هكذا واجهت سرطان الغدة.. والصوت نعمة لا تقدر بثمن
يروي الإمام والخطيب والقارئ المغربي المقيم بدولة الإمارات رشيد أيت خطر الرباطي قصته قبل سنوات خلت مع سرطان الغدة الدرقية، وكيف عمد إلى استئصال هذا العضو كاملا، ما هدد بشكل كبير حباله الصوتية التي بواسطتها كان يتلو القرآن ويؤم الناس.
واستحضر رشيد الرباطي، ضمن دردشة مع جريدة هسبريس، الأوقات العصيبة التي مرت عليه بسبب محنة سرطان الغدة الدرقية، لكنه استطاع الصمود بفضل قوة الإيمان بالقدر، وعاد إلى مهامه كإمام وخطيب، داعيا الأئمة والقراء إلى تصحيح النيات، واستشعار نعمة الصوت.
ورشيد الرباطي حاصل على تزكية الخطابة والوعظ والإرشاد بالمغرب، وهو إمام وخطيب بدولة الإمارات ومشرف سابق على مراكز التحفيظ ومحكم في عدة مسابقات ومجاز في القراءات على عدة مشايخ بأسانيد عالية، كالشيخ مصباح ودن، والشيخ محمد الغلبان، والشيخ سمير عبده عن الزيات، وحاصل على جائزتي الإمام المتميز والمثالي، وله تسجيلات في إذاعة أبوظبي بعد فوزه في مسابقة الإذاعة على مستوى دولة الإمارات العربية المتحدة سنة 2008
متى كانت بداية ظهور مرض السرطان؟.
بدايته كانت سنة 2010 وعملية الاستئصال الكاملة كانت سنة 2011.
كيف شعرت بزحف السرطان على جسمك؟
كان الشعور بداية بسبب انتفاخ في الجانب الأيسر من الرقبة تطلب تدخلا جراحيا دام ثلاث ساعات لاستئصال الورم، ثم تحليله وانتظار النتيجة وإن كان يستدعي استئصال الغدة الدرقية كاملة أو مجرد أدوية.
وماذا حصل بعد ظهور النتائج؟.
اتصل بي الدكتور لمراجعة المستشفى لأمر هام، فظننت أن الأمر يهم مجرد جلسة لتحديد الأدوية، فإذا به يخبرني بأنهم اشتبهوا في وجود ورم، ولا بد من تحويلي إلى مستشفى جامعي متخصص وبدء فحوصات أخرى، ولما أنهيتها تأكدوا من وجود ورم سرطاني يستدعي التدخل الجراحي لاستئصال الغدة كاملة. وكطبيعة بشرية يتأثر الإنسان نفسيا وبدنيا، وفي الوقت نفسه يتذكر ضعفه بين يدي ربه، وأن هذا الصوت الذي كنت تصلي به وتقرأ وتسجل في لحظة قد يتغير كل شي لتتيقن أن النعم من الله على عباده كثيرة، وتدرك أهمية شكرها والإخلاص للواهب سبحانه وعدم الاغترار بأي شيء.
كيف كانت إجراءات العملية؟.
بداية لما علم الدكتور بمجال عملي، وكانت لي حينها تسجيلات تذاع في إذاعة أبوظبي للقرآن الكريم، قال لي جزاه الله خيرا إنه سيستخدم جهازا لاستشعار الحبال الصوتية من باب الاحتياط أثناء العملية، مع فتح الباب على كل الاحتمالات التي تكون خارج التدخل الطبي.
وكم استمرت العملية؟.
كان مقررا أن تدوم ساعتين، لكن الأمور تعقدت وبلغت مدتها 7 ساعات ونصف ساعة، حتى انتشر خبر الوفاة للمدة الطويلة في غرفة العمليات، وترقب الجميع من الأهل والأصدقاء والمرافقين في المشفى.
بعد العملية أخبروني بأنهم استأصلوا حتى غدد الكالسيوم، ولكن بعد فترة تبين والحمد لله أن إحداها تفرز، فأغنت عن الدواء، واكتفيت بدواء الثيروكسين، مع مراقبة الجرعة، خصوصا أن مرض الغدة يتعلق بالحالة النفسية أكثر، وما إذا كان هناك نشاط أو خمول، ويتطلب الرعاية وتفهم الحالة. وبعد استكمال العلاج خضعت للعلاج النووي بأخذ حبة وعزلي لفترة دون مخالطة أحد، خصوصا الأطفال.
ما نصيحتك للقراء والأئمة؟
نصيحتي أولا لنفسي ولهم أن الإنسان عليه أن يصحح نيته ويحاسب نفسه، ويكون صوته ونفَسه وقراءته لله وحده، لا يغره كثرة من صلى، ولا يحزنه من ولى، ويعلم أن الله هو الذي أعطى ووهب، فلا يغتر بمدح ولا ثناء، وما عند الله خير وأبقى، والإخلاص عزيز وثمرته متصلة؛ ومع أهمية تحسين الصوت وحسن والأداء والقراءة للتدبر لا بد أن يقرأ لله وحده مع الحرص على عدم المبالغة في النغم على حسب قواعد القراءة أو المبالغة في التقليد بعيدا عن التكلف والتصنع، ليتعلق الناس بكلام الله ولذات القرآن لا لشيء آخر، وتذكر قول الله {إذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا} وقوله {تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله} مع الإقرار بوجود التقصير والسعي للتصحيح ومراقبة النفس وتجديد النية، والله يتولى ضعفنا وتقصيرنا.
ما الذي أثر فيك بعد عملية استئصال الغدة الدرقية؟.
لا أنسى دعاء الأحبة والأصدقاء والأهل وأساتذتي ومشايخي، وسؤالهم عني وحرصهم علي، وهذه نعمة من الله أحمده عليها.
وأشكر جريدة هسبريس على هذه الحوار، وآمل أن تكون رسالته واضحة في تذكر نعم الله وشكره عليها. وللجمهور ومن يقرأ هذا الحوار في هذه العشر المباركة أسأل الله أن يحفظكم في صحتكم وأهليكم ومن تحبون، ويقيكم شر الأسقام والأمراض، ويعافي كل مبتلى ومريض؛ إنه سبحانه نعم المولى ونعم النصير.