بوسريف يتصادى مع الرحالة المغربي ابن بطوطة في “أرض مظلمة خضراء”

عمل شعري جديد للشاعر صلاح بوسريف، صدر عن دار فضاءات بعمان الأردنية؛ وهو عمل شعري متواصل و”نص أو كتاب واحد”، يتصادى فيه الشاعر مع الرحالة المغربي ابن بطوطة.
وبعد عنوان العمل الشعري “أرض مظلمة خضراء” [أسفار. أقاليم. أمصار… بلَّلت الموج بالضوء]، لا يجد القارئ في المتن أي عنوان؛ حيث “نقرأ النص باعتباره دفقة واحدة”. ومما يبرر هذا، وفق الورقة التقديمية للعمل، “طبيعة أعمال وكتابات صلاح بوسريف التي تغير بناءها، وتحرر الشعر من العنونة والفهرسة، وما ليس من الشعر في بدايات، وما يكون في غير كتب الشعر، أو الأعمال الشعرية من علامات سير، أو تشوير. ولذلك، فالنص هنا سيار وأرخبيلي، السرعة فيه هي ما يتغير، بحسب اللحظة والموقف”.
وحسب المصدر ذاته، فإن في استعادة السياق الرحلي، في شخص ابن بطوطة، استعادة للعجيب الغريب، والمثير المدهش، أو ما يتحايث مع الخرافة، وما لا يصدقه العقل ولا الخيال، فيما جاء في رحلة ابن بطوطة، منذ خروجه من “طنجيس” مسقط رأسه، إلى أن وصل إلى آسيا.
وتكمن شعرية هذا العمل “في طبيعة لغته، وصوره وإيقاعاته، وما فيه من بناء أو معمار، ومن تشابك وتركيب بين السرد والحوار والاسترجاع، وبين الواقعي والخيالي، أو العجائبي، وإلغاء مفهوم الجنس أو النوع، بتهجين الأنواع والأجناس، وهو ما يعتبر به صلاح بوسريف الشعر “جامع أنواع””.
وتقول الورقة التقديمية للكتاب الشعري الجديد: “الشاعر في الرحلة، بكل مفارقاتها، وما تحتمله من عوالم غرائبية، لا الرحلة كما يعرفها من قرؤوا ابن بطوطة، في ما هو ضمن الرحلة كما هي مدونة، بل الرحلة في سياقها الشعري الغرائبي، الذي يحضر فيه الشاعر ليحاور ابن بطوطة، يراقبه، يكون معه، يرى كيف يواجه محنه، وكيف استطاع أن يكيف لسانه مع غيره من الألسن، وثقافته مع غيرها من ثقافات، في زمن كانت الحروب والغزوات والانهيارات شاملة، بها تغيرت، ليس معالم الكون فقط، بل معالم الوجود. والتاريخ هنا، ليس هو التاريخ كما يكتبه المؤرخ، بل هو التاريخ كما يكتبه الشعر، وهو كتابة، وليس تدوينا، وهو كتاب، وليس “قصيدة””.
ومن بين ما يقرؤه قارئ عمل بوسريف الشعري، على لسان ابن بطوطة:
ولدت في قارورة عطر،
أبي كان تاجر ملح،
يعبر البحر ليلا،
غير عابئ بما يقوله النهار عن البحر.
أو صاني بعد أن كبرت:
ـ في المرآة وأنت تشذب شاربك،
لا تظنن ما تراه هاجسا،
بل أنت تكون تركت خلفك ظلا،
لتسير في غيره.
لا تنتكس،
لا تتوان في كنس الصدى بما يليه من عناء.
دع النهر إذا نام في كفيك،
لا توقظه،
استمع إلى أحلامك في خريره.
ما إن تمشي،
حتى تتبعك الطرق.