آلاف الأردنيين يتظاهرون في محيط السفارة الإسرائيلية وسط اعتقالات وتحذير حكومي من “أيديولوجيات بائسة تريد تأليب الرأي العام”
يشهد الأردن ولليوم الثامن على التوالي دعوات لـ “حصار السفارة الإسرائيلية في عمّان” بحسب المتظاهرين، حيث شهدت الأيام الماضية مشاركة آلاف الأردنيين من رجال وشباب ونساء وحتى عائلات معهم أطفال.
وتكون معظم هذه الدعوات عبر وسائل التواصل الاجتماعي ودعوات شبابية وحزبية تنديداً بالحرب على غزة ولمطالبة الحكومة الأردنية بإغلاق السفارة الإسرائيلية وإلغاء اتفاقية السلام مع إسرائيل.
اعتقالات واحتكاكات
وتشهد المظاهرات في الأيام الأخيرة محاولات متكررة من قبل المتظاهرين للتجمع في الشوارع الفرعية المحيطة بالسفارة الإسرائيلية التي تشهد حضوراً أمنياً كبيراً، وتقوم الأجهزة الأمنية بتفريقهم وإطلاق الغاز المسيل للدموع واعتقال البعض منهم.
كما تحدث بعض الاحتكاكات بين المتظاهرين والأمن جراء محاولة المتظاهرين الوصول إلى مقر السفارة واقترابهم منها، فيما يسمح الأمن بالتظاهر عند ساحة المسجد الكالوتي في منطقة الرابية فقط، وهي المنطقة التي اعتاد المتظاهرون التجمع فيها.
وانتشرت تقارير عن قيام الأمن الأردني باعتقال العشرات من المتظاهرين ما بين شباب وفتيات، في وقت تنفي فيه الحكومة التضييق على من يخرج من أجل التضامن مع غزة.
وخلال إحدى المظاهرات وعند محاولة الأمن الأردني فض الاعتصام، قام المتظاهرون بالجلوس على أرض الشارع رافضين مغادرة مكان التظاهر، مما اضطر الأمن لفض التظاهر بالقوة.
نفي حكومي
وتقول الحكومة الأردنية إن الاعتقالات تكون على من يقوم بالاعتداء على رجال الأمن والممتلكات العامة والخاصة وليس على من يخرج للتظاهر بشكل عام.
يذكر أن الأردن طلب من إسرائيل بعد أيام من بداية حرب غزة عدم إعادة السفير الإسرائيلي إلى عمّان حيث كان في الخارج، واستدعى السفير الأردني من تل أبيب، غير أن المتظاهرين يصرون على حصار السفارة ومحاولة الوصول إليها.
وبشأن التقارير التي تقول إن الأمن الأردني يقوم بالاعتقالات والضرب والتضييق على من يخرج من أجل التضامن مع غزة، قال وزير الاتصال الحكومي الناطق باسم الحكومة الأردنية مهند مبيضين، إن ذلك غير صحيح مشيرا إلى أشخاص يريدون الاحتكاك بالأمن العام وممارسة عملية ابتزاز واستنفار للأعصاب، والأردن يمارس ويطبق القانون.
وذكر أن قوات الأمن العام تقوم بواجبها، “لكن عندما يأتي متظاهرون ومتظاهرات ويبدأون بالحديث بلغة غير محترمة مع الأمن العام ويستفزونهم بشعارات وبخطابات مثل (أنت تأخذ راتبك من أجل حماية هذه السفارة)، فهذا أمر لا يعبر عن الأردنيين ولا عن الأردنيات…”.
مظاهرات حتى الفجر
قبل شهر رمضان ومع بدايته انخفضت وتيرة هذه المظاهرات، لكنها عادت مؤخراً وبأعداد أكبر بالإضافة إلى وقفات أخرى في عدة محافظات أخرى مثل إربد والكرك والزرقاء وغيرها.
وتبدأ مظاهرات ليلية بعد الإفطار في شهر رمضان وتستمر لساعات حتى صلاة الفجر ووقت السحور، فيما يبدأ الأمن الأردني بإغلاق الشوارع المؤدية إلى منطقة الرابية في عمّان التي تقع فيها السفارة الإسرائيلية بعد الإفطار مباشرة.
وبحسب الدعوات على وسائل التواصل الاجتماعي، يجتمع المتظاهرين في عدة نقاط في محيط السفارة الإسرائيلية لمحاولة الوصول إليها، يقابله في نفس الوقت تشديد أمني وإغلاق في تلك النقاط.
رسالة أردنية لقادة حماس
أكد الناطق باسم الحكومة الأردنية مهند مبيضين، أن أي محاولات للتحريض على الدولة الأردنية هي محاولات يائسة تريد أن تشتت البوصلة وتشتت تركيزنا.
وقال عبر تصريحات صحفية: “نتمنى على قادة حماس أن يوفروا نصائحهم ودعواتهم لضرورة حفظ السلم ودعوة الصمود لأهلنا في قطاع غزة”.
وأضاف مبيضين أن “الأردن بلد له سيادة وله مرجعياته الدستورية وقيادته تسمو على هذه المرجعيات وعندما يكون الملك عبدالله الثاني في مقدمة الموقف العربي لا ننظر إلى بعض المراهقات السياسية، ولا إلى من يريد أن يحصد الشعبية على أنقاض الدمار الذي حل في غزة نتيجة لهذه الحرب الكارثية”.
وشدد على أن “الموقف الأردني مشرف وأخلاقي ومحترم ونقدر خروج الناس منادين ومطالبين بوقف هذه الحرب وهذا لم يخرج عن موقف الأردن من أول يوم للحرب حيث وصفها بأنها حرب إبادة”.
“هذا الموقف يأتي لأن القضية الفلسطينية لها خصوصية أردنية وهي جزء من أمننا الوطني”، بحسب الناطق باسم الحكومة الأردنية.
وأوضح أن “هناك أيديولوجيات بائسة وشعبويات تريد تأليب الرأي العام باستغلال المشاعر والعواطف”.
وأضاف: “هناك إفلاس من القوى التي تريد أن تطعن في الموقف الأردني أو تريد إجبار الأردن على اتخاذ خيارات أخرى”.
وذكر الناطق باسم الحكومة الأردنية أن “السلام هو خيارنا الاستراتيجي ومعاهدة السلام هي التي تمكننا من ممارسة دورنا في تخفيف الضغوط على الأهل في الضفة الغربية”.
مطالب وشعارات
وترفع خلال المظاهرات عدة شعارات تطالب الحكومة الأردنية بقطع العلاقات مع إسرائيل وإنهاء معاهدة السلام ووقف تصدير الخضار والتبادل التجاري.
كما تتضمن بعض الشعارات هتافات مؤيدة لـ “المقاومة” وقادتها، وهو ما دفع الناطق الرسمي للحكومة يطالب عبر تصريحات صحفية قادة حماس أن يوفروا نصائحهم ودعواتهم لضرورة حفظ السلم ودعوة الصمود لأهلنا في قطاع غزة بعد ذكرهم للأردن خلال خطاباتهم.
وهتف المتظاهرون بشعارات ضد الولايات المتحدة، مثل “أمريكا راعية للإرهاب، وشريكة في قتل آلاف المدنيين”، كما هتف المتظاهرون ضد السلطة الفلسطينية.
كذلك استنكر المتظاهرون الغاضبون مواقف الدول العربية من الحرب على قطاع غزة، والتي أدت إلى مقتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين في القطاع، أغلبهم من النساء والأطفال.
كما دعوا الحكومة الأردنية لاتخاذ موقف حازم بطرد السفير الإسرائيلي بشكل نهائي وإلغاء اتفاقية السلام مع إسرائيل.