مربو الحشرات يلجأون للذكاء الاصطناعي لمساعدتهم في خفض التكاليف
- Author, ماري لو كوستا
- Role, بي بي سي
يعمل فيليكس كولينز في تجارة الحشرات، وهي مهنة ربما تكون غير مناسبة لأي شخص يشعر بحساسية تجاه الحشرات.
أسس كولينز شركة أطلق عليها “فول سيركل” للتكنولوجيا الحيوية، وهو مسؤول عن تربية 20 مليون يرقة لذبابة “الجندي الأسود”.
وتربي الشركة، وهي منشأة صغيرة مغلقة تقع على مشارف بانكوك، الحشرات لإنتاج العلف الحيواني لمزارع الجمبري والخنازير في البلاد.
وتتغذى اليرقات، التي تعيش في بيئة مظلمة ودافئة ورطبة، على مخلفات الفاكهة والخضروات من الشركات المصنعة للأغذية والمشروبات، قبل تجميعها ودمجها مع بكتيريا البروبيوتيك والفطر.
ويقول كولينز إن منتجه يعد بديلا محافظا على البيئة مقارنة بالأعلاف الحيوانية التي تعتمد على فول الصويا والمنتشرة في السوق، لا سيما بعد اعتراضات مؤخرا على وجود صلة تربط هذه الأعلاف الحيوانية بقضية إزالة الغابات في أمريكا الجنوبية.
كما يقول إن أعلاف شركته التي تعتمد على الحشرات لها بصمة كربونية “أقل 100 مرة من تلك الموجودة في دقيق الصويا”.
وتتفق الدراسات العلمية على أن تلك الأعلاف التي تعتمد على الحشرات بشكل عام لها بصمة كربونية أقل، بيد أن ذلك يحدث فقط عندما تتغذى اليرقات على مخلفات الطعام الطبيعية، بيد أنه إذا تغذت الحشرات على مصدر غذائي خضع لعمليات معالجة، فإن إحدى الدراسات العلمية تقول إنه في هذه الحالة تنتج الأعلاف المعتمدة على فول الصويا كمية أقل من الكربون.
ويضيف كولينز أن العلف الذي تصنعه شركته يحتوي على ما نحو 70 في المائة من البروتين، مقارنة بفول الصويا الذي يحتوي على أقل من 50 في المائة من البروتين، ما يجعل علف الحشرات أكثر قيمة غذائية.
وكانت شركة “فول سيركل” قد تأسست في عام 2019، ويعمل بها حاليا 14 شخصا، وتورد منتجها إلى 49 مزرعة في شتى أرجاء تايلاند، وتخطط لزيادة انتاجها مستقبلا، بيد أنها تواجه عقبات، فالأعلاف التي تعتمد على فول الصويا أرخص بكثير في الوقت الراهن.
ويبلغ سعر الطن من علف فول الصويا 460 يورو، مقارنة بـ 1,400 يورو للعلف الذي يعتمد على الحشرات، وفقا لمقارنة أوروبية في وقت سابق من العام الجاري.
وفي مسعى لخفض تكاليفها على نحو قد ينعكس على أسعار منتجها، تتجه شركة “فول سيركل” الآن إلى الاستفادة من الذكاء الاصطناعي للمساعدة في زيادة الإنتاج بتكلفة أقل.
ولتحقيق هذا الهدف تستعين الشركة بتقنيات الذكاء الاصطناعي في دراسة جميع البيانات السابقة والحالية المتاحة حول تربية الحشرات بغية تحديد أفضل الأساليب الإنتاجية وتحسينها بصفة مستمرة.
ويمكن أن يشمل ذلك كل شيء بدءا من درجة الحرارة وحتى كمية الطعام، والمساحة المثالية التي تحتاجها اليرقات، وإحصاء آلاف الذباب بسرعة ودقة، وما إذا كان سيتم إدخال سلالات أو أنواع جديدة.
ويقول كولينز: “يساعدنا الذكاء الاصطناعي في تسريع عملية التجربة والخطأ، ويساعدنا في التغلب على العقبات، فضلا عن تعزيز فهمنا الشامل بطريقة كافية لتربية الحشرات، على نحو يجعلنا أكثر ثقة من أن إنتاجنا قد تحسن”.
ويضيف: “يساعدنا الذكاء الاصطناعي أيضا في معالجة وتسجيل وفهم كل محاولة لتربية الحشرات حتى الآن، وتوسيع إمكانية إنتاج محصول أكبر وأكثر تغذية في كل مرة نربي فيها الحشرات”.
وعلى بعد نحو 5 آلاف ميل في ليتوانيا، تعمل شركة “كوغاسترو” على تطوير برامج الذكاء الاصطناعي لمزارع الحشرات، وهي تبيع حاليا برامج مراقبة تعمل تلقائيا على جمع البيانات للمستخدمين لتحليلها، كما أن ترقية الذكاء الاصطناعي يجعل النظام قادرا على الفهم والتكيف وإجراء التغييرات داخل مزرعة الحشرات بطريقة تلقائية.
وتقول شركة “كوغاسترو” إنها لا تتعجل في إطلاق الذكاء الاصطناعي، وتخطط بدلا من ذلك إطلاقه تجاريا في غضون السنوات الثلاث المقبلة.
وتقول مانتي سيدلاوسكايتي، مؤسسة الشركة ورئيستها التنفيذية، إنها تشعر بالقلق من الشركات في هذا المجال التي تدعي أن لديها بالفعل أنظمة ذكاء اصطناعي متاحة بسهولة.
وتضيف: “نعلم أن الأمر يستغرق وقتا لتطوير مجموعة من البرامج، ونحن هنا في المجال منذ خمس سنوات”.
وتقول سيدلاوسكايتي : “استغرقنا وقتا للعمل مع أكبر عدد ممكن من الشركات على مستوى العالم، لفهم الاختلافات والتشابهات في عملياتها الإنتاجية، حتى نتمكن من وضع نماذج بيانات موحدة لدينا تهدف إلى تلبية احتياجات الشركات المتداخلة، لذلك لدينا الآن أساس لوضع حل بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي”.
وتضيف: “لكن عندما نرى شركات ناشئة ظهرت في الأمس القريب فقط، وتعلن أن لديها شيئا يتعلق بالذكاء الاصطناعي، لا يمكنها الحصول على نموذج دقيق للذكاء الاصطناعي قبل أن تبدأ في اختباره، إذ تحتاج إلى بعض البيانات، ولكي تحصل على البيانات، يجب أن يكون لديك بعض العملاء أولا”.
وتضيف أنها تشعر بالقلق إزاء الإفراط في استخدام الذكاء الاصطناعي باعتباره كلمة طنانة، دون أن تشرح الشركات بالضبط كيف يعمل الذكاء الاصطناعي لديها.
وتعمل شركة “فول سيركل” على تطوير نظام الذكاء الاصطناعي الخاص بها مع خبير في سنغافورة في هذا المجال يُدعى سيمون كريستوفيد.
ويقول كولينز إنه نظرا لأن يرقات ذبابة الجندي الأسود لم يجر تربيتها للاستخدام التجاري إلا على مدار الـ 15 عاما الماضية، فلا يزال هناك الكثير لنتعلمه، كما أن استخدام الذكاء الاصطناعي يمكن أن يسرع هذه العملية بسرعة.
ويضيف: “لا يزال مزارعو الأرز يحاولون إنتاج المحصول المثالي بعد 13,500 عام من التعليم المتوارث عبر الأجيال”.
ويقول: “تمثل تربية يرقات ذبابة الجندي الأسود مدة 0.1 في المائة من الوقت الذي تم فيه زراعة الأرز، وهذا ينعكس في فهمنا الحالي”.
ويضيف كولينز أن استراتيجية الشركة ستتمثل في استخدام الذكاء الاصطناعي لجمع رؤى “لا يمكن لأي إنسان أن يحققها على الإطلاق”، وذلك باستخدام أجهزة استشعار متعددة ومعالجة الملايين من نقاط البيانات.
وعلى الرغم من ذلك يضيف أنه أحيانا يستلزم الأمر ترك الحشرات حتى تتمكن من القيام بأشياء من تلقاء نفسها، مثل عملية التكاثر، إذ يتكاثر الذباب البالغ على شرائط خضراء موضوعة بطريقة تأخذ في الاعتبار ميولهم.
ويقول كولينز: “يتعين عليك أن تأخذ في الاعتبار ديناميكياتها الاجتماعية وسلوكياتها مثل الحيوانات”.