يوم الملكية الفكرية يستحضر حماية التراث المغربي من السطو الجزائري
يخلد المنتظم الدولي في 26 أبريل من كل سنة اليوم العالمي للملكية الفكرية، الذي يتزامن مع دخول اتفاقية إنشاء “المنظمة العالمية للمكية الفكرية” حيز التنفيذ في بداية سبعينيات القرن الماضي. ويشكل هذا اليوم مناسبة لمجموعة من المهتمين لتقييم المنجزات والرهانات المتعلقة بحماية المورث الثقافي والحضاري والفني والمعماري الوطني، خاصة في ظل بروز محاولات جزائرية حثيثة للسطو على مجموعة من الرموز المغربية الأصيلة، على غرار الزليج المغربي والفقطان الفاسي والسلهام.
ويأتي الاحتفال بهذا اليوم تزامنا مع إصدار الممثل التجاري الأمريكي “USTR”، التابع للبيت الأبيض، أمس الخميس، تقريرا خاصا بشأن حماية الملكية الفكرية في العالم، وضع فيه 20 دولة في قائمة المراقبة، على رأسها الجزائر، وأشار من خلاله إلى أن هذه الأخيرة، رغم “الخطوات التي اتخذتها لتحسين منظومة حماية الملكية الفكرية وإنفاذها، إلا أنه لم يحدث أي تغيير يذكر حتى الآن، إذ مازال التقليد والقرصنة الرقمية منتشرين على نطاق واسع”.
سطو جزائري وترافع وطني
عبد الحكيم قرمان، رئيس الائتلاف المغربي للملكية الفكرية، قال إن “هذا اليوم هو محطة للنظر في التجربة المغربية الرائدة في محيطها الإقليمي والقاري في هذا المجال، بحكم ما راكمته من حصيلة ومنجزات، على غرار التعديلات التي أدخلت على مجموعة من القوانين ذات الصلة”، مشددا على وجود مخاطر جمة تتهدد هذا الرصيد والمنجز المغربيين، وتهدد في العمق الموروث الثقافي المغربي.
ومن بين هذه المخاطر يوضح المتحدث ذاته أن “العديد من الجهات، خاصة في جوار المغرب، أي الجزائر، تسعى في السنوات الأخيرة وبشكل ممنهج للسطو على هذا الموروث، إذ أصبح الأمر سياسة وتوجها واضحا للدولة الجزائرية التي تقود محاولات لافتكاك مكونات الموروث الثقافي الفني والحضاري والمعماري المغربي الممتدة في الحقب والعصور، عبر تزوير الحقائق والتاريخ”.
وبين رئيس الائتلاف المغربي للملكية الفكرية، في تصريح لهسبريس، أن “هذا الخطر أصعب بكثير من المخاطر التقليدية المرتبطة بالقرصنة وغيرها”، مشددا على ضرورة “تضافر جهود الدولة والمؤسسات الرسمية والقطاعات الوزارية المعنية، وفعاليات المجتمع المدني المهتمة، وكذا الباحثيتن وأهل المهارات والخبرات، ووضع إستراتيجية للترافع الوطني حول تحصين وتوثيق وتثمين الرصيد الثقافي لبلادنا”.
ودعا قرمان إلى “عقد مناظرة وطنية لبلورة رؤية المغرب إلى توثيق مكونات التراث المغربي في إطار سجل وطني، لتوثيق كل صنف في إطاره التنظيمي والتشريعي”، مشيرا إلى أن “وسائل التواصل الرقمية والتكنولوجيات الحديثة بقدر ما تسهل عملية التعريف بالتراث وتسويقه بقدر ما فرضت تحديات ومخاطر موازية، إذ من الممكن أن تشكل فضاء لمجموعة من الممارسات غير الجيدة على هذا المستوى إن لم تكن هناك مواكبة وتقنين وتتبع في إطار السياسات العامة للدولة”.
برنامج وطني ومقاربة تشاركية
في تعليقه على الموضوع قال عبد السلام أمرير، رئيس مصلحة جرد التراث الثقافي غير المادي بوزارة الشباب والثقافة والتواصل- قطاع الثقافة، إن “العناية بالتراث الثقافي غير المادي هو برنامج وطني يعكس إرادة حقيقية ببرامج ملموسة، إذ يمكن أن نقسم مختلف الإجراءات التي تهدف إلى العناية بهذا التراث إلى صنفين: صنف يتعلق بالصون أو المحافظة، والصنف الآخر يتعلق بالحماية”.
في ما يخص الصنف الأول أوضح المصرح لهسبريس أن “الصون يتجلى في مجموعة من الإجراءات للمحافظة على عناصر التراث الثقافي غير المادي، بدءا بالجرد، إذ انخرطت الوزارة في برنامج طموح من أجل جرد مختلف مكونات هذا التراث في مختلف جهات المملكة، وهناك أيضا برامج منتظمة، سواء من خلال أطر مديرية التراث الثقافي أو المديريات الجهوية أو من خلال التعاقد مع باحثين ومتخصصين لجرد هذه العناصر، وكذا توثيق العديد من الفنون والحرف والعادات والممارسات بالصوت والصورة”.
وزاد المتحدث شارحا: “بالإضافة إلى توفير الظروف المناسبة لممارسي التراث الثقافي غير المادي من أجل ممارسته وتلقينه للأجيال الصاعدة عملت الوزارة، كذلك، على تسجيل عناصر هذا التراث لدى منظمتي الإيسيسكو واليونسيكو، من أجل إبراز قيمه الإنسانية وأبعاده الرمزية، غير أن هذا التسجيل لا يعطي للتراث حماية قانونية، بل يعطي فقط إشعاعا حضاريا للبلاد”.
أما في ما يتعلق بإجراءات الحماية فأشار أمرير إلى أنها “ترتبط أكثر بالمنظمة العالمية للملكية الفكرية التي تعطي الآليات القانونية لحماية التراث الثقافي غير المادي بكل مكوناته وتفرعاته وأشكاله؛ وفي هذا الإطار فإن المغرب قام بمجهود جبار لتوفير الأطر القانونية والتنظيمية لذلك، ويشكل تجربة فريدة على الصعيد العالمي”، وزاد: “كما أن الوزارة الوصية تشتغل على تعزيز الحماية القانونية للتراث المغربي بالتنسيق مع جميع المتدخلين والقطاعات الحكومية المعنية والممارسين من أجل إشراكهم في هذه المقاربة ومن أجل ضبط الأطر المؤسساتية المتعلقة بها”.