المغرب يطمح إلى تكثيف التدخلات من أجل مكافحة انتشار داء السل بالبلاد

يتزامن يوم 24 مارس من كل سنة مع اليوم العالمي لمكافحة داء السل الذي يشكل مناسبة لتعميق النقاش حول هذا الداء الذي يظل من بين الأكثر فتكا على المستوى العالمي، فضلا عن آثاره الاقتصادية والاجتماعي على فئات اجتماعية واسعة؛ فقد تمكن العالم من إنقاذ 76 مليونا منذ مطلع الألفية.
وما يزال المغرب بدوره يتطلع إلى التخفيف من نسبة المصابين بهذا الداء في أفق 2030، حيث أكدت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، في وقت سالف، أن “الجهود التي تم القيام بها مكنت من تحقيق معدل اكتشاف يصل إلى 85 في المائة، مع الحفاظ على معدل شفاء يصل إلى 95 في المائة، في حين إن نقص معدل الإصابة بالسل ما يزال ضعيفا”.
ومنذ 1986، سعت المملكة إلى مجابهة الداء من خلال مجموعة من الاستراتيجيات والمخططات الوطنية مختلفة المُدد، من بينها المخطط الاستراتيجي 2018-2021، والمخطط الاستراتيجي للفترة ما بين 2021-2023، لكن على الرغم من ذلك ما تزال نسب المصابين بالسل في ارتفاع، حيث فاق عددهم ثلاثين ألفا.
في تعلقيها على الموضوع، قالت إلهام السنتيسي، أخصائية في الأمراض الصدرية الكاتبة العامة للعصبة المغربية لمحاربة السل، إن “داء السل من أبرز الأمراض التي تظل منتشرة بالعالم وبالمغرب كذلك، وهو في الأساس مرض ليس خطيرا كما يتم الترويج له، فنسبة الاستشفاء منه كبيرة إذا ما عولج مبكرا وبالطريقة الصحيحة من خلال اتباع مسطرة الاستشفاء الملائمة”.
وأبرزت السنتيسي، في تصريح لهسبريس، أن “عُصيات كوخ” هي المسؤولة أساسا عن انتشار هذا الداء، إذ “يمكن أن تصيب جل أعضاء الجسم، في وقت يبقى داء السل الرئوي هو المعدي؛ فهذا النوع هو الأكثر انتشارا، ويُعدي المصابُ به ما بين 10 و15 شخصا في السنة الواحدة إن لم يكن مستكملا لمرحلة العلاج اللازمة”.
وذكرت المتحدثة أن “من بين أسباب الإصابة بداء السل، نقص المناعة، خصوصا لدى المصابين بأمراض مزمنة والمدخنين وذوي التغذية غير المتوازنة، ومن أعراضه السعال المصحوب بالدم أحيانا، ضعف التنفس، فقدان الشهية والوزن، التعرق الليلي، الحمى الخفيفة والألم في الصدر، الإرهاق. وهي كلها أعراض تلزم المصاب بها لأكثر من أسبوعين بضرورة الكشف عن حالته الصحية لدى المصالح الصحية قصد اتخاذ ما يلزم من الإجراءات”.
الكاتبة العامة للعصبة المغربية لمحاربة السل لفتت الانتباه كذلك إلى أن “المملكة تبذل جهدا كبيرا في مكافحة هذا الداء من خلال البرنامج الوطني الذي تشرف عليه مديرية الأوبئة ومحاربة الأمراض؛ فهنالك تقريبا 60 مركزا للتشخيص بالمغرب، حيث تتكلف هذه الأخيرة بعمليات التطعيم والوقاية والكشف بالأشعة وتوفير الدواء والتتبع، في وقت تكون التكاليف أساسا بالمجان”، مسجلة أن “مكافحة هذا الداء تقتضي تحصين المرضى والأصحاء المخالطين لهم كذلك؛ فالمرضى يجب أن يكملوا الدواء لحوالي 6 أشهر على الأقل، في وقت يؤدي فيه إيقافه إلى تدهور صحة المصاب وانتشار العدوى على نطاق واسع”.
من جهته، قال الخبير الصحي محمد اعريوة إن “نسبة انتشار داء السل بالمملكة لا تزال مرتفعة على الرغم من كل الإجراءات التي تقوم بها وزارة الصحة والحماية الاجتماعية؛ فمعدل الانتشار يصل إلى 87 ألف حالة من ضمن كل 100 ألف نسمة، وهو رقم يظل مرتفعا، في وقت تبقى فيه حوالي 30 ألفا و355 حالة هي التي تخضع للعلاج حاليا، وبشكل متباين بين جهات المملكة”.
وأوضح اعريوة، في تصريح لهسبريس، أن “الجرثومة المسؤولة عن نقل العدوى تتنقل بشكل سريع عن طريق الهواء، غير أن ذلك لا يعني أن المرض معد، لأن انتقال هذه العدوى يتطلب التّماس مع المريض مرات عدة”، لافتا إلى أن “انتشار هذه العدوى يرتبط كذلك بطبيعة المسكن الذي يجب أن يكون ذا نسبة من التهوية الملائمة”.
وبيّن المتحدث أن “البرنامج الذي تعتمده وزارة الصحة برنامج من الجيل السالف، ولذلك يجب أن يتم تطويره بشكل يتماشى مع الطموح المغربي في هذا الصدد، حيث يجب تكثيف الحماية على صعيد الجهات والأقاليم”.