تحقيقات مكثفة تتوصل إلى كيفية طرح “غازوال رخيص” في السوق السوداء

السبت 23 مارس 2024 – 12:30
كشفت تحقيقات داخلية لدى شركة كبرى للبناء والأشغال بالدار البيضاء عن تسرب “غازوال” من أوراش تابعة لها، بعدما عمد مستخدمون إلى التلاعب بـ”بونات” التزود بالمحروقات، ووثائق الاستغلال الخاصة بشاحنات وآليات تستعمل في البناء، فحولوا مسار كميات مهمة من المادة المذكورة، التي تعتبر الأكثر استهلاكا في السوق، من أوراش مفتوحة إلى السوق السوداء.
وعلمت هسبريس من مصادر مطلعة أن مهربي “الغازوال” من الأوراش استغلوا أسطح مبان في الحي الحسني وحي الألفة بالدار البيضاء، لغاية تخزين كميات مهمة من هذه المادة، التي جرى بيعها بناء على الطلب، موضحة أنها تسوق بسعر لا يتعدى 11 درهما للتر، مقابل 13 درهما بالمحطات، ومشيرة إلى أن المتورطين تمكنوا خلال ظرف وجيز من جذب زبائن من سائقي تطبيقات التنقل الحضري (VTC)، وسيارات أجرة وغيرهم.
وأكدت المصادر ذاتها أن التدقيق في الوثائق الخاصة بالاستغلال داخل أوراش للبناء تابعة للشركة أظهر إسقاط الكميات المتبقية من “الغازوال” في خزانات آليات الحفر والتبليط والنقل من قوائم النفقات الجارية (Les dépenses courantes)، وتضخيم قيمة فواتير المشتريات “البونات”، وكذا تزوير أوامر مهام (0rdre de mission) من أجل الاستيلاء على مقتنيات إضافية من المادة المذكورة، التي تمت تعبئتها في صهاريج صغيرة، مزودة بأقماع وقناني مياه معدنية مستعملة، لغاية ضبط حجم الكميات المباعة.
ويحاصر ظهير 22 فبراير 1973، المتعلق باستيراد مواد الهيدروكاربور وتصديرها وتكريرها وتعبئتها وادخارها وتوزيعها، عمليات الاتجار والتوزيع غير القانونيين للمحروقات، إذ يوجب الحصول على إذن إداري في جميع الأعمال المرتبطة بتكرير المنتجات النفطية وتعبئتها واستيرادها وتوزيعها، فيما يرتب عقوبات حبسية وغرامات على المخالفين، خصوصا مع الخطورة التي يكتسيها تخزين مادة مثل “الغازوال” خارج ضوابط السلامة، من أجل عرضها في السوق السوداء.
وجرت عمليات البيع في السوق السوداء، حسب التحقيقات الجارية، عبر سماسرة مرتبطين بعلاقات مع سائقين في تطبيقات التنقل الحضري ومكتري سيارات من وكالات خاصة، وكذا أصحاب سيارات أجرة، إذ يتم طلب كميات معينة عن طريق الحجز عبر الهاتف، ليجري تحضيرها وتسليمها إلى طالبيها مقسمة إلى لترات منفصلة، ومعبأة في أكياس كبيرة، بما يجنبهم إثارة الشكوك والشبهات، خصوصا أن عمليات التسليم تجري في أحياء شعبية.
وتمكن المتورطون في التلاعب بمسار “الغازوال” من تصريف كميات مهمة من هذه المادة على مدى أشهر، قبل أن يكتشف أمرهم من قبل لجنة للافتحاص الخارجي، إذ استعانت إدارة الشركة بمكتب خاص لإجراء تدقيق في حسابات أوراشها، ما أدى إلى ضبط عدد من الخروقات؛ فيما شددت المصادر على تركيز المتلاعبين على الجودة والسعر عند بيع المنتج في السوق السوداء، من خلال إيهام الزبائن بأنه أكثر جودة من المعروض بالمحطات.
يشار إلى أن جودة المحروقات، خصوصا “الغازوال”، المادة الأكثر استهلاكا في السوق، فجرت جدلا خلال الفترة الماضية، بعد اكتشاف حالات تسويق محروقات مغشوشة، ما دفع وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة إلى إيفاد لجان تفتيش خاصة لتعقب عينات عشوائية من مادتي “الغازوال” والبنزين”، بعدما تعددت الشكايات حول حالات الغش، ووصل بعضها إلى البرلمان.