أخبار العالم

بمناسبة اليوم الدولي للأرض .. خبراء مغاربة يطالبون بصيانة النظم الإيكولوجية



في ظرفية مناخية تزداد قسوة، مرفوقة بتحديات طبيعية متداخلة وهائلة، يأتي الاحتفال بمناسبة “اليوم الدولي الأممي للأرض”، المخلَّد أمميا وعالميا يوم 22 أبريل من كل عام، في وقت اعتبرت منظمة الأمم المتحدة أنه “مِن الواضح أن أُمَّنا الأرض تبعث إلينا دعوة عاجلة للعمل” على منع فقدان أنواع طبيعية وتوازنات بيئية حاسمة.

“اليوم الدولي لأمِّنا الأرض” المحتفى به، للمرة الثالثة ضمن ما عُرف بـ”عقد الأمم المتحدة لاستعادة النظام الإيكولوجي 2021–2030″، يجدد ويُعلي من قيمة النقاش الذي تحظى به ضرورة حفظ وصيانة النظم الإيكولوجية المتدهورة مع كسب رهان ضمان استمرارية التنوع البيولوجي اللازم للحياة فوق الكوكب الأزرق.

وجدد “يوم الأرض” تنبيهاتٍ ما فتئت تطلقها الهيئات الأممية المعنية بشؤون البيئة والتنمية المستدامة من كون “الطبيعة تعاني؛ فالمحيطات تمتلئ بالبلاستيك ويزيد معدل حِمضيتها، ودرجات الحرارة المفرطة، مذكّرة بـ”حرائق الغابات والفيضانات، فضلا عن موسم الأعاصير في المحيط الأطلسي الذي حطم الرقم القياسي وألحق أضرارا بملايين الأفراد”.

وتابعت المنظمة الأممية، في منشور بالمناسبة على موقعها الرسمي: “يمكن أن يؤدي تغير المناخ، والتغييرات التي يتسبب فيها الإنسان في الطبيعة، فضلا عن الجرائم التي تعطّل التنوع البيولوجي؛ مثل إزالة الغابات، وتغيّر استخدام الأراضي، والزراعة المكثفة والإنتاج الحيواني أو التجارة المتزايدة والمُجّرمة في الأحياء البرية، إلى تسريع وتيرة تدمير الكوكب”.

“إن النظم البيئية تدعم كل أشكال الحياة على الأرض، وكلما كانت منظوماتنا البيئية أكثر صحة، كان الكوكب ومَنْ عليه أكثر صحة. وستساعد استعادة أنظمتنا البيئية المتضررة في القضاء على الفقر ومكافحة تغير المناخ ومنع الانقراض الجماعي؛ لكننا لن ننجح إلا إذا اضطلع كل فرد بدوره”، أورد المنشور سالف الذكر مذكرا بـ”حاجة التحول إلى اقتصاد أكثر استدامة يعمل لصالح الناس والكوكب”، مع دعوة لـ”تعزيز الانسجام مع الطبيعة والأرض”.

تحذير وتذكير

قال محمد بنعطا، مهندس منسق التجمع البيئي لشمال المغرب، إن “اليوم العالمي للأرض، الذي يتوافق مع المرور إلى تفعيل عقد الأمم المتحدة لاستعادة النظم الإيكولوجية في سنته الثالثة، يعد مناسبة للوقوف عند الوضعية البيئية والإيكولوجية التي بدأنا نلحظ تدهورها في السنين الأخيرة”.

وأضاف الناشط البيئي المهتم بقضايا التنمية المستدامة، في إفادات لجريدة هسبريس، أن “المملكة المغربية تتمتع بتنوع إيكولوجي جد مهم يبوّئها على صعيد دول حوض البحر الأبيض المتوسط المرتبة الثانية بعد تركيا”، ثم استدرك: “إلّا أنه مع الأسف الشديد، فإن السنوات الأخيرة تؤشر إلى تنامي بعض التخوفات بشأن تدهور المناطق الرطبة والوديان ومجاري المياه”.

وتابع شارحا: “صحيح أن المغرب عاش سنوات جفاف؛ غير أن الملاحظ هو فقدان المغرب لعدد من المناطق الرطبة، التي نعتبرها مناطق حساسة بالنسبة للتنوع البيولوجي”، مسجلا أن “أغلبها إما تم فقدانه كليا وقضى عليها الزحف العمراني أو استنزاف الفرشات المائية لصالح الأراضي المسقية”، ضاربا المثل بـ”منطقة دار بوعزة نواحي الدار البيضاء، انحسار مجرى نهر أم الربيع، وتجفيف المناطق الرطبة في جبال الأطلسين الكبير والمتوسط بعد استنزاف مياه كانت تُغذيها وتوسّع الأراضي المسقية”.

ولفت بنعطا إلى أن “يوم الأرض العالمي فرصة سانحة للفعاليات البيئية للتنبيه إلى ضرورة احترام التنوع البيولوجي وتطبيق قوانين تصُونُه واتفاقيات ومعاهدات وقّع عليها المغرب”، محذرا من أن “مسألة الصبيب الإيكولوجي المنصوص على ضرورة احترامها في قانون الماء لم تُحترم دوما ما جعلنا نصل إلى درجة مقلقة من التدهور الذي يشترك في مسؤوليته أيضا المستعلمون وليس السلطات فقط”.

وختم بأنها، كذلك، “مناسبة للتذكير والمناشدة والالتماس بحتمية الحفاظ على المناطق الرطبة من التغيرات المناخية والتدخلات البشرية التي تزيد من تدهور التنوع البيولوجي الذي يعد مهمّا لدورة حياة الأرض والإنسان معا”.

البيئة والنُظم المائية

أكد محمد بازة، الخبير البيئي في الموارد والنظم الإيكولوجية، المائية منها بالخصوص، أنه “مِن المعروف أن الماء هو أصل الحياة ولا حياة بدون ماء؛ لكن الكثير من الناس لا يعرفون مدى أهمية النظم البيئية المائية ولا يُولونها العناية اللازمة من أجل الحفاظ على الفوائد والخدمات التي تقدمها للبيئة والإنسان”.

وفي حديث مع هسبريس حول الموضوع، أوضح بازة أن “النظم البيئية المائية تضم المجاري المائية بكل أحجامها وأنواعها وكذا البُحيرات والمستنقعات الدائمة والبِرك ومِصبّات الأنهار الساحلية والمنابع المائية الطبيعية (العيون) والأراضي الرطبة وغيرها”.

كما شدد المتحدث على “أدوار عديدة تلعبها في احتواء حفظ التنوع البيولوجي من الكائنات المائية الحيوانية والنباتية، وكذا في تنقية المياه من المواد الملوِّثة والسامة”، مضيفا أنها “تشكل عناصر مهمة وحاسمة في الربط بين الأرض والمياه والتقليل من الفياضات وفي عمليات ضرورية للصحة والغذاء والاقتصاد والترفيه”.

وحسب بازة، فإن “النظم البيئية المائية حلقةٌ في الدورة الطبيعة المائية؛ مما يجعلها تلعب أدوارا فيما يخص منع ارتفاع الحرارة المحلية وفي تهاطل الأمطار ذات المنشأ المحلي التي قد تصل الى حدود 40 في المائة من الكمية الإجمالية”، متأسفا لكون “معظم الناس يجهلون هذه المزايا والخدمات ويقومون بتجفيف هذه النظم، خاصة في حالة ندرة المياه مما يزيد في تفاقم الندرة ويؤدي إلى التصحر”.

وعدّ الخبير في الموارد المائية أن “من بين التأثيرات المعروفة للتغير المناخي فقدان التنوع البيولوجي البحري الناتج عن ارتفاع درجات الحرارة الذي يؤدي، أيضا، إلى تحطيم النظم الإيكولوجية البحرية والساحلية”، مستدلا بتقديرات “اليونسكو” تفيد بأن “أكثر من نصف الأنواع البحرية في العالم قد تكون على شَـفا الانقراض بحلول عام 2100″، كما أن “ما يقدر بنحو 60 في المائة من النظم البيئية البحرية في العالم قد تدهورت بالفعل أو يتم استخدامها بشكل غير مستدام” بسبب ارتفاع درجة الحرارة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى