أخبار العالم

إعلاميون يرصدون أزمة الصحافة المغربية


أكد يونس مجاهد، الرئيس السابق للمجلس الوطني للصحافة، أن الصحافة في المغرب، سواء الورقية أو الرقمية، تعاني أزمة حقيقية، مما يثير تساؤلات حول وجود صناعة إعلامية وطنية فعّالة. جاء ذلك في ندوة حول “واقع الصحافة والإعلام الوطني والجهوي وتحديات المستقبل”، نظمتها مؤسسة ملفات تادلة ومكاتب ابن خلدون ومسار التميز في الصحافة والإعلام، السبت، بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة السلطان مولاي سليمان ببني ملال.

وفي تشخيصه للوضع الحالي، سجل مجاهد أن معظم المقاولات الإعلامية تتم إدارتها بطرق تثير القلق، مشيراً إلى ضرورة التركيز على المستقبل لمواجهة التحديات المتزايدة، خاصة مع تقدم التطورات وانتشار الذكاء الاصطناعي في العالم الرقمي للإعلام. وأضاف “نحن أمام تغيرات جديدة في الإعلام، وممارسين جدد، وقضايا جديدة، ومهن جديدة، بعضها إيجابي وبعضها سلبي”، لافتا إلى أن ذلك يشكل تحديًا كبيرًا بالنسبة للصحافة.

وأوضح مجاهد، خلال الندوة التي تم تنظيمها تخليدا للذكرى الرابعة لرحيل مؤسس الصحافة الجهوية محمد الحجام، الذي أبى إلا أن يرحل على سفر، أن هناك أزمة شاملة تمس الصحافة على الصعيدين الوطني والجهوي، داعياً إلى التفكير بجدية في مستقبل الصناعة الإعلامية في المغرب وشروط المقاولة الصحافية. وأبرز أن التصدي للتحديات التي يواجهها قطاع الإعلام في المغرب يتطلب سياسات عمومية فعّالة.

وفي سياق متصل، أشار مجاهد في هذه الندوة، التي حضرها نائب عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية- جامعة السلطان مولاي سليمان ومدير مكاتب ابن خلدون وشخصيات أكاديمية عدة، إلى وجود نقطة مضيئة في هذا السياق، هي تكليف الحكومة للمهنيين بتقديم مقترحات لمواجهة هذه القضايا. كما أكد على أهمية وجود قانون إطار يضمن وجود استراتيجية واضحة لقطاع الإعلام.

وختم مجاهد بالقول إن المستقبل يشهد تحولات جذرية في مجال الإعلام، مما يعني أن هناك حاجة ماسة لتبني سياسات فعالة تسهم في تطوير ودعم هذا القطاع الحيوي في المغرب، مشددا على دور الجامعات المغربية في تطوير البحث العلمي في هذه القضايا المجتمعية.

من جهته، أبرز عبد الكبير اخشيشن، رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية، أن الوضع الحالي للإعلام يتطلب تحليلًا شجاعًا لتحدياته بهدف تطوير بيئة إعلامية تلبي تطلعات المواطن وتحقق الرضا الإعلامي.

وشدد اخشيشن على أهمية تحديث القوانين التي تنظم القطاع الإعلامي، مشيراً إلى أن “أساس تطوير القطاع الإعلامي يكمن في تحديث القوانين التي تنظمه”.

وفي هذا السياق تحدث عن ورش يهدف إلى إعادة النظر في مدونة الصحافة والنشر، التي تشمل ثلاثة قوانين هامة: قانون الصحافي المحترف، قانون النشر وقانون المجلس الوطني للصحافة.

وأكد على أهمية الصحافة الجهوية كمستقبل للإعلام، مشيرا إلى أن “الصحافة الجهوية تقدم خدمات عمومية ضرورية على مستوى الجهات، وهو ما يعكس الحاجة الملحة لدعمها والمحافظة على استمراريتها”. كما عبر عن ضرورة توفير الدعم المادي للصحافة الجهوية من الجهات المختصة، إلى جانب اتخاذ إجراءات فعّالة لدعمها من الدعم المركزي.

وفي ختام تدخله، أشار اخشيشن إلى أنه يطمح إلى إعلام قادر على المنافسة والتأثير الفعّال، لافتا إلى أن “تحقيق ذلك يتطلب توفير الشروط الملائمة والجرأة الكافية للصحافيين، الذين يجب عليهم الدفاع بكل جدارة عن قضايا الوطن، بوسائل تكنولوجية متقدمة وبدعم مالي يمكنهم من الانخراط بقوة في مهنتهم”.

من جانبه اعتبر محمد لغريب، صحافي مهني بمؤسسة ملفات تادلة، الصحافة الجهوية أحد الأعمدة الأساسية للبناء الديمقراطي ورافعة “الجهوية” بالنظر إلى الدور الذي يمكنها أن تلعبه في إبراز خصوصيات الجهات وتعدديتها ضمن النسيج الوطني، مؤكدا حاجتها إلى قوانين ومؤسسات مهنية تراعي خصوصية البيئة التي تشتغل فيها، وإلى دعم حقيقي، محليا ومركزيا، اعترافا بوظيفتها بدل تركها تتخبط حتى تعلن عن موتها.

وأبرز المتدخلون في الندوة التحديات التي تواجهها الصحافة والإعلام في المغرب، مشيرين إلى أن الأزمة الحالية تتطلب تحليلًا شجاعًا وسياسات عمومية فعّالة لتطوير القطاع ودعمه، كما تستلزم تحديث القوانين لضمان بيئة إعلامية ملائمة وقوانين مناسبة تحمي استقلالية الصحافة وتعزز دورها الحيوي في المجتمع والديمقراطية.

وخلص المشاركون في الندوة، التي أشرف الدكتور إدريس جبري، منسق مسار التميز للصحافة والإعلام على تسييرها، إلى أن تطوير الصحافة الوطنية والجهوية يعد تحديًا هامًا يتطلب تضافر جهود الجميع، مؤكدين على دور الجامعات في تعزيز البحث العلمي وتدريب الكفاءات الصحافية والإعلامية، وعلى أهمية دعم الصحافة الجهوية، التي تلعب دورًا أساسيًا في تقديم خدمات عمومية ضرورية للمجتمعات المحلية.

تجدر الإشارة أنه تم الإعلان في نهاية الندوة عن الفائزين في المسابقة التي نظمتها مؤسسة ملفات تادلة في إطار تخليد الذكرى الرابعة لوفاة مؤسسها، والتي همت ثلاثة أصناف، هي: الصحافة المكتوبة والسمعي البصري والصورة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى