أخبار العالم

مؤلف يقارب 20 سنة من تطبيق المدونة



صدر، حديثا، مؤلف جديد موسوم بعنوان “مدونة الأسرة 20 سنة من التطبيق”، يعد مساهمة من مجلة المنارة للدراسات القانونية والإدارية في إثراء النقاش العمومي الدائر حول إصلاح هذه المدونة منذ خطاب الملك محمد السادس لعيد العرش 2022.

ويعد المؤلف محاولة لفهم مدونة الأسرة كمرآة تعكس واقع الأسرة المغربية، ويسلط الضوء على نقاط القوة والضعف التي تطورت خلال العشرين سنة الماضية، بشكل يقدم للقارئ فهما عميقا حول تأثير هذا الإطار القانوني على الحياة الأسرية في المغرب، ومساهمة علمية في النقاش القائم حول إصلاح مدونة الأسرة المغربية.

الإصدار ساهم فيه مجموعة من الأساتذة والباحثين والمتخصصين في مجال الأسرة ويأتي بتنسيق يونس مليح، أستاذ باحث بالكلية متعددة التخصصات بالرشيدية التابعة لجامعة مولاي إسماعيل بمكناس، وعادل المعروفي، أستاذ باحث بالكلية ذاتها، وعزيز قسومي، دكتور في الحقوق أستاذ زائر بكليات الحقوق بالمغرب، ورضوان العنبي، دكتور في الحقوق مدير مجلة المنارة للدراسات القانونية والإدارية. وقدمت له الأستاذة فاطمة الزهراء علاوي، أستاذة التعليم العالي بجامعة مولاي إسماعيل، عميدة بالنيابة للكلية متعددة التخصصات بالرشيدية.

ويحرص العمل على التوثيق ما لهذا الأخير من قيمة علمية، خصوصا توثيق عمل علمي قصد الإسهام في إغناء النقاش حول التصورات والتوجهات الكبرى للتعديلات المرتقبة الهادفة إلى تعزيز وتكريس الأمن الأسري في أفق مراجعة أحكام مدونة الأسرة وتجويد قواعدها القانونية.

كما يتناول المؤلف التطورات التي شهدتها الأسرة المغربية خلال هذه الفترة وكيف أثرت المدونة على العلاقات الأسرية، والتحولات الاجتماعية والثقافية التي نشأت نتيجة لها. كما يقدم رؤية مستقبلية وتحليلا استباقيا للتطورات المحتملة التي قد تطرأ في العقود المقبلة، مع التركيز على التحديات الناشئة وكيفية التصدي لها. ويعكس جهود البحث الشاملة والتحليل العميق لفهم الواقع الاجتماعي والقانوني للأسرة في المغرب، بعد فترة زمنية مهمة من تفعيل مدونة الأسرة.

واستحضر الواقفون وراء العمل تأكيد الملك محمد السادس في خطاب العرش بتاريخ 30 يوليوز 2022 على أنه: “… وإذا كانت مدونة الأسرة قد شكلت قفزة إلى الأمام، فإنها أصبحت غير كافية؛ لأن التجربة أبانت أن هناك عوائق عديدة، تقف أمام استكمال هذه المسيرة، وتحول دون تحقيق أهدافها. ومن بينها عدم تطبيقها الصحيح، لأسباب سوسيولوجية متعددة، لا سيما أن فئة من الموظفين ورجال العدالة ما زالوا يعتقدون أن هذه المدونة خاصة بالنساء، والواقع أن مدونة الأسرة ليست مدونة للرجل، كما أنها ليست خاصة بالمرأة؛ وإنما هي مدونة للأسرة كلها. فالمدونة تقوم على التوازن، لأنها تعطي للمرأة حقوقها، وتعطي للرجل حقوقه، وتراعي مصلحة الأطفال. لذا، نشدد على ضرورة التزام الجميع، بالتطبيق الصحيح والكامل، لمقتضياتها القانونية. كما يتعين تجاوز الاختلالات والسلبيات، التي أبانت عنها التجربة، ومراجعة بعض البنود، التي تم الانحراف بها عن أهدافها، إذا اقتضى الحال ذلك”.

كما استحضروا أيضا الرسالة الملكية الموجهة إلى رئيس الحكومة، المتعلقة بإعادة النظر في مدونة الأسرة، وذلك تفعيلا وتسريعا لأجرأة مضامين خطاب العرش لسنة 2022، حيث جاء في ثناياها ما يلي: “… وبعد، فقد مر على صدور مدونة الأسرة ما يقارب عقدين من الزمن. هذه المدونة التي كانت محل ترحيب مجمع عليه، اعتبارا لما حققته من مكاسب على مستوى النهوض بحقوق المرأة، وصون حقوق الأطفال، والحفاظ على كرامة الإنسان، ودعم دولة الحق والقانون، وبناء المجتمع الديمقراطي، وذلك في احترام تام لشريعتنا الإسلامية الغراء، ومراعاة للتطور الذي عرفه المجتمع المغربي. ورغم ما جسدته من مميزات، وما أفرزته من دينامية تغيير إيجابي، من خلال منظورها للمساواة والتوازن الأسري، وما أتاحته من تقدم اجتماعي كبير، فإن مدونة الأسرة أضحت اليوم في حاجة إلى إعادة النظر بهدف تجاوز بعض العيوب والاختلالات، التي ظهرت عند تطبيقها القضائي، ومواءمة مقتضياتها مع تطور المجتمع المغربي ومتطلبات التنمية المستدامة، وتأمين انسجامها مع التقدم الحاصل في تشريعنا الوطني”.

وتناول العمل هذه الاهتمامات التي أفرزتها مدونة الأسرة المغربية بعد عشرين عاما، والتي من خلال بالبحث في مدى فعالية دور النيابة العامة في قضايا التعدد وكذا المصلحة الفضلى للطفل والهوية القانونية في التشريعات الأسرية المغربية، وفي الدراسة الخاصة بزواج القاصر ودعوى الإلغاء في ضوء مدونة الأسرة والواقع العملي، وفي الاهتمام بدراسة الوساطة لحل النزاعات الأسرية بين التنظيم القانوني والتطبيق العملي.

علاوة على ذلك، يتناول العمل بحث موضوع الإصلاحات التشريعية في مجال الأسرة من خلال التحولات الاجتماعية والاقتصادية في المغرب وآفاق إصلاح مدونة الأسرة، ودراسات همت مصادقة المغرب على البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة بين تغليب القانون الدولي وحماية القيم الدينية، ودراسة مواضيع من قبيل الإشكالات القانونية والقضائية لمؤسسة الزواج في مدونة الأسرة وآفاق الإصلاح.

كما يتطرق الإصدار إلى مسطرة الصلح في المنازعات الأسرية على ضوء التنظيم القانوني والواقع العملي، وإثبات الحجر في مدونة الأسرة: دراسة على ضوء العمل القضائي، والإشكالات العملية للزواج في مدونة الأسرة، وانحلال ميثاق الزوجية، والوساطة الأسرية -واقع وآفاق، وأخيرا آيات الميراث وأفق الاجتهاد والتأويل في ضوء مدونة الأسرة المغربية: الوصية أنموذجا، ستشكل بحق طابقا علميا جديرا بالقراءة والاهتمام للطبيعة العددية والنوعية للمساهمات المشاركة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى