصر بفعل التداخل الاقتصادي الكبير؟
وكيف ترون مايقال أيضا عن أن التصريحات المصرية بشأن اتخاذ خطوات مضادرة وسحب السفير لاتعدو أن تكون “بالونات اختبار” وتستهدف “الاستهلاك المحلي”؟
سنناقش معكم هذه المحاور وغيرها في حلقة الأربعاء 15 أيار/ مايو
خطوط الاتصال تفتح قبل نصف ساعة من البرنامج على الرقم 00442038752989.
إن كنتم تريدون المشاركة عن طريق الهاتف يمكنكم إرسال رقم الهاتف عبر الإيميل على nuqtat.hewar@bbc.co.uk
يمكنكم أيضا إرسال أرقام الهواتف إلى صفحتنا على الفيسبوك من خلال رسالة خاصة Message
كما يمكنكم مشاهدة حلقات البرنامج من خلال هذا الرابط على موقع يوتيوب