إيران وإسرائيل: كيف تظهر صور الأقمار الصناعية آثار الضربات المتبادلة بين البلدين؟
- Author, لميس الطالبي، أوديم منتظري، فارزاد سيفكاران، بول براون ودانييلي بالومبو
- Role, بي بي سي عربي تقصي الحقائق وبي بي سي فارسي و BBC Verify
بعد الهجمات المباشرة والمتبادلة بين إسرائيل وإيران، كثرت التقارير المتضاربة التي تتحدث عن آثار هذه الضربات وما إذا كانت دلائل على انتصار طرف على حساب الطرف الآخر.
اطلع فريق بي بي سي لتقصي الحقائق على هذه التقارير وقارنها بصور الأقمار الصناعية لكل من القواعد العسكرية الإيرانية والإسرائيلية، وتبين أن هناك أضراراً إثر الضربات المتبادلة بين البلدين.
وقد تصاعد التوتر بين إيران وإسرائيل في الأسابيع الأخيرة. وذلك بعد ضربة نُسبت لإسرائيل للقنصلية الإيرانية في سوريا مطلع شهر أبريل/نيسان 2024، تلاها هجوم من إيران على إسرائيل في 13 أبريل/نيسان، ومن بعد ذلك رد إسرائيل بضربة على أصفهان في التاسع عشر من الشهر نفسه.
قاعدة نيفاتيم الجوية الإسرائيلية
أعلن الجيش الإسرائيلي أن إيران هاجمت إسرائيل بـ 170 طائرة بدون طيار، و 120 صاروخ باليستي، و30 صاروخاً مجنحاً، بمجموع يقدر بحوالي 320 صاروخ ومسيرة.
قالت إيران إنها قامت بشن هجوم على قاعدة نيفاتيم الجوية الإسرائيلية ومركز المخابرات العسكرية في جبل الشيخ في هضبة الجولان.
حللت خدمة بي بي سي فارسي البيانات والمعلومات المتاحة حول الهجوم، وقارنت صور الأقمار الصناعية قبل وبعد وقوع الهجوم.
قاعدة نيفاتيم الجوية هي إحدى القواعد العسكرية الرئيسية في إسرائيل، وتقع على بعد 20 كيلومتراً من مركز ديمونا النووي.
بعد الهجوم، تُظهر صور الأقمار الصناعية بعض التغييرات في القاعدة العسكرية، تماشياً مع ما أكدته إسرائيل عن تعضرها لـ”أضرار طفيفة”.
تقع قاعدة نيفاتيم جنوب شرق مدينة بئر السبع، بالقرب من منطقة موشاف نيفاتيم في صحراء النقب، التي تقع جنوب الضفة الغربية وغرب البحر الميت.
وفقاً لصور الأقمار الصناعية بين 12 و 14 أبريل/نيسان، يمكن رؤية تغييرات في ما لا يقل عن أربع مناطق في القاعدة، إلا أن هذه الصور وحدها ليست بالضرورة دليلاً على ضربات صاروخية.
نشر الجيش الإسرائيلي فيديو مدته 19 ثانية في 14 أبريل/نيسان يظهر ثلاثة مواقع مختلفة تعرضت للضرر. في الفيديو، يمكن رؤية جنود إسرائيليين وهم يقومون بإصلاح أحد المدرجات في المطار.
ويبدو أن الموقع الذي يتم إصلاحه في الفيديو يتطابق مع إحدى صور الأقمار الصناعية التي تظهر تغييراً ملحوظاً بعد الهجوم.
تضم قاعدة نفاتيم خمسة مدرجات كبيرة، تقع في الجهة الشمالية والجنوبية للقاعدة، والعلامة الظاهرة في صور الأقمار الصناعية تقع في المدرج الجنوبي.
في الصور التي التقطت بتاريخ 12 أبريل، لا يمكن ملاحظة أي تغييرات في المدرج الجنوبي للقاعدة. ولكن في اليوم التالي، بعد الهجوم الإيراني، يمكن ملاحظة علامة كبيرة على نفس المدرج.
العلامة ظاهرة أيضاً في 14 أبريل، وهو تغيير قد يكون متسقاً مع ما قاله المسؤولون الإسرائيليون عن الأضرار في المدرج.
وقد أكدت وكالة AP في تقرير نشرته أن جزءاً من مدرج الطائرات في قاعدة نيفاتيم الجوية تضرر في هجوم إيران على إسرائيل.
وظهرت مقاتلة وهي تحلق في فيديو نشره الجيش الإسرائيلي، في محاولة لإظهار عدم تعطل العمليات في القاعدة، ولكن ليس واضحاً من أي المدرجات الخمسة أقلعت الطائرات.
وأشارت السلطات الإسرائيلية أيضاً إلى أن الضرر الرئيسي الذي تسببت فيه إيران في البنية التحتية للمطار هو حفرة بجوار جدار مبنى جديد في نيفاتيم.
يقع المبنى بالقرب من المدرجات الشمالية للطائرات.
وبعد الهجوم في 13 أبريل، تُظهر صور الأقمار الصناعية تغييرات في مكان واحد على الأقل في هذه المنطقة.
هذه التغييرات متسقة مع الفيديوهات التي نشرها الجيش الإسرائيلي، عندما أكد المتحدث باسمه ذلك بالقول “تعرضت البنية التحتية فقط في هذا القسم للأضرار”.
صور الأقمار الصناعية لهذه المنطقة تكشف أن هذا المبنى تم بناؤه مؤخراً بجوار مبنيين آخرين يتشابهان بشكل السقف.
عثرت بي بي سي أيضاً على موقعين على الأقل في قاعدة نيفاتيم، يمكن رؤية تغييرات كبيرة فيهما، على شكل حفر ظهرت فوراً بعد الهجوم الإيراني.
يقع الموقعان في الجزء الشمالي من القاعدة، الأول بين المدرجات الشمالية للطائرات، والثاني في الجهة الشمالية الشرقية، وهي منطقة خارج القاعدة.
أما بالنسبة للأدلة المتوفرة على الأرض، يمكن تحديد ثلاثة أماكن متضررة فقط.
ومع ذلك، لم يتم نشر صورة للموقع الرابع في الجهة الشمالية الشرقية خارج القاعدة، ولا يُعرف سبب حدوث التغيير.
وفقًا لسكوت ريتر، مفتش الأسلحة الأسبق في الأمم المتحدة، “ضربت خمس إلى سبع صواريخ قاعدة نيفاتيم الجوية”.
وذكرت قناة ABC الأمريكية، نقلاً عن بعض المصادر الإسرائيلية أيضاً، أن خمسة صواريخ قد ضربت القاعدة.
قاعدة جوية في أصفهان
أما بالنسبة لأصفهان، فقد كشفت صور الأقمار الصناعية عن احتمال وجود أضرار في قاعدة جوية إيرانية عقب هجوم إسرائيل في الساعات الأولى من صباح يوم الجمعة 19 أبريل/نيسان.
قام فريق بي بي سي لتقصي الحقائق بتحليل صورتين تظهران أضراراً محتملة لجزء من نظام الدفاع الجوي في قاعدة جوية في أصفهان وسط إيران.
وتضم أصفهان بنية تحتية عسكرية إيرانية كبيرة، وفيها قاعدة جوية كبرى، ومجمع كبير لإنتاج الصواريخ، وكذلك العديد من المنشآت النووية.
وبعد الإعلان عن ضربة إسرائيل لأصفهان، كانت هناك تكهنات حول الهدف المحتمل ومدى الأضرار.
تقول إيران إن الهجوم تضمن طائرات بدون طيار تم تعطيلها بواسطة الدفاعات الجوية.
بينما لا يزال الأمر غير واضح أي أسلحة تم استخدامها في الهجوم، فقد كشفت صور الأقمار الصناعية عن وجود بعض الأضرار المحتملة في القاعدة الجوية.
قام فريق بي بي سي لتقصي الحقائق بتحليل صور الأقمار الصناعية وصور SAR (رادار الفتحة التركيبية) التي التُقطت فوق أصفهان.
تستخدم تكنولوجيا رادار الفتحة التركيبية موجات الراديو لبناء صورة لسطح الأرض. وتختلف مميزاتها عن صور الأقمار الصناعية التقليدية وذلك لقدرتها على التقاط الصور ليلاً أو من خلال الغيوم.
رغم أن الصور باللون الأبيض والأسود، لكنها تكون ذات جودة عالية.
لا يمكن لصور SAR كشف تغير الألوان – مثل علامات الحرق – ولكن يمكنها إظهار الأضرار التي لحقت بالمباني والمركبات.
إحدى الصور الملتقطة بواسطة Umbra Space في 15 أبريل/نيسان تظهر نظام الدفاع الجوي S-300 الموجود في الزاوية الشمالية الغربية لقاعدة شيكاري.
ويتألف النظام من عدة مركبات منها رادار ومطلقات صواريخ ومعدات أخرى.
تظهر صورة التقطتها Umbra Space بعد ضربة إسرائيل يوم الجمعة 19 أبريل، أضراراً وحطاماً محتملاً حول ما قد يكون راداراً في القاعدة – والذي تغير موقعه قليلاً أيضاً.
كما تم نقل المركبات الأخرى بعيداً عن الموقع.
وأظهرت صور أقمار صناعية التقطتها Planet Labs في تاريخ 22 أبريل، والتي على الرغم من جودتها المتدنية، علامة احتراق في نفس الموقع.
ولم تكن هذه العلامة واضحة في الصور الملتقطة في 11 و15 أبريل / نيسان.
لا تظهر أضرار واضحة في القاعدة العسكرية وللتأكد من ذلك يجب تحليل المزيد من الصور بجودة ودقة أعلى.
وحتى الآن، لا توجد صور متوفرة من منشآت أصفهان النووية.
وقالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة إنه “لم يحدث أي ضرر في مواقع إيران النووية”.