حرب غزة: ماذا نعرف عن “المنطقة الإنسانية الموسعة” التي خصصتها إسرائيل للنازحين من رفح؟
- Author, أحمد نور وشيرين شريف
- Role, بي بي سي لتقصي الحقائق
دعا الجيش الإسرائيلي سكان الأحياء الشرقية لمدينة رفح في جنوب قطاع غزة إلى إخلاء المنطقة، تمهيداً لعملية برية.
وأعلن الجيش الإسرائيلي أن عملية إخلاء المناطق الشرقية لرفح تشمل نحو 100 ألف شخص. وشنت إسرائيل غارات جوية على رفح يوم الاثنين السادس من مايو/آيار، وطلبت من الفلسطينيين إخلاء أجزاء من المدينة الواقعة في جنوب غزة.
فريق بي بي سي لتقصي الحقائق فحص التعليمات والمنشورات التحذيرية وأيضاً رصد المناطق الجديدة المتوقع أن تستقبل نازحي رفح.
تضمنت التعليمات الإسرائيلية المنشورة خريطة تحدد تسع مناطق في جنوب شرق رفح، حيث يقول الجيش الإسرائيلي إن هذه المنطقة ستكون مسرحاً للعمليات العسكرية ضد “المنظمات الإرهابية”.
وتشمل هذه المناطق أحياء الشوكة والسلام والجنينة واليرموك، بالإضافة إلى الأراضي الزراعية القريبة من معبر كرم أبو سالم. وتبلغ مساحة هذه المناطق حوالي 30 كيلومتراً مربعاً.
وبحسب الأمم المتحدة فإن منطقة الإخلاء تضم تسعة مواقع لإيواء النازحين، فضلاً عن ثلاث عيادات طبية.
وتضم المنطقة التي طالب الجيش الإسرائيلي بإخلائها معبر رفح البري على الحدود مع مصر، وهو المعبر الرئيسي الذي تمر عبره المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.
وقالت متحدثة باسم وكالة الأونروا، لويز ووتردج، لبي بي سي نيوز عربي: “لم نتلق أي مساعدات خلال يومي الإثنين والثلاثاء.”
وأضافت أن عدم وصول المساعدات إلى معبر رفح سيكون له “تأثير كارثي كبير على قطاع غزة”.
“المنطقة الإنسانية الموسعة”
وقد حددت الخرائط الإسرائيلية المناطق التي يتعين على النازحين التوجه إليها، وتشمل منطقة تمتد شمالاً على طول ساحل البحر الأبيض المتوسط من المواصي، والتي كان الجيش الإسرائيلي قد صنفها “منطقة إنسانية” منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
لكن التعليمات الجديدة ضمت مساحات من خان يونس ووسط مدينة دير البلح إلى “المنطقة الإنسانية الموسعة”.
تبلغ مساحة المنطقة الإنسانية الجديدة حوالي 60 كيلومتراً مربعاً.
وقال الجيش الإسرائيلي إن المنطقة الإنسانية الموسعة تشمل “مستشفيات ميدانية وخيام وكميات اضافية من الغذاء والمياه والأدوية والإمدادات”.
ولم يقدم الجيش الإسرائيلي أي معلومات حول مواقع الخيام للأشخاص الذين سيتم إجلاؤهم.
مناطق مدمرة
فريق بي بي سي لتقصي الحقائق قام بتحليل صور الأقمار الصناعية الملتقطة في السادس من مايو/آيار الجاري لهذه المناطق الإنسانية الموسعة.
أظهرت الصور خياما جديدة غرب خان يونس تم نصبها في 24 أبريل/نيسان. ويبلغ عدد هذه الخيام الجديدة حوالي 200 خيمة، والتي وفقاً لمعايير الأمم المتحدة يمكن أن تستضيف 1000 شخص فقط.
وبخلاف ذلك لا يوجد أي تغيير ملحوظ آخر في عدد الخيام في المنطقة الإنسانية الموسعة، بل أظهرت الصور تدميراً شديداً في المناطق التي يفترض أن ينزح إليها سكان شرق رفح.
وكشفت الصور أن غالبية الكتل السكنية التي وصفها جيش الإسرائيلي بأنها مناطق إنسانية في خان يونس تعرضت لأضرار جسيمة.
وصرح جيمس إلدر، المتحدث الرسمي باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) مؤخراً أن “خان يونس ليست خياراً للفلسطينيين الفارين”. وأضاف أن “قدرة الفلسطينيين على التكيف قد تحطمت”.
وقال لبي بي سي: “ليس هناك مكان للذهاب إليه. خان يونس أصبحت أنقاضاً. لقد تجولت في شوارع خان يونس وكانت مدمرة تماماً”.
تُظهر صور الأقمار الصناعية الأخيرة للمناطق الإنسانية الموسعة في دير البلح أنها مأهولة بالسكان ويوجد بها عدد من الخيام. لكن هذه الخيام كانت موجودة بالفعل منذ شهر مارس/آذار الماضي. ولا يوجد تغير ملحوظ في عدد الخيام في الأسابيع الأخيرة.
خطأ في التحذيرات
ورصد فريق بي بي سي لتقصي الحقائق خطأ في تحذيرات الإخلاء التي أصدرتها إسرائيل لسكان رفح.
المناطق المظللة كمناطق إنسانية في المنشورات التي يتم توزيعها من قبل جيش الإسرائيلي غير متسقة، وهو ما قد يسبب إرباكاً للنازحين.
في إحدى المنشورات، كانت الكتلة رقم 39 ملونة بالكامل ومُصنفة على أنها منطقة آمنة، بينما في منشور آخر تم تصنيف نحو نصف الكتلة فقط على أنها منطقة آمنة.
وفي تصريحات لفريق تقصي الحقائق، قالت لويز ووتردج، متحدثة باسم وكالة الأونروا: “سوف نمتنع عن وصف أي منطقة على أنها منطقة آمنة، لكن هناك مناطق معينة سمعنا عنها مثل المواصي”.
وأضافت: “لقد زرت المواصي بنفسي في الأسبوع الماضي. إنها مهجورة للغاية، والبنية التحتية قليلة هناك”.
وقالت غادة الكرد، وهي أم لطفلين، نزحت ست مرات خلال الأشهر الأربعة الماضية، لبي بي سي إنها تعيش على بعد 15 دقيقة فقط من إحدى المناطق التي تم إخلاؤها، لكنها لا تزال في مكانها في الوقت الحالي.
وأضافت: “أنا في حيرة من أمري… ليس لدي مكان أذهب إليه. كان هذا آخر مكان أعرفه”.
وتابعت: “إذا أردت العودة إلى خان يونس فلا يوجد مكان – لقد تم تدميرها بالكامل. المناطق في المواصي مزدحمة ولم أعد أستطيع العيش داخل خيمة، فالجو شديد الحرارة وصحتي لا تسمح بأن أكون في مثل هذا الوضع”.
وأردفت أنه وفيما يتعلق بدير البلح “هناك الكثير من الضربات الجوية هناك، وهي منطقة خطرة للغاية”.
وقد تواصلنا مع الجيش الإسرائيلي للحصول على رد على ما ورد في تحقيقنا، لكن لم نتلق رداً مباشراً على أسئلتنا حتى الآن.
وقد صرح الجيش الإسرائيلي في وقت سابق أن أمر الإخلاء “المحدود” و”المؤقت” يهدف إلى “إبعاد الناس عن الأذى”.
وأضاف الجيش في بيان أن “جيش الدفاع الإسرائيلي يشجع سكان شرق رفح على التقدم نحو المنطقة الإنسانية الموسعة”.
وقال الجيش إن قواته ستواصل ملاحقة عناصر حماس “في كل مكان في غزة حتى يعود جميع الرهائن الذين تحتجزهم إلى ديارهم”.
شارك في إعداد التقرير بول كوزياك ولميس الطالبي.