اليوم الدولي للحق في معرفة الحقيقة يسائل مصير ضحايا جبهة البوليساريو
خلد العالم، الأحد، اليوم الدولي للحق في معرفة الحقيقة في ما يتعلق بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ولاحترام كرامة الضحايا، الذي يصادف يوم 24 مارس من كل سنة، وهو اليوم الذي يتزامن وتاريخ اغتيال رئيس الأساقفة والسياسي أوسكار أرنولفو روميرو في دولة السلفادور بداية ثمانينيات القرن الماضي، فيما تؤكد فيه المفوضية الأممية السامية لحقوق الإنسان أن الحق في معرفة الحقيقة بشأن الانتهاكات الحقوقية الخطيرة “حق غير قابل للتصرف”.
ويعد هذا الموعد مناسبة لعدد من ضحايا الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان في مخيمات تندوف وذوي حقوقهم، وكذا الجمعيات الحقوقية المهتمة بهذا الشأن، من أجل تجديد مطالب الكشف عن مصير عدد من الصحراويين الذين كانوا ضحية الاختطاف والاختفاء القسري والتعذيب الممنهج وغيرها من التجاوزات، وكشف الحقائق والوقائع والظروف المرتبطة بها، وكذا محاكمة المتورطين والجناة أمام القضاء الدولي.
تجاوزات حقوقية
قال مربيه أحمد محمود، ناشط صحراوي وأحد ضحايا انتهاكات البوليساريو والنظام الجزائري: “إن هذا اليوم الدولي بقدر ما هو مناسبة لتسليط الضوء على المعاناة والتعذيب ومختلف الانتهاكات الحقوقية التي طالت عددا من الصحراويين من أمثالي، على يد عصابة البوليساريو وضباط المخابرات الجزائرية، فإنه كذلك مناسبة للمطالبة بكشف حقيقة هذه الانتهاكات والكشف عن مصير عدد من الضحايا، خاصة ضحايا الاختفاء القسري، وتسليم رفاتهم لذويهم ومحاكمة الجناة أمام القضاء الدولي”.
وأضاف المتحدث لهسبريس أن “أفرادا من عائلات عدد من ضحايا التجاوزات الحقوقية الصارخة التي ارتكبت في حقهم داخل المخيمات، من تجنيد قسري وتعذيب واختطاف، مازالوا يلحون على مطلب الحقيقة وكشف المصير المجهول لأبنائهم، والكشف عن ظروف هذه الانتهاكات وترتيب المسؤوليات القانونية عليها”، مشيرا إلى “وجود عدد من الانتهاكات المسكوت عنها داخل المخيمات، نظرا لمجموعة من العوامل، أهمها الخوف من العقاب الذي يمكن أن يطال فاضحيها على يد قيادات الجبهة الانفصالية”.
وأشار الناشط الصحراوي ذاته إلى أن “العديد من العائلات مازالت تنتظر التوصل برفات أبنائها الذين قضوا في سجون ومعتقلات البوليساريو، على غرار سجن الرشيد، وتطالب بالكشف عما وقع في ظل رفض البوليساريو فتح هذا الملف”، مسجلا أن “التغاضي عن كشف حقيقة ما حدث للعالم أو السكوت عن هذه الجرائم أو التنازل عن هذه المطالب التي تحاول البوليساريو الالتفاف عليها هو ظلم تاريخي للضحايا ولذوي حقوقهم”.
وطالب مربيه أحمد محمود في الوقت ذاته المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية والحقوقية، وكل الضمائر الحية في العالم، بـ”الوقوف ضد الجرائم والخروقات التي تشهدها المخيمات، والمستمرة لأزيد من 50 سنة، وإنقاذ المحتجزين من مستنقع تندوف، الذين تم الجز بهم فيه؛ ثم مكافحة كل أشكال الإفلات من العقاب، بالنظر إلى المعاناة والمأساة التي عاشها الضحايا ومعهم أسرهم وعائلاتهم، بل إن منهم من مازال يعيشها في ظل غياب الحقيقة”.
مسؤولية دولية
طالب رمضان مسعود، رئيس الجمعية الصحراوية للدفاع عن حقوق الإنسان بمدريد، بـ”كشف مصير المئات من الصحراويين وكذا الأجانب الذين اختطفوا على يد عناصر عصابة البوليساريو، ولم يُسمع عنهم خبر إلى يومنا هذا”، محملا الدولة الجزائرية مسؤولية كل الانتهاكات التي طالت هؤلاء الضحايا، بالنظر إلى وقوع هذه الأخيرة على أراضيها.
وأوضح مسعود أن “المجتمع الدولي مطالب بممارسة مزيد من الضغوط على الجزائر ومعها البوليساريو لمعرفة مصير المختفين والمختطفين”، مشيرا إلى أن “هذا المطلب طالما شكل مطلبا أساسيا لمجموعة من الجمعيات والمنظمات الحقوقية الدولية التي تُضمنه بشكل دوري في تقاريرها السنوية، بل وتطالب بمحاكمة مرتكبي هذه الأفعال المٌجرمة بموجب القانون الدولي الإنساني والاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها الجزائر نفسها”.
في هذا الصدد أشار المتحدث ذاته، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إلى أن “عددا من الضحايا والهيئات الحقوقية أقامت دعاوى قضائية أمام المحاكم الدولية ضد قيادات الجبهة وبعض الضباط الجزائريين المتورطين في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان”، موردا أن “الحق في معرفة الحقيقة مكفول بموجب عدد من الاتفاقيات الدولية، أبرزها الاتفاقية المتعلقة بحماية الأشخاص من الاختفاء القسري”.
وتفاعلا مع سؤال حول ما سميت “المصالحة” التي كان أعلن عنها زعيم الكيان الوهمي، أوضح رئيس الجمعية الصحراوية للدفاع عن حقوق الإنسان بمدريد أن “هذه الخطوة كانت مجرد مسرحية سيئة الإخراج من أجل ربح الوقت سياسيا، وإسكات الضحايا وعائلاتهم وثنيهم عن اللجوء إلى المحاكم”، مشددا على أن “قيادة البوليساريو والنظام الجزائري لا يمتلكان أي إرادة حقيقية للمصالحة ولتحقيق العدالة الانتقالية”.