دبلوماسي سابق يستهجن “قمة تونس”
تفاعلا مع الجدل الذي خلفه الاجتماع المغاربي الثلاثي المنعقد بداية الأسبوع الجاري في العاصمة تونس، قال إلياس القصري، السفير التونسي الأسبق في كل من ألمانيا والهند وكوريا الجنوبية واليابان، في منشور له على صفحته الرسمية على “فيسبوك”، إنه “من الصعب مقاومة الانطباع بالتسرع والارتجال الذي يبدو أنه ساد على القمة الثلاثية التونسية الجزائرية الليبية في 22 أبريل 2024″، مشيرا إلى أن مخرجات هذه القمة الثلاثية “لا ترقى إلى مستوى توقعات ومتطلبات الساعة”، خاصة في ظل إلحاح المشاكل التي تواجه الدول المعنية، على غرار مشكل التهريب والاتجار بالبشر، التي لها عواقب اقتصادية وأمنية ثقيلة على تونس.
وأوضح الدبلوماسي التونسي ذاته أن القرارات العاجلة التي كان يجب اتخاذها على هامش هذه القمة، هي “إنشاء منطقة عازلة حدودية بين الدول الثلاث، وإنشاء قناة اتصال وآلية تنسيق تشغيلية بين الوحدات الحدودية للدول الثلاث لرصد ومراقبة تحركات المهربين ومجموعات المهاجرين غير الشرعيين عن كثب”، و”إنشاء صندوق تنمية المناطق الحدودية، لإيجاد بدائل اقتصادية موثوقة ومستدامة للتهريب والهجرة غير الشرعية في المناطق الحدودية بين الدول الثلاث”.
ولفت القصري الانتباه إلى أن الدول الثلاث كان عليها “اتباع نهج دبلوماسي متضافر تجاه الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي والوكالات المتخصصة التابعة للأمم المتحدة لإيجاد حلول جماعية ودائمة لمشكلة الهجرة، ومن شأن هذه الخطوات أن تستفيد من إشراك المغرب ومصر، وهما دولتان هامتان في شمال أفريقيا ستمنح مساهمتهما الدبلوماسية مزيدا من المصداقية والفعالية للخطوات المتخذة”.
وفي غياب أي قرارات ملموسة وقابلة للتطبيق على الفور من وراء هذه القمة، سجل السفير التونسي الأسبق أن “هذا الاجتماع الثلاثي يمكن أن يعطي انطباعا بإنشاء محور إقليمي يهدف إلى إعطاء انطباع علني بنجاح الرئيس الجزائري تبون (في نهاية ولايته) في عزل المغرب بعد تعرضه لانتكاسات دبلوماسية في إفريقيا وأوروبا والشرق الأوسط، وخاصة بعد رفض انضمام بلاده إلى منظمة البريكس”.
وأشار القصري إلى مسارعة المجلس الرئاسي الليبي لإيفاد مبعوث إلى الرباط مباشرة بعد هذا الاجتماع لإعطاء تأكيدات بأن ليبيا لن تنسجم مع محور مناهض للمغرب في المنطقة، مشددا على ضرورة “بذل جهد اتصالي من الجانب التونسي لإظهار أن الاجتماع الثلاثي في تونس خطوة بناءة نحو حل إقليمي ومنسق للمشاكل التي تزداد حدة، لا سيما فيما يتعلق بالتحركات غير القانونية عبر الحدود، وليس مفاقمة لمشكل الصحراء أو محورا مناهضا للمملكة المغربية”.
ولفت إلى أنه من الضروري “إدراك أن المشاكل لا يمكن حلها من خلال خلق مشاكل جديدة، وأن الإدارة المستدامة والمقبولة دوليا للحركات عبر الحدود تتطلب توسيع الآفاق والشركاء، وتجنب المواجهة المباشرة مع كل من اليمين المتطرف الإيطالي أو البلدان المجاورة”.
وكان الدبلوماسي التونسي الأسبق قد دعا سلطات بلاده، في منشورات سابقة، إلى تجنب معاداة المغرب لما قد يسببه ذلك من ضرر على مصالح الدولة التونسية ومكانتها ومصداقيتها أمام المنتظم الدولي، مشددا على أن “الشعب التونسي من حقه أن يستأنس بما يخدم مصالحه، وأن يبتعد عن كل ما لا يتماشى مع تاريخه وظروفه وطموحاته، إذ كانت دائما مصالح تونس وإشعاعها الدولي مرتبطين بتجنب المواقف الصدامية والتعاون مع الشركاء الخارجيين، بعيدا عن المحاور والمعاداة والاصطفاف وراء شق ضد الآخر”.
من جهتها، نقلت وسائل إعلام مقربة من النظام الجزائري، اليوم الخميس، عن أحمد عطاف، وزير الخارجية الجزائري، قوله خلال لقاء إعلامي إن “اللقاء الثلاثي التشاوري بتونس ليس بديلا لاتحاد المغرب العربي، حيث يبقى هذا الأخير هدفا مشروعا وتاريخيا”، مسجلا في الوقت ذاته أن “إنشاء فضاء مغاربي تشاوري لمناقشة ملفات حيوية في المنطقة كان أمرا ضروريا”، وأن “التكتل الجديد مفتوح للجميع شرط توفر النية والإرادة السياسية”، بتعبيره.