ناريندرا مودي: انتقادات واسعة لرئيس الوزراء الهندي بسبب تصريحات “معادية للمسلمين”
انتقدت المعارضة الهندية رئيس الوزراء، ناريندرا مودي، بسبب الإدلاء بتصريحات اعتُبرت “معادية للمسلمين” بعد أن قال أمام حشد من أنصاره إن معارضيه، إذا تولوا السلطة، سيوزعون ثروات الشعب على “الدخلاء”.
وأضاف مودي أن حزب المؤتمر المعارض يريد توزيع الثروة على “أولئك الذين لديهم كثير من الأطفال”.
واعتُبرت تصريحات رئيس الوزراء الهندي على نطاق واسع إشارة إلى الأقلية المسلمة في الهند.
واعترض حزب المؤتمر، أحد أكبر أحزاب المعارضة في الهند، على ادعاءات مودي، التي جاءت بعد أيام من بدء الانتخابات العامة.
وكثيرا ما وُجهت انتقادات لحكومة حزب بهاراتيا جاناتا بزعامة مودي بأنها تستهدف الأقليات في الهند، لا سيما المسلمين.
وتقول منظمات حقوقية إنهم يتعرضون لتمييز واعتداءات، فضلا عن إجبارهم على العيش كمواطنين من “الدرجة الثانية” في ظل حكومة مودي، وهو ادعاء ينفيه حزب بهاراتيا جاناتا.
وانطلقت المرحلة الأولى من المراحل السبع للانتخابات العامة في 19 أبريل/نيسان، وسيتم إعلان النتائج في 4 يونيو/حزيران المقبل.
وكان مودي قد أدلى بتلك التصريحات، يوم الأحد، خلال تجمع انتخابي في ولاية راجاستان، أثناء حديثه عن بيان لحزب المؤتمر.
وقال مودي: “حكومتهم السابقة (أي حكومة حزب المؤتمر) قالت إن المسلمين لهم الحق الأول في ثروات الأمة”.
وأضاف رئيس الوزراء الهندي: “يعني ذلك أنهم (حزب المؤتمر) سيجمعون ثروات الناس ويوزعونها على مَن؟”
وقال إنهم سيوزعونها على “أولئك الذين لديهم الكثير من الأطفال، سيوزعونها على الدخلاء. هل يجب إعطاء أموالكم التي كسبتموها بشق الأنفس إلى الدخلاء؟”.
ويشير مودي في تصريحاته إلى خطاب ألقاه رئيس الوزراء السابق من حزب المؤتمر، مانموهان سينغ، عام 2006، تحدث فيه عن تمكين الأقليات ليستطيع أفرادها المشاركة في إنجازات التنمية.
وعلى الرغم من ذلك، لم يتحدث مانموهان سينغ في خطابه، الذي ألقاه قبل 18 عاما واستشهد به مودي، عن أن المسلمين لهم الحق الأول في ثروات البلاد.
وكان مانموهان سينغ قد قال في عام 2006: “من خلال تقديم برامج وخطط جديدة، علينا أن نضمن أن الأقليات، لا سيما المسلمين، يستطيعون الارتقاء بأنفسهم والاستفادة من التنمية. وينبغي أن يكون لجميعهم أحقية في الموارد”.
وغالبا يجري تصوير المسلمين في المجتمع الهندي على أنهم ينجبون كثيرا من الأطفال، بيد أن الخبراء يقولون إن هذا الادعاء مشوه ويعرّض المجتمع للضرر.
ولم يصدر أي تعليق فوري من مودي أو حزب بهاراتيا جاناتا على الانتقادات التي وجهتها المعارضة، كما رفضت لجنة الانتخابات الهندية، التي تشرف على الانتخابات، التعليق على ذلك.
انتقادات وتساؤلات
انتقد زعماء المعارضة من مختلف الأحزاب تصريحات رئيس الوزراء، كما أثيرت عدة أسئلة حول دور لجنة الانتخابات في ذلك.
وقدم حزب المؤتمر 16 شكوى، إلى لجنة الانتخابات، ضد حزب بهاراتيا جاناتا تتعلق بانتهاك قانون قواعد السلوك الانتخابي.
ودافع زعيم حزب المؤتمر، ماليكارجون كارجي، عن بيان حزبه، الذي استشهد به مودي في تصريحاته، قائلا إنه موجه “لكل هندي” ويتحدث عن المساواة والعدالة للجميع.
ووصف تصريحات مودي بأنها “خطاب كراهية” مليء بالذعر وخدعة لصرف انتباه الناس عن المعارضة بعد أن كان أداؤها أفضل من حزب بهاراتيا جاناتا في المرحلة الأولى من الانتخابات.
وقال: “لم يقم أي رئيس وزراء، في تاريخ الهند، بالحط من كرامة منصبه بقدر ما فعل مودي”.
وقال أسد الدين عويسي، رئيس مجلس اتحاد المسلمين لعموم الهند: “وصَفَ مودي المسلمين اليوم بالدخلاء، وبأنهم أشخاص لديهم الكثير من الأطفال”، مضيفا أنه منذ عام 2002، كان “ضمان مودي” الوحيد هو “الإساءة للمسلمين وضمان حصوله على الأصوات”.
يأتي ذلك في وقت طالب فيه ما يزيد على 17 ألف مواطن لجنة الانتخابات باتخاذ إجراءات ضد رئيس الوزراء مودي بسبب “خطاب الكراهية” هذا.
ووفقا لقواعد السلوك الانتخابي، التي تطبقها لجنة الانتخابات، لا يجوز استخدام الرموز الدينية خلال الحملات الانتخابية، كما لا يجوز تقديم طلبات للتصويت على أساس ديني أو طائفي أو طبقي.
كما تحظر قواعد السلوك الإدلاء بخطابات تحض على الكراهية أو ترفع شعارات مناهضة لأي جماعة دينية أو عرقية.
واستنادا إلى تلك القواعد، طالبت المعارضة، وآخرون على وسائل التواصل الاجتماعي، باتخاذ إجراءات قانونية ضد رئيس الوزراء مودي.
وقال المعارض من حزب المؤتمر، جيرام راميش، سلمنا 16 شكوى إلى لجنة الانتخابات بخصوص انتهاك قانون قواعد السلوك وتمثيل الشعب لعام 1951 وقرارات المحكمة العليا.
وأعرب حزب المؤتمر عن أمله في اتخاذ إجراءات والبت فورا في تلك الشكاوى، والتي من بينها أيضا تقديم مرشح حزب بهاراتيا جاناتا أموالا للناخبين، واستخدام صور رئيس الوزراء مودي في الترويج لخطط حكومية، وترويج صور دينية في الحملة الانتخابية، واستخدام حزب بهاراتيا جاناتا صور الجيش في حملته.
ما هو الإجراء الذي ستتخذه لجنة الانتخابات؟
لم يصدر أي تعليق من لجنة الانتخابات على هذه الشكاوى حتى الآن، كما لم تشر أي معلومات إلى اعتزام لجنة الانتخابات إصدار إخطار أو اتخاذ أي إجراء بشأن تصريحات مودي.
وكان النائب المعارض، ساكيت جوخالي، قد قدم في وقت سابق من شهر مارس الماضي، شكوى ضد رئيس الوزراء مودي إلى لجنة الانتخابات بشأن انتهاك قواعد السلوك الانتخابي.
وقال النائب إن مودي استخدم طائرة مروحية تابعة للقوات الجوية الهندية للمشاركة في تجمع انتخابي.
بيد أنه لا توجد معلومات متاحة بشأن اتخاذ لجنة الانتخابات أي إجراء حيال هذه الشكوى.
ويقارن البعض تقاعس لجنة الانتخابات عن اتخاذ إجراءات إذ تعلق الأمر بشؤون حزب بهاراتيا جاناتا وموقفها النقيض حيال أنشطة خاصة بالمعارضة.
ففي الآونة الأخيرة، بعد تلقي شكوى بشأن تصريحات أثارت جدلا أدلى بها المعارض من حزب المؤتمر، رانديب سورجيوالا، اتخذت لجنة الانتخابات إجراء بحظره لمدة 48 ساعة.
ردود الفعل على تصريحات مودي
قال جاغديب تشوكار، من جمعية الإصلاحات الديمقراطية، وهي منظمة رقابية على الانتخابات، في رسالة قدمها إلى لجنة الانتخابات إن تصريحات مودي تنتهك مواد منصوص عليها في قانون قواعد السلوك وتمثيل الشعب، كما تنتهك قانون العقوبات الهندي، وطالب باتخاذ إجراءات فورية.
ووصف هلال أحمد، من مركز دراسات التنمية، التصريحات بأنها غير مسبوقة، وقال: “تحلى رئيس الوزراء مودي في الماضي بالحذر الشديد تجاه استخدام كلمات ذات صلة بالهندوسية، أو كلمات تتعلق بعقيدة هندوتفا [وهي حركة دينية قومية متشددة ترى أن الهند يجب أن تكون لأصحاب الديانة الهندوسية فقط]، أو بالمسلمين”.
وأضاف: “خلال فترة ولايته التي استمرت 10 سنوات، استخدم كلمة هندوتفا أو مسلم ثلاث أو أربع مرات، بيد أن الأمر لا يعني أنه لا يلمّح لناخبيه بشأن ما يحاول أن يقوله”.
وقال أحمد: “لدى حزب بهاراتيا جاناتا ثلاثة أنواع من الناخبين، الأول هم الناخبون المضمون أصواتهم، والثاني هم أولئك الذين اعتادوا في السابق التصويت لأحزاب أخرى والآن يصوتون لصالح حزب بهاراتيا جاناتا، والثالث هم الناخبون المتأرجحون الذين يصوتون لأي شخص. لذا أوضح مودي وجهة نظره في مثل هذا التوقيت المهم بعد أن تراجعت الأصوات”.
ويعتقد هلال أحمد أن هناك خطط رعاية اجتماعية ومشاريع تنموية وغيرها في بيان حزب بهاراتيا جاناتا، لكنه (مودي) لم يذكر الكثير عن أتباع هندوتفا، لذا سيكون لهذا الخطاب الأخير مبلغ الأثر في التصويت خلال الفترة المتبقية.
كما أدلى زعماء المعارضة بردود فعل حادة على تصريحات مودي.
وقال زعيم حزب المؤتمر، ماليكارجون كارجي: “ما قاله مودي هو خطاب كراهية، إنها حيلة متعمدة لصرف الانتباه… بياننا موجه لكل هندي. إنه يتحدث عن المساواة للجميع. إنه يتحدث عن العدالة للجميع”.
ووصف زعيم اليسار، سيتارام يشوري، تصريحات مودي بأنها “أمر فظيع”، مضيفا أن صمت لجنة الانتخابات يعد أمرا مقلقا للغاية.
وقال: “خطاب مودي الاستفزازي انتهاك صارخ لقواعد السلوك وقرارات المحكمة العليا بشأن خطاب الكراهية”.
كما وصف الحزب الشيوعي الهندي تصريحات مودي بأنها “سامة للغاية وطائفية ومليئة بالكراهية، والغرض منها هو تأجيج العداء على أساس ديني بين الهنود”.