خلفيات احتجاج “الكناري” على مناورات عسكرية مغربية بالمحيط الأطلسي
على خلفية إقامة المملكة المغربية “نشاطا عسكريا” على طول الساحل الأطلسي الجنوبي، ابتداء من سيدي إفني وأكادير، ثم العيون والداخلة، خرجت سلطات جزر الكناري للاحتجاج أمام الحكومة الإسبانية.
وبحسب وكالة إيفي فإن “حكومة جزر الكناري نقلت قلقها إلى الخارجية الإسبانية، مطالبة بمعلومات حول هاته المناورات التي يعتزم المغرب إجراءها”.
ووفق المصدر ذاته فقد قال ألفونسو كابيلو، الناطق الرسمي باسم حكومة جزر الكناري، لوسائل إعلام، أمس الإثنين، مباشرة بعد انتهاء المجلس الحكومي، إن “الجيش المغربي يقوم بمناورات من جانب واحد”.
وسبق أن وجهت مندوبية الصيد البحري بسيدي إفني، الأسبوع الماضي، إعلانا للملاحين، والبحارة، خاصة الذين يشتغلون في مجال الصيد الساحلي والتقليدي، مفاده أن المنطقة المتواجدة في عرض ساحل مدينة سيدي إفني “ستعرف نشاطا عسكريا معلنا عنه من طرف البحرية الملكية خلال الفترة من 29 مارس إلى غاية 28 يونيو من السنة الجارية”، مشددة على “ضرورة الابتعاد عن هاته المنطقة في هاته الفترة، مع ضرورة اتخاذ كافة الاحتياطات اللازمة”.
بصمات اليمين
قال عبد الحميد البجوقي، كاتب ومحلل سياسي مختص في الشأن الإسباني، إن “تشكل حكومة يمينية في الكناري دفعها إلى الإلحاح على الحضور بشكل أساسي في مفاوضات مدريد والرباط التي تهم كل النقاط المتعلقة بمحيط المغرب والكناري”.
ويضيف البجوقي لهسبريس أن وجود مناورات عسكرية مغربية في المنطقة ليس بالأمر الجديد على الإطلاق، ويدخل في إطار تنسيق يخدم مصلحة المنطقة، موضحا أن “إثارة هذا الملف يبين أن مدريد دخلت أجواء الانتخابات المقبلة في كاتالونيا والباسك، وبعدها في البرلمان الأوروبي”.
ويبرز الكاتب والمحلل السياسي المختص في الشأن الإسباني أن مدريد ستتجاوز احتجاج الكناري، وسترد عليه بالقنوات الدبلوماسية التي تجمعها مع الحكومات المركزية، لافتا إلى أن “هذا الموضوع لا يثير ضجة إعلامية في إسبانيا على الإطلاق”.
ضغط لترسيم الحدود
يرى هشام معتضد، خبير في العلاقات الدولية والإستراتيجية، أن “التعبير عن القلق يندرج في إطار المواقف السياسية أكثر منها الأمنية بهدف الضغط على المغرب في ملف ترسيم الحدود، ومحاولة لفت انتباه مدريد بخصوص تسريع المشاورات السيادية في هذا الشأن”.
وأورد معتضد، ضمن تصريح لهسبريس، إلى أن “الحكومة الكنارية لا تترك فرصة متعلقة بالتحركات المغربية في فضاء التماس الجغرافي بينها وبين الرباط إلا وأثارت زوبعة سياسية أو هندست خرجات إعلامية، من أجل تسجيل أهداف ذات بعد سياسي إقليميا للاستهلاك الداخلي في خضم الديناميكية السياسية التي تشهدها الجزر”.
وشدد المتحدث ذاته على أن “التدبير السياسي الخارجي لجزر الكناري له حساسيات مفرطة تجاه التحركات السيادية للرباط، والحكومة الكنارية تستعمل التحركات المغربية كورقة ضغط على الحكومة المركزية في إسبانيا من أجل تحقيق مكتسبات إستراتيجية، ولكن أيضا من أجل مفاوضات متعلقة بالتدبير السياسي للجزر وشؤونها العامة”.
وتابع الخبير نفسه: “التهميش الممنهج الذي تعرض له المسؤولون الكناريون من طرف القيادة الإسبانية في البداية في ما يخص ملف ترسيم الحدود، وملفات أخرى متعلقة بالإستراتيجيات السيادية للتراب الكناري، جعل من الساسة في الجزر الكناري شخصيات ذات حساسية مفرطة تجاه الملفات المتعلقة بالأمن والسيادة التي تتعلق بفضائها الجغرافي”.
“هذا النوع من الاحتجاجات لا يؤثر على سير المناورات المغربية، ولا يضغط على التدبير السيادي للقيادة في الرباط، لأن السلطات المغربية تحترم إطارها السيادي وفق القانون الدولي، وتدبر شأنها الأمني والدفاعي المتعلق بالشؤون السيادية مع السلطات الخارجية المختصة كلما دعت الضرورة لذلك، احتراما للمساطر المتبعة في هذا الشأن”، يردف معتضد.
وخلص المتحدث سالف الذكر إلى أن “احتجاجات الحكومات المحلية على غرار جزر الكناري لا تعدو كونها مواقف سياسية وظرفية من أجل محاولة لفت الانتباه السياسي من السلطات المركزية، بغية تحقيق أهداف معروفة، ووفق حسابات إستراتيجية تندرج في الثقافة الإقليمية للجزر في علاقاتها مع الدولة المركزية”.