أخبار العالم

رواج “الكاش” يقفز إلى 400 مليار درهم وينذر بتضخم نقدي غير مسبوق



كشفت معطيات جديدة عن ارتفاع رواج الأوراق النقدية (الكاش) إلى مستويات قياسية مع نهاية مارس الماضي، وفق تقرير حول الإحصائيات النقدية صادر عن بنك المغرب، إذ انتقلت من 394.8 مليار درهم إلى 400 مليار درهم (40 ألف مليار سنتيم) بين ثاني وثالث شهور السنة الجارية، بزيادة نسبتها 10.2 في المائة على أساس سنوي.

ويهدد تطور رواج “الكاش” بتصاعد مخاطر التضخم النقدي، بسبب ارتفاع حجم الكتلة النقدية الرائجة بمعدل يتجاوز نمو الناتج الداخلي الخام، في ظل استمرار استخدام الشبابيك الأوتوماتيكية البنكية في عمليات السحب النقدي بشكل أساسي، وهو ما يفسر ارتفاع عددها في مسار مخالف لوتيرة افتتاح الوكالات البنكية، إذ قفز إلى 8176 شباكا بنكيا، بزيادة نسبتها 0.2 في المائة.

وأربكت صناديق السحب في وكالات بنكية أيضا معاملات الأفراد والمقاولات مؤخرا، بسبب صعوبات ضغط عمليات سحب مبالغ كبيرة من الأوراق النقدية، واستمرار تباطؤ اعتماد المغاربة على القنوات الرقمية في الأداء والتحويلات من حساب إلى آخر، وكذا التحويلات بواسط الشيك، أو “تحويلات فورية” (virement instantané) عبر التطبيق البنكي، من أجل تسوية معاملاتهم المالية.

تضخم نقدي

يتزايد الطلب على النقد بشكل كبير خلال فترات الأعياد والمناسبات الاستهلاكية المختلفة، التي يظل أقربها عيد الأضحى، ثم موسمي العطلة الصيفية وعودة المهاجرين الغاربة من الخارج، وكذا الدخول المدرسي، إذ يعمد الزبائن إلى سحب الأوراق النقدية “الكاش” من حساباتهم من أجل تمويل مشترياتهم نقدا، خصوصا عند شراء الأضاحي، علما أن رقم معاملات هذه المناسبة الدينية بلغ 16 مليار درهم خلال السنة الماضية، وفق أرقام صادرة عن وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات.

وبهذا الخصوص، أكد سليم شهابي، مستشار مالي وبنكي، أن ارتفاع التداول النقدي سيقود إلى زيادة في الطلب الكلي على السلع والخدمات، ما يعزز الضغط على الأسعار ويؤدي في النهاية إلى تضخم نقدي، موضحا أن تنامي تداول “الكاش” من شأنه تقليل تكاليف الاقتراض وزيادة إنفاق الاستهلاك في المقابل، وبالتالي تحفيز الشركات على زيادة الإنتاج. علما أنه في الحالة التي يكون فيها العرض عاجزا عن تلبية الطلب المتزايد، يتزايد خطر حدوث تضخم.

وتوقع شهابي، في تصريح لهسبريس، تأثيرا لتنامي تداول “الكاش” على سعر الصرف، إذ يؤدي ارتفاع التداول النقدي إلى انخفاض قيمة العملة، ما يزيد من تكلفة الواردات ويرفع الأسعار داخليا، موضحا أن التأثير يمتد إلى السياسات النقدية، بحيث يؤدي تصاعد تداول الأوراق النقدية إلى تدفق أكبر من النقد في الاقتصاد، ما يحفز البنك المركزي على اتخاذ إجراءات تقييدية للحد من التضخم النقدي.

ضغط السيولة

فاقم تنامي تداول الأوراق النقدية عجز السيولة البنكية إلى 159.2 مليار درهم، بزيادة نسبتها 1 ;31 في المائة، خلال الفترة بين 10 أبريل الماضي و17 منه، وفق ما أكده بنك الأعمال “BMCE Capital Global Research”، ما أجبر بنك المغرب على رفع تسبيقاته لمدة 7 أيام إلى 46.7 مليار درهم، مع توقعات برفع قيمة هذه التسبيقات إلى 49.9 مليار درهم خلال الفترة لمقبلة.

وبالنسبة إلى صلاح إسماعيلي، محلل مستشار مالي، فإن البنوك في مواجهة مشكل مزمن مرتبط بنقص السيولة في ظل تنامي التداول النقدي، وتطور الحاجة إلى تلبية احتياجات السحب النقدي الكبيرة في فترات زمنية قصيرة، موضحا أن هذا الوضع تسبب في زيادة تكاليف الصرف والتخزين لدى البنوك، إذ باتت تحتاج إلى المزيد من السيولة النقية لتغذية خزائنها وشبابيكها الأوتوماتيكية في سياق تلبية الطلبات المتنامية على السحب النقدي.

وأضاف إسماعيلي، في تصريح لهسبريس، أن بنك المغرب أصبح مطالبا بإعادة ضبط سياسته النقدية بناء على التطورات الحالية في مسار استخدام النقد، من خلال رفع أو خفض سعر الفائدة الرئيسي لتحفيز أو تقليص وتيرة الإقراض، وبالتالي التأثير على مستوى السيولة إيجابا، مشددا على أن زيادة تداول النقد بشكل كبير ترفع حاجة البنوك إلى استثمارات إضافية في الأمن والتكنولوجيا لضمان سلامة وحماية العمليات والمعاملات النقدية عبر القنوات الرقمية.

يشار إلى أن عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، كشف عن إطلاق دراسة من أجل إيجاد الحلول الممكنة لاحتواء تنامي رواج الأوراق النقدية وهيمنتها على المعاملات بين الأفراد والمقاولات، إذ تجري اجتماعات حاليا بين مسؤولين من البنك المركزي وبنوك تجارية لبحث البرامج التي تم إطلاقها خلال الفترة الماضية من أجل تحفيز عمليات الأداء الرقمية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى