حرب غزة: كيف ترى بعض الفصائل الفلسطينية احتمالية نشر قوات بريطانية لإيصال المساعدات؟
تدرس بريطانيا نشر قوات على الأرض في قطاع غزة لتوزيع المساعدات الإنسانية، وفق ما علمت بي بي سي، وسيقتصر عمل القوات – المُحتمل نشرها – على إيصال المساعدات عبر طريق بحري جديد تقوم الولايات المتحدة بإنشائه.
وأكدت الولايات المتحدة في وقت سابق، أن القوات الأمريكية لن تتمركز في شاطئ غزة ولن يكون لها قوات على الأرض، وأشارت إلى أن “طرفًا ثالثًا” – لم تسمه – سيقود الشاحنات على طول جسر عائم يصل إلى الشاطئ.
و قال مسؤول عسكري أمريكي كبير، في مؤتمر صحفي، إن القوات الأمريكية لن تنقل المساعدات إلى الشاطئ، وسيتولى “شريك مهم” دور نقل المساعدات إلى الشاطئ، وأكد أن هذا الشريك سيكون “دولة أخرى وليست شركة عسكرية خاصة”.
وأوضح المسؤول أيضاً أن مئات من الجنود والبحارة الأمريكيين سيعيشون وينامون في البحر على متن سفينة تابعة للبحرية البريطانية، رافا كاردغن بيه (RFA Cardigan Bay).
وسيتم نقل المساعدات من الرصيف إلى الشاطئ عبر الشاحنات، وفق المسؤول العسكري الأمريكي.
وبعد أيام من التصريحات الأمريكية، أشارت التقديرات إلى أن المملكة المتحدة تفكر في تكليف القوات البريطانية بهذا الأمر عندما يُفتح ممر المساعدات الشهر المقبل، وقالت مصادر في الحكومة البريطانية إنه لم يتم اتخاذ أي قرار حتى الآن، وإن القضية لم تصل بعد إلى مكتب رئيس الوزراء.
ورفض الجيش الإسرائيلي التعليق على هذه الأنباء، إلا أنه تعهد في وقت سابق بتوفير الحماية لعملية نقل المساعدات.
وشاركت بريطانيا عن كثب في التخطيط لعملية المساعدات المنقولة بحراً، إذ قال وزير الدفاع البريطاني، غرانت شابس، إن المملكة المتحدة تواصل القيام “بدور قيادي في تقديم الدعم بالتنسيق مع الولايات المتحدة وحلفاء دوليين آخرين”.
وتشير معلومات بي بي سي، إلى أن الدور المحتمل للقوات البريطانية سيكون تحت اسم “الأحذية الرطبة”، وسيتمثل في تحريك الشاحنات من قوارب الإنزال إلى الجسر المؤقت وتسليم المساعدات إلى منطقة توزيع آمنة على الشاطئ.
وعلى الرغم من أنه سيتم بذل جهد كبير لحماية قوات التحالف في البر والبحر، إلا أنه من المحتمل أن تتعرض القوات البريطانية إلى الخطر جراء الحرب المستمرة في قطاع غزة.
وهو أمر تشتكي منه المنظمات الدولية العاملة في غزة، إذ اضطر فريق تابع للأمم المتحدة، يوم الأربعاء، إلى الاحتماء عندما سقطت قذائف بالقرب من منطقة التوزيع المقررة.
ورفضت وزارة الدفاع البريطانية التعليق على المعلومات التي حصلت عليها بي بي سي حول قيادة قوات المملكة المتحدة لعملية إيصال الشاحنات إلى الشاطئ، لكن وزير الدفاع شابس قال إن طاقم سفينة رافا كاردغن بيه، كان لهم دور أساسي في دعم المملكة المتحدة لقطاع غزة، مضيفاً: “من الأهمية أن ننشئ المزيد من الطرق للمساعدات الإنسانية الحيوية للوصول إلى الناس في غزة”.
وأضاف شابس إن فرق التخطيط العسكري البريطانية المتخصصة “قد تم دمجها داخل مقر العمليات الأمريكي في تامبا بولاية فلوريدا – وكذلك في قبرص – لعدة أسابيع للمساعدة في تطوير الطريق البحري بشكل آمن وفعال”.
كما شارك المكتب الهيدروغرافي البريطاني في تحليل شاطئ غزة إلى جانب المخططين الأمريكيين بهدف تطوير الرصيف.
“ستزيد هذه الخطوة – إن تم اتخاذها – من تعقيد الأوضاع أكثر”
ورد القيادي في حركة الجهاد الإسلامي، هيثم أبو الغزلان، على سؤال بي بي سي، حول إمكانية أن تكون القوات البريطانية عرضة للخطر، لا سيما من جانب الفصائل الفلسطينية، قائلاً إنه “يمكن أن توزع المساعدات بشكل آمن عبر وكالة الأونروا مثلاً، لذا سيكون وجود هذه القوات بمثابة وجود قوات احتلال”.
وبين أبو الغزلان أنه على الحكومة البريطانية “عدم اتخاذ قرار إرسال قوات بريطانية إلى قطاع غزة، فذلك لن يكون لصالحها، وستزيد هذه الخطوة – إن تم اتخاذ قرارها – من تعقيد الأوضاع أكثر”.
ويشير أستاذ العلاقات الدولية ودراسات الشرق الأوسط في جامعة لندن، الدكتور فواز جرجس، إلى أن هذه الخطوة “يتم دراستها في القيادة السياسية البريطانية – الدفاع والخارجية- لتلبية الطلب الأمريكي”، لكنه استطرد قائلاً “إن قيادات الصف الثاني في الوزارتين لديها شكوك وتخوفات من المخاطر التي قد تترتب على هذه الخطوة”.
وبين الدكتور جرجس، لبي بي سي، أن هناك “جدلاً حاداً” خصوصاً في وزارة الدفاع البريطانية، حول التداعيات “الخطيرة” على حياة الجنود البريطانيين إذا تم إرسالهم إلى غزة، نظراً لإدراكهم أن الوضع في غزة “مُعقد جداً”.
وينوه الدكتور جرجس أنه “سيكون هناك عدد محدود من الجنود البريطانيين وليس أعداد كبيرة جداً، ويُتوقع أن يكونوا من المتخصصين في التكتيكات الميدانية”.
وأشار الدكتور جرجس إلى أن القوات البريطانية – في حال نشرها في غزة – ستقوم بالتنسيق مع “القوى المحلية”، ومستبعداً أن يكون هذا التنسيق مع الفصائل المسلحة.
وحذر الدكتور جرجس من أن القوات البريطانية “ستكون عُرضة للاستهداف من جميع الأطراف المُسلحة بما فيها الجيش الإسرائيلي”.
لماذا يُرجح أن بريطانيا هي “الشريك المهم” الذي سيتولى مهمة إيصال المساعدات إلى شاطئ غزة؟
وقال القيادي في حركة الجهاد الإسلامي، هيثم أبو الغزلان، لبي بي سي، إن حركة الجهاد الإسلامي وباقي الفصائل في الغرفة المشتركة، تنظر إلى هذه الخطوة المزعمة، “كجزء من تنسيق أمريكي – بريطاني، عبر توزيع الأدوار بينهما؛ فالرئيس الأميركي جو بايدن لا يريد أن تكون قواته على أرض غزة، لاعتبارات عديدة، لذا يسعى إلى أن يكون تنفيذ ذلك من خلال قوات بريطانية”.
وأضاف أبو الغزلان: “بكل تأكيد، أي قوات أجنبية غير مرحب بها، وفي ظل العدوان وحرب الإبادة التي تخوضها إسرائيل الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة تحديداً، تبرز المخاطر العديدة لمثل هذه القوات على أرض غزة، فبكل تأكيد أن مهمتها الحقيقية هي ليست كما يُعلن عنها بتقديم مساعدات” على حد تعبيره.
ويعتقد أستاذ العلاقات الدولية ودراسات الشرق الأوسط في جامعة لندن، الدكتور فواز جرجس أن الخطوة لم تنضج في “مطبخ القرار البريطاني” فهي مازالت قيد النقاش في الأروقة الحكومية، مشدداً على أن تاريخ العلاقات البريطانية الأمريكية يُشير إلى أن “قادة الممكلة المتحدة سيلبون الطلب الأمريكي في نهاية المطاف”.
ما هي الأبعاد المتوقعة لمهمة القوات البريطانية؟
ويرى القيادي في حركة الجهاد الإسلامي، هيثم أبو الغزلان، أن وجود قوات بريطانية في قطاع غزة، “هو جزء من الدعم البريطاني لإسرائيل”، مضيفاً أنه “لو أرادت بريطانيا مساعدة الشعب الفلسطيني حقيقة، لعملت أو ساهمت في الضغط على إسرائيل لوقف حرب الإبادة التي تشنها ضد المدنيين الفلسطينيين، والتي أسفرت عن مقتل أكثر من 34 ألف شخص؛ غالبيتهم من الأطفال والنساء، وأكثر من 75 ألف جريح”.
ولفت أبو الغزلان إلى أن الدول لا تقوم بتنفيذ خطوات على أرض الواقع “إلا إذا كانت لها أهداف تسعى إلى تحقيقها.. والموقف البريطاني أعلن دعمه لإسرائيل تاريخياً، ويواصل هذا الدعم حتى اللحظة” وفق تعبيره.
وقال مسؤولو دفاع أمريكيون إنه سيتم تسليم المساعدات إلى غزة من قبرص على متن سفن كبيرة قبل نقلها إلى شاحنات وسفن إنزال أصغر، مشيرين إلى أن الجسر العائم سيبلغ طوله “عدة مئات من الأمتار” وسيثبت بقوة في الرمال.
وأضافوا أنهم يأملون في أن يتمكن الممر البحري الجديد من تسليم ما يصل إلى 150 شاحنة يومياً.
ويرى أستاذ العلاقات الدولية ودراسات الشرق الأوسط في جامعة لندن، الدكتور فواز جرجس، “أن المهمة الأمريكية – البريطانية تصب في خانة الإستراتيجية الإسرائيلية”.
ويشير الدكتور جرجس إلى أن مبادرة الميناء البحري “هي في الأساس مبادرة إسرائيلية”، وما تقوم به الولايات المتحدة والمملكة المتحدة “هو محاولة للخروج من عنق زجاجة المعابر البرية التي ترفض على إسرائيل إعادة فتحها أمام المساعدات الإنسانية”.
ويرى الدكتور جرجس “إن الهدف الرئيسي للمهمة هو إيصال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة”.
ويضيف أنه لا توجد دلائل “مادية أو تحليلية” على أن هناك “أطماع بريطانية” اقتصادية في هذه المرحلة في منطقة شرق المتوسط لاسيما قُبالة ساحل غزة.