“التيار المحافظ” يستبق تعديلات مدونة الأسرة بإطلاق حملة “ما تقيش عائلتي”
أياما معدودات قبل كشف لجنة مراجعة مدونة الأسرة عن التعديلات التي أجرتها على النص الأصلي للمدونة الذي تم العمل به لعشرين سنة الماضية، أطلق نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي حملة رقمية تحت عنوان “ما تقيش عائلتي”، يعلنون من خلالها الوقوف “ضدا في أي تعديل للمدونة خارج النسق الشرعي”.
كما أبرز النشطاء من خلال هذه الحملة، التي انتشرت على “نطاق واسع”، تخوفاتهم من “طغيان الفكر الحداثي على تعديلات المدونة واستيراد قيم غربية لتدبير شؤون الأسرة المغربية المسلمة”، مؤكدين “ضرورة انتصار التعديلات لشرع الله”.
واختلفت الآراء حول هذه الحملة، حيث رأى فيها المحسوبون على التيار المحافظ “دينامية مجتمعية وتعبيرا عن اختلاف التوجهات والآراء بخصوص الورش الأسري”، في حين اعتبرتها أصوات منتمية للصف الحداثي “حملة مرفوضة وغير بريئة بحكم تزامنها مع طرح التعديلات”.
بثينة قروري، رئيسة “منتدى الزهراء للمرأة المغربية”، قالت إن “هذه الحملة الرقمية تنم عن دينامية مجتمعية وعن تنوع التيارات الفكرية بالمغرب، وهي كذلك تأكيد على حرية التعبير التي تنص عليها القوانين الوطنية، وليست بالشيء العجيب أو المرفوض كما تريد التيارات الأخرى الترويج لذلك”.
وأبرزت قروري، في تصريح لهسبريس، أن “النقاش حول تعديلات المدونة التي من المنتظر أن تُفرج عنها اللجنة المكلفة يظل صحيّا، على اعتبار أنه يتعلق بملف حيوي يهم المجتمع المغربي برُمته، ويهم النسيج الأسري ككل”، موضحة أنه “لا يجب كذلك أن يتم السير في اتجاه التعارض مع حرية التعبير وتبادل الأفكار والآراء”.
وزادت: “التيار الحداثي الذي يرفض هذه الحملة عليه ألا يتعامل بمنطق الكيل بمكيالين، أي حلال عليه إعطاء تصوراته وحرام علينا؛ فهم كانوا السباقين إلى إطلاق حملات وهاشتاغات عبروا من خلالها عن رأيهم، في حين جاء الدور على هذا التيار المحافظ للتأكيد على رأيه بدوره، وهو أمر طبيعي ومشروع”.
وبينت رئيسة “منتدى الزهراء للمرأة المغربية” أن “جوهر الممارسة الديمقراطية يرتبط أساسا بالنقاش والاختلاف وتبادل الآراء دون محاولة نبذ التعددية والاختلاف”، خالصة إلى أن “تشريعا وطنيا من طينة مدونة الأسرة يحتاج بالفعل إلى استفاضة وتعميق النقاش دون محاولة إقبار وتحجيم الصوت المخالف”.
من جهتها، نجية تزروت، فاعلة حقوقية في مجال الأسرة والطفولة، أفادت بأن “هذه الحملة تشوش على السير العادي من أجل إقرار تعديلات مدونة الأسرة، وهي مخالفة للتوجهات الرسمية بخصوص تعديل المدونة التي تبقى تشريعا وطنيا لا بد من أن يواكب مستجدات العصر”.
وأضافت تزروت، في تصريح لهسبريس، أن “هذه الحملة تعد تمويها للمجتمع المغربي ومحاولة للعب على الوتر الحساس لدى المغاربة، خصوصا من خلال ربط الموضوع بمناهضة بالدين الإسلامي”، لافتة إلى أن “الأمر ينطوي كذلك على مبالغة وتهويل مقصوديْن”.
وسجلت المتحدثة أن “توقيت طرح هذه الحملة مثير للانتباه، بالنظر إلى كونه يتزامن مع اللمسات الأخيرة لطرح اللجنة للتعديلات التي قامت بإجرائها على نص المدونة، الأمر الذي يجعل الحملة مرفوضة وغير مرحب بها، وهي ليست بالغريبة عن الأشخاص الذين يقفون وراءها”.
وأكدت رئيسة “الرابطة إنجاد ضد عنف النوع” “وجوب عدم إيلاء هذه الحملة أكثر من حجمها، اعتبارا لكون ملك البلاد هو من أعطى التعليمات بمباشرة تعديل القانون الأسري وأقر بنفسه بوجود اختلالات فيه”، متابعة: “كحركة نسائية، نتطلع إلى حماية حقوق الأسرة ككل، وليس حقوق طرف دون آخر كما يحاول التيار المحافظ الترويج له”.