التغير المناخي: هكذا تؤثر ظاهرتا “إل نينو” و “لا نينا” على حالة الطقس في أنحاء العالم
- Author, مارك بوينتنغ وإيسمي ستالارد
- Role, قسم العلوم والمناخ – بي بي سي نيوز
مكتب الأرصاد الجوية الأسترالي يقول إن مرحلة إل نينو من ظاهرة التغير المناخي، التي بدأت في صيف 2023، انتهت الآن.
ساعدت الظاهرة في زيادة درجات الحرارة إلى مستويات قياسية في الأشهر الأخيرة، علاوة على الاحتباس الحراري طويل الأجل الذي تسبب به البشر.
ما هي ظاهرة إل نينو؟
إل نينو جزء من ظاهرة مناخية طبيعية تدعى نينو التذبذب الجنوبي.
وهذه الظاهرة لها حالتان هما: إل نينو ولا نينا، وكلاهما تغيران الطقس العالمي كثيراً.
ويمكن التعرف على إل نينو من خلال عدد من القياسات المختلفة، ومن بينها:
درجات حرارة سطحية لماء البحر أسخن من المعتاد في مناطق شرقي المحيط الهادي الاستوائية
ضغط جوي فوق المعتاد في داروين، في أستراليا (غربي المحيط الهادي)، وضغط جوي أقل من المعتاد في تاهيتي في بولينيزيا الفرنسية (وسط المحيط الهادي).
وفي ظروف محايدة، تكون المياه السطحية في المحيط الهادي أبرد في الشرق وأسخن في الغرب.
وتهب “الرياح التجارية” من الشرق إلى الغرب، وتعمل حرارة الشمس على تسخين المياه تدريجياً مع تحرك الرياح بهذا الاتجاه.
وخلال ظاهرة إل نينو، تضعف هذه الرياح أو تعكس اتجاهها، مما يرسل المياه السطحية الأسخن باتجاه الشرق بدلاً من الغرب.
أما خلال فترة ظاهرة لا نينا، فإن الرياح الاعتيادية التي تهب من الشرق إلى الغرب تصبح أعتى قوة، مما يدفع المياه الأسخن أكثر باتجاه الغرب.
وهذا يتسبب في صعود الماء البارد من أعماق المحيط، وهو ما يعني أن درجات حرارة المياه السطحية تصبح أبرد من المعتاد في منطقة شرقي المحيط الهادي.
ولوحظت الظاهرة للمرة الأولى من قبل صيادي السمك في بيرو في بداية القرن السابع عشر، والذين لاحظوا أن المياه الدافئة يبدو أنها تصل إلى ذروتها بالقرب من الأمريكيتين في ديسمبر/ كانون الثاني.
ولقد أطلقوا عليها اسم “إل نينودي نافيداد” وتعني باللغة الإسبانية فتى عيد الميلاد.
كيف تغير “إل نينو” و”لا نينا” الطقس؟
لا تتشابه الأحداث فيما بينها والعواقب تختلف من منطقة لأخرى، لكن العلماء لاحظوا بعض التأثيرات المشتركة:
درجات الحرارة
ترتفع درجات الحرارة العالمية خلال ظاهرة إل نينو وتنخفض خلال ظاهرة لا نينا.
ووجود ظاهرة إل نينو يعني أن المياه الساخنة تنتشر إلى مساحة أكبر وتبقى قريبة من السطح. وهذا من شأنه أن يؤدي إلى إطلاق المزيد من الحرارة في الجو، مما يتسبب بتشكل هواء أكثر رطوبة وسخونة.
لكن التأثيرات الإقليمية أكثر تعقيداً، وبعض الأماكن قد تكون أسخن وأبرد من المتوقع خلال أوقات مختلفة من السنة.
وأسخن سنة في التاريخ الموثق هي 2023 وقد عزز ارتفاع درجات الحرارة فيها ظروف إل نينو، علاوة على التغير المناخي طويل الأجل الناجم عن أفعال البشر، وذلك الاحترار استمر وصولاً إلى العام 2024.
خلال الفترة بين 2020 و 2022، شهد العالم فترة طويلة على غير العادة من ظروف ظاهرة لا نينا، والتي ساعدت في منع ارتفاع درجات حرارة العالم.
وكيفية استجابة درجات الحرارة في المملكة المتحدة وأوروبا الغربية لظاهرة إل نينو أمر معقد وغير مؤكد. فهي قد تعني شتاءات أبرد من المعدل، على سبيل المثال، لكن ذلك يعتمد على الطريقة التي ستتبدى بها ظاهرة إل نينو.
التغيرات في معدل سقوط الأمطار
خلال أحداث ظاهرة إل نينو، تدفع المياه الدافئة تيارات الهواء القوية الخاصة بتيار المحيط الهادي النفاث إلى مسافات أبعد في الجنوب والشرق.
وهذا يجلب طقساً ماطراً أكثر إلى جنوبي الولايات المتحدة وخليج المكسيك.
وتشهد المناطق الاستوائية مثل جنوب شرق آسيا وأستراليا ووسط أفريقيا ظروفاً جوية أكثر جفافاً من المعتاد.
أما في ظل ظاهرة لا نينا ، فإن التأثير يكون عكسياً.
العواصف الاستوائية
تؤثر ظاهرة إل نينو أيضاً على أنماط التقلبات الجوية، وهو ما يعني حدوث عدد أكبر عموماً من العواصف الاستوائية في المناطق الاستوائية من المحيط الهادي، ولكن عدداً أقل في المناطق الاستوائية من المحيط الأطلسي بما في ذلك جنوبي الولايات المتحدة.
وخلال فترة لا نينا، العكس هو الصحيح.
مستويات ثاني أكسيد الكربون
لاحظ العلماء أيضاً أن مستويات ثاني أكسيد الكربون في الجو تزداد خلال أحداث إل نينو، ربما نتيجة للظروف الجوية الأسخن والأشد جفافاً في المناطق الاستوائية.
وإذا نمت النباتات بسرعة أقل خلال أوقات الجفاف، فإنها تمتص كميات أقل من ثاني أكسيد الكربون، بينما يعني تزايد حرائق الغابات في أماكن مثل جنوب آسيا إطلاق المزيد من ثاني أكسيد الكربون في الجو.
ما أهمية الأنماط المناخية لظاهرتي إل نينو ولا نينا؟
تؤثر مظاهر الطقس السيء التي تزداد سوءاً بفعل النينو والنينا على البنية التحتية وعلى الغذاء وأنظمة الطاقة حول العالم.
فعلى سبيل المثال، عندما تصعد كميات أقل من المياه الباردة إلى السطح في المحيط قبالة الساحل الغربي والجنوبي لأمريكا خلال أحداث ظاهرة النينو، تقل كميات العناصر الغذائية الناشئة من أعماق المحيط.
وهذا يعني وجود غذاء أقل للكائنات البحرية مثل الحبار وأسماك السلمون، وهو ما يؤدي بالمقابل إلى تقليل المخزون من الثروة السمكية بالنسبة للمجتمعات التي تعتمد على الصيد في أمريكا الجنوبية.
وقد أثرت موجات الجفاف والفيضانات الناجمة عن ظاهرة النينو القاسية في 2015-2016 على الأمن الغذائي لأكثر من 60 مليون شخص، وذلك وفقاً لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة.
وأشارت دراسة حديثة إلى أن أحداث النينو تعمل على خفض النمو الاقتصادي العالمي بصورة كبيرة، وهو تأثير قد يزداد في المستقبل.
كم مرة تحدث دورات “إل نينو” و”لا نينا”؟
تحدث دورات إل نينو ولا نينا كل سنتين إلى سبع سنوات، وتستمر عادة ما بين تسعة أشهر إلى 12 شهراً.
وهما لا تتناوبان بالضرورة. فأحداث النينا أقل شيوعاً من نوبات إل نينو.
هل التغير المناخي يؤثر على “إل نينو” و “لا نينا”؟
في 2021، قال علماء المناخ في الأمم المتحدة من اللجنة الحكومية الدولية المعنية بالتغير المناخي إن أحداث إل نينو التذبذب الجنوبي التي حدثت منذ 1950 هي أقوى من الأحداث المسجلة بين 1850 و 1950.
لكن اللجنة قالت أيضاً إن حلقات الأشجار ودلائل تاريخية أخرى تظهر أنه كان هناك تغيرات تكرار حدوث وقوة هذه الحلقات منذ القرن الخامس عشر.
وخلصت اللجنة إلى أن هناك أدلة واضحة على أن التغير المناخي أثر على تلك الأحداث.
وتشير بعض النماذج المناخية إلى أن أحداث إل نينو ستصبح أكثر تكراراً وقوة بسبب الاحتباس الحراري- وهو ما سيرفع من درجات الحرارة بصورة أكبر- لكن هذا الأمر غير مؤكد.