الطائفة اليهودية تثمن أثر تأهيل “مقابر العبريين” على “السياحة الدينية” بالمغرب
بعدما نادى نور الدين سليك، رئيس فريق الاتحاد المغربي للشغل، إلى الاعتناء بالمقابر اليهودية بالمغرب، خلال اجتماع للجنة الموضوعاتية المتعلقة بالسياحة بمجلس المستشارين، بحضور وزير الشباب والثقافة والتواصل المهدي بنسعيد، شددت الطّائفة اليهودية على أن برنامج ترميم المعابد والمقابر وفضاءات التراث اليهودي في كثير من المدن المغربية، الذي أطلقه العاهل المغربي، “خلق فرقاً واضحاً”.
وحسب أعضاء الطائفة الذين تحدثوا لهسبريس فإن “وضعية مقابر المغاربة اليهود أصبحت أفضل بكثير بعد عمل جبار بذله المغاربة الذين يعتنقون الدين اليهودي، سواء من الطائفة أو الجالية، وأيضاً وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية”، وذلك خدمةً لـ”تكريس مواطن التعايش بين اليهود والمسلمين منذ قرون خلت”، وتأكيداً “للمساهمة الحيوية للرافد العبري في وضع لبنات المجتمع”.
“انخراط ملكي”
حين طرحت هسبريس على المغربي جاكي كادوش، رئيس الطائفة اليهودية بجهة مراكش آسفي، موضوع المقابر اليهودية، عادت به الذاكرة إلى ما يزيد عن 30 سنة مضت على واقعة كانت هي “نقطة التحول” في وضعية مقابر الطائفة بالمملكة، ويحكي أن “وفداً من الجالية المغربية من معتنقي اليهودية جاؤوا مرة إلى مراكش يستفسرون عن قبور أجدادهم من الطائفة، الذين سكنوا الجبل وتعايشوا مع الأمازيغ”.
وتحدث كادوش عن ذهابه رفقة الوفد إلى دوار تغدوين، بإقليم الحوز، الذي “كانت وضعية المقبرة فيه متردية، بلا أسوار، والقبور مهترئة، وهنا بدأ تصور الطائفة لتأهيل هذه الفضاءات التي تختزن شقا من ازدهار يهود المغرب”، مؤكدا أنه عقب الزيارة جرت مراسلة الملك الحسن الثاني، لكن الطائفة بمراكش لم تتلقّ جوابا حتى غادر عالم الناس، وزاد: “قمنا بالمحاولة مرة أخرى مع الملك محمد السادس ونجح الأمر”.
ولفت المتحدث عينه إلى “تسخير الملك محمد السادس جزءاً من ماله الخاص لهذا الغرض، فتم إصلاح غالبية المقابر على مستوى التراب الوطني، خصوصاً وأساساً الموجودة في الوسط الحضري، وأيضاً في الهوامش والأرياف”، مسجلاً أن “الفرق الآن واضح وبيّن، فتقريباً جميع مقابر الطائفة تتضمن أسواراً واقية وقبوراً مبنية بطريقة متينة تحترم التراث اليهودي”.
وذكر رئيس الطائفة اليهودية بجهة مراكش آسفي أن “هناك مقابر خضعت لإعادة التأهيل رغم أن المدن التي توجد بها لم تعد تشهد وجود اليهود”، داعيا الطائفة سالفة الذكر إلى “المزيد من العناية بـ’مساكن الموتى’ في كل فضاء يحتاج ذلك، خدمة لهذا الإرث وضمانا لاستدامته وجعله حيا لتقوية السياحة الدينية وتقوية روابط الجالية اليهودية مع بلدها الأم”.
“جهود محمودة”
سونيا كوهين أزاغوري، المكلفة بالحفاظ على التراث اليهودي في طنجة، قالت إن “الجهود التي تم بذلها لتأهيل مقابر اليهود على مستوى أصيلة وطنجة تعدّ نموذجية، لكونها تربط المغاربة اليهود بذاكرتهم، وتجعلهم على ارتباط دائم بأجدادهم وأجداد أجدادهم الموجودين في القبور”، شاكرة “الملك محمدا السادس على عنايته بكل ما يتعلق بالرافد العبري، وسلطات الإدارة التي تسهل العمل”.
وأضافت أزاغوري، في تصريح لجريدة هسبريس، أن “الجهود التي بُذلت هي أقصى ما يمكنُ القيام به لهذا الغرض المتصل سواء بالمقابر اليهودية أو بما يحفظ تعبيرات وجود هذا الرافد الذي يجسّد نموذجاً متفرداً من التعايش بين المسلمين واليهود”، مشددةً على “مواصلة الاشتغال على كل ما يساهم في مواصلة هذا الإرث الذي يعكس الغنى في الهوية المغربية، سواء في الحياة أو في الموت: المقابر”.
ولفتت المتحدثة عينها إلى “التّوجه نحو القصر الكبير والعرائش، بعد طنجة وأصيلة”، موردة أن “الجهود مُشتركة ومتواصلة من طرف كلّ شخص له غيرة من الطّائفة على هذه الذاكرة التي مازالت حيّة”، وداعية إلى “انخراط الجميع للحفاظ على مغرب التنوع وعلى أصالة الهويّة المغربيّة المُنفتحة”، وختمت: “الجهود الرّسمية أيضا دورها حاسم ومهم في هذا المسار”.