نور شمس: ماذا نعرف عن تاريخ المواجهات في المخيم؟
شهدت مدن ومحافظات الضفة الغربية المحتلة إضراباً الأحد بعد أن أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية عن مقتل 14 فلسطينياً خلال عملية عسكرية إسرائيلية في مخيم نور شمس بمدينة طولكرم، والتي استمرت ثلاثة أيام.
وكانت القوى الوطنية والإسلامية في الضفة الغربية المحتلة أعلنت الحداد العام والإضراب “التجاري الشامل” لجميع مناحي الحياة يوم الأحد.
وأغلقت المدارس والجامعات والمحلات التجارية أبوابها، وتوقفت العملية التعليمية وفق وكالة الأنباء الفلسطينية.
ويعتبر مخيم نور شمس أحد المناطق التي لطالما شهدت اشتباكات ومواجهات بين الفلسطينيين والجيش الإسرائيلي خلال السنوات الماضية.
ما الذي حدث في نور شمس في الأيام الثلاثة الماضية؟
عصر الخميس في الـ 18 من أبريل/ نيسان دخلت قوات كبيرة من الجيش الإسرائيلي معززة بعشرات الآليات العسكرية ترافقها جرافات، وبدأت بتنفيذ عملية عسكرية واسعة النطاق، أدت لتدمير شوارع وأزقة مخيم نور شمس، وفق وكالة الأنباء الفلسطينية، التي نقلت تصريحات عن مدير خدمات المخيم، بأنهم لا يزالون يحصون الخسائر والأضرار.
فيما أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية أن الجيش الإسرائيلي منع دخول الطواقم الصحية لنقل المصابين والقتلى خلال العملية العسكرية، فيما قال الهلال الأحمر الفلسطيني إن طواقم الإسعاف نقلت العشرات من الإصابات من داخل المخيم منذ انسحاب الجيش الإسرائيلي، والتي تجاوزت 40 إصابة ما بين الرصاص الحي والضرب، فيما اصطفت سيارات الإسعاف الفلسطينية على مداخل المخيم تنتظر الحصول على إذن للعبور خلال عملية الجيش الإسرائيلي بحسب الهلال الفلسطيني.
كما تسببت العملية العسكرية بتدمير البنى التحتية في المخيم، وانقطاع التيار الكهربائي والمياه والاتصالات والإنترنت، الأمر الذي عزل المخيم عن محيطه بحسب وسائل إعلام فلسطينية.
من جهته قال المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي في وقت سابق يوم السبت، إن قواته “قضت على عشرة” ممن وصفهم بالإرهابيين و”اعتقلت 8 مطلوبين واستولت على عبوات ناسفة وأسلحة، ودمّرت معمل لصناعة العبوّات” بحسب الجيش.
وأكد الجيش الإسرائيلي أن 8 جنود أصيبوا بجروح طفيفة ومتوسطة خلال العملية العسكرية في طولكرم.
ماذا نعرف عن مخيم نور شمس؟
يقع المخيم شرق مدينة طولكرم ويبعد عن مركزها 3 كم، على الشارع الرئيسي الواصل بين مدينتي نابلس وطولكرم، و حسب تقديرات “الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني” يبلغ عدد سكانه في منتصف العام 2023 نحو 7083 لاجئ.
وتوّضح موسوعة المخيمات الفلسطينية، وهي مؤسسة بحثية فلسطينية مستقلة، أن المخيم أقيم عام 1952، على مساحة بلغت حوالي 226 دونما عند الانشاء، وتمددت إلى 230 دونما في وقتنا الحاضر، وقامت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الأونروا باستئجار الأرض التي أُقيم عليها المخيّم من الحكومة الأردنية في ذلك الوقت، بعد أن ضربت عاصفة ثلجية خيام لاجئين كانوا يقطنون في أحد الأودية بالقرب من مدينة جنين، إذ قامت الأونروا ببناء مساكن بما أصبح يعرف لاحقا بمخيم نور شمس.
وبحسب الموسوعة فقد سُمي المخيم بهذا الاسم نسبة إلى معتقل “نور شمس” الذي أنشأه الاحتلال البريطاني في فلسطين عام 1919 من أجل سجن أصحاب “الأحكام القاسية” ممن حكم عليهم بالإعدام أو السجن مدى الحياة. ويمكن أن يكون المعتقل قد استمد تسميته “نور شمس” من خلال موضعه المكشوف طوال النهار لأشعة الشمس بحسب الموسوعة.
وتعود أصول اللاجئين في المخيم إلى القرى الواقعة حول حيفا، وهي: الكفرين، وقنير، وصبارين، وأم الزينات، واجزم، وعين غزال، وعرعرة، والغبية، وأم الشوف، واللجون، والشقيرات، وأم الفحم، وفق الموسوعة.
تنشط في المخيم عدة قوى مسلحة لـ”مقاومة الاحتلال الإسرائيلي” بحسب قولها، أبرزها “كتيبة طولكرم – الرد السريع” أحد الأذرع العسكرية لكتائب شهداء الأقصى، المرتبط بحركة فتح، وفق القناة الرسمية للكتيبة على تلغرام، كما تنشط بها “كتيبة طولكرم – سرايا القدس” الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي التي انطلقت نواة تأسيسها من مقتل سيف أبو لبدة في عام 2022 خلال اشتباك مع الجيش الإسرائيلي قرب حنين، وأبو لبدة هو شاب عشريني من أبناء المخيم وأحد أفراد سرايا القدس – الجهاد الإسلامي، بحسب ما ذكر في رسالة كتبها قبل مقتله وتم تداولها واسعاً.
ويوجد في المخيم أيضاً عناصر من كتائب القسّام الجناح العسكري لحركة حماس، وفق بيانات صادرة عن الحركة.
تاريخ المواجهات في المخيم
شهد مخيم نور شمس على العديد من الاشتباكات وأعمال العنف، أبرزها خلال ما يسمى بـ”عملية السور الواقي” التي أطلقتها إسرائيل ضد مسلحين فلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة عام 2000، ووفق وسائل إعلامية فلسطينية محلية، كانت العملية العسكرية الأخيرة في المخيم هي “الأعنف والأشد” منذ عام 2000.
وخلال تلك الأحداث حاصرت آليات الجيش الإسرائيلي مخيم نور شمس، ومدينة طولكرم بالعموم، و”قصفت مناطق مختلفة منها بصواريخ من طائرات الأباتشي، واغتالت عناصر من الفصائل المختلفة فيه”، وفق ما يذكر مركز الإعلام الفلسطيني.
ويوضح مركز المعلومات الفلسطيني أنه “مع تشكل وتنظيم الحركات المسلحة الناشئة في المخيم خلال السنوات القليلة الماضية، تزايدت الاشتباكات بين تلك الحركات وأهالي المخيم والجيش الاسرائيلي”.
في عام 2023، وقبل تنفيذ حماس لهجومها في السابع أكتوبر/ تشرين أول، شهد المخيم على عدة عمليات عسكرية بين الحين والآخر وفق وسائل الإعلامية الفلسطينية، وأدت لجرح وقتل عدة أشخاص، لكن مع اندلاع الحرب في غزة، شهد المخيم تصعيداً أوسع للتوترات، ووفق وكالة الأنباء الفلسطينية فمنذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي وحتى اليوم شهد المخيم “22 اقتحاماً، أسفرت عن مقتل أكثر من 56 شخصاً”.
وفي 19 أكتوبر/ تشرين الأول نفذت القوات الإسرائيلية عملية واسعة في المخيم، ونفذت ضربة جوية أدت لمقتل 12 فلسطينياً، فيما أعلن الشرطة الإٍسرائيلية مقتل أحد أفرادها خلال العملية التي قال عنها الجيش الإسرائيلي إنها تأتي “للقبض على مشتبه بهم مطلوبين وتدمير البنية التحتية للإرهاب ومصادرة الأسلحة”، فيما قالت تصريحات صادرة عن القوى المسلحة في المخيم أنها “تصدّت للآليات والقوات الإسرائيلية التي كانت تداهم المخيم”.
وفيما وصفت وكالة رويترز حينها الضربة الجوية الإسرائيلية على المخيم “بالاستخدام النادر للقوة الجوية في الضفة الغربية”، قال الجيش الإسرائيلي إن الضربة “استهدفت مجموعة من الفلسطينيين شكلوا تهديدا للجنود في المنطقة”. وأضاف أنه اعتقل 10 فلسطينيين خلال المداهمة.
لاحقا، استمرّت مداهمات الجيش الإسرائيلي للمخيم وفق وكالة الأنباء الفلسطينية، التي نشرت عدة أخبار عن عمليات عسكرية في المخيم طوال الأشهر الماضية، رافقها تدمير للمباني والطرق، واستهداف لعمارات سكنية وتفتيش للمركبات، ورافقها اشتباكات مع الأهالي والعناصر المسلحة وفق بيانات صحفية.
وإلى جانب ذلك، أعلنت القوى المسلحة في المخيم عدة مرات في بيانات صحفية عن “محاولات اعتقال من قبل الأجهزة الأمنية الفلسطينية لعناصرها، وقيام الأجهزة الأمنية الفلسطينية بإزالة الحواجز”، إذ كانت آخر تلك التوترات بين القوى المسلحة في المخيم والأجهزة الأمنية الفلسطينية قبل نحو ثلاثة أسابيع، عندما قُتل أحد عناصر سرايا القدس، الجناح العكسري لحركة الجهاد الإسلامي في مخيم نور شمس، برصاص ” الغدر والخيانة” وفق بيان صدر عن كتائب طولكرم، فيما نشرت وسائل إعلامية محلية أن فلسطينياً قتل برصاص الأجهزة الأمنية في المخيم، بينما لم تعلق السلطة الفلسطينية عن الأنباء الواردة حينها.
وفي مطلع أبريل/نيسان الحالي، نفذ الجيش الإسرائيلي عملية في المخيم أدت لمقتل شخص، قبل تنفيذ عملية واسعة استمرت لثلاثة أيام منذ الخميس الماضي وحتى السبت، وأسفرت عن مقتل 14 شخصاً وفق وزارة الصحة الفلسطينية.