الرعاة الرحل يعودون إلى أراضي سوس
من جديد عاد موضوع الرعاة الرحل ليسيطر على النقاش بعدد من مناطق جهة سوس ماسة، تزامنا مع حلول قطعان من الماعز والإبل ببعض الدواوير التابعة لأقاليم تزنيت واشتوكة آيت باها، بما يتضح أنه استمرار لملف لم يتم طيه بعد.
وما إن تهدأ الأمور حتى تعود من جديد إلى التقلب، تزامنا مع فترة جفاف جد صعبة تعرفها البلاد، بما فيها جهة سوس ماسة والجهات الثلاث الجنوبية، في الوقت الذي يطالب السكان بـ”إيجاد حل عاجل لهذه الإشكالية، لا سيما أن الموضوع بات متجددا كل سنة ويهدد النسيج الاقتصادي والاجتماعي بالمنطقة”.
وفي هذا الصدد أدانت “تنسيقية أكال للدفاع عن حق الساكنة في الأرض والثروة” استمرار هذا المشكل بتراب جهة سوس ماسة و”تهديده للسلم الاجتماعي”، حيث أكدت “تلقيها تقارير من عدد من المناطق التي تعرضت للاستهداف من الرعاة الرحل بقطعان كبيرة تنتهك أراضي الساكنة ومغروساتها، دون تحرك من السلطات لوقف هذه الأعمال التخريبية التي تطال أراضي وممتلكات المحليين”.
وأوضحت التنسيقية، في بيان توصلت هسبريس بنسخة منه، أن “العمليات التخريبية شملت عددا من المناطق بسوس، بما فيها عمالات تارودانت وأشتوكن آيت باها وتزنيت؛ ولعل آخر هذه العلميات ما جرى بجماعة أربعاء آيت احمد بدائرة أنزي التي استهدفت فيها القطعان العديد من الدواوير، من ضمنها تيزي نداوبدي، أكرض ن تيزي، تكضيشت، تييوجكل، آيت ويديرن، وأنلا”.
وسجلت “أكال” تضامنها مع “كل المناطق المتضررة جراء هذه الاجتياحات، وتحميلها مجددا كامل المسؤولية للسلطات المعنية في ضمان أمن الساكنة وحماية أراضيها وممتلكاتها، فضلا عن وقوفها إلى جانب الساكنة في الدفاع عن أراضيها وممتلكاتها ضد هذا الاجتياح الذي يطال الدواوير في العديد من مناطق سوس، والتي تتعرض فيها الساكنة لاعتداءات متكررة في ظل الحماية المستمرة لهذه المافيات من المحاسبة وتطبيق القانون في حقها”.
من جهتها حاولت نزهة أباكريم، النائبة عن الاتحاد الاشتراكي، إيصال تطورات هذه القضية إلى البرلمان، حيث بعثت بسؤال كتابي إلى ليلى بنعلي، وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، أوضحت خلاله أن “جمعيات مدنية بدواوير أكادير، أكجكال، آيت إحي، آيت ويديرن والنواحي، تشتكي من هجمات الرعاة الرحل وتخريبهم للمجالات البيئية على مستوى دائرة أنزي بإقليم تزنيت”.
وبينت أباكريم، في سؤالها الذي يحمل رقم 3124/24، أن “هذا الوضع يضع البلاد أمام موقف حرج تجاه التزاماتها الدولية فيما يخص حماية المنظومات البيئية التي تشكل تراثا حيويا عالميا، خصوصا وأن هذه المناطق باتت مستباحة من طرف مستثمري الرعي الجائر، في وقت لم تقم أجهزة الضبط والمراقبة التابعة لوزارة الانتقال الطاقي بزجر المخالفين طبقا لما تنص عليه القوانين المتعلقة بحماية البيئة”.
وساءلت النائبة البرلمانية ذاتها الوزيرة عن “التدابير الفورية التي من المنتظر أن يتم اتخاذها لوضع حد لهجوم وترامي الرعاة الرحل على مجالات عيش ساكنة أدرار بجماعة أربعاء آيت احمد وعموم دائرة إقليم تزنيت، فضلا عن التدابير المنتظر اتخاذها لحماية شجر الأركان بالمنطقة من اعتداءات الرعاة الرحل”.
وفي تعليقه على الموضوع، قال حمو الحسناوي، فاعل مدني والناطق الإعلامي باسم “تنسيقية أكال للدفاع عن حق الساكنة في الأرض والثروة”، إن “استمرار هذه الهجمات هو نتيجة للتغاضي عن ممارسات هذه المافيات المستثمرة في الرعي، ومحاولة فرض سياسة الأمر الواقع على الساكنة بانتهاك أراضيها وممتلكاتها دون التدخل لحمايتها، وضبط هذه المافيات التي تجتاح أملاك الساكنة في سوس، وهو أمر طالما حذرت منه التنسيقية في مناسبات عديدة”.
وأضاف الحسناوي، في تصريح لهسبريس، أن “استمرار هذه الانتهاكات يتسبب في احتقان كبير في المنطقة بالنظر إلى أن الحكومة وكل المؤسسات المعنية تغض الطرف عن هذا الواقع المأساوي، حيث تمارس سياسة الهروب إلى الأمام بمحاولتها فرض القانون التنظيمي 13.113، الذي تعتبره الساكنة والتنسيقية قانونا تمييزيا صُمم على مقاس منطقة سوس وإحاحان دون غيرهما من المناطق”.
وأبرز أن هذا القانون التنظيمي “يشير بوضوح إلى مناطق انتشار شجر أركان دون غيرها، وهو ما نؤكد رفضه لكونه يستهدف البنية السوسيوثقافية للمنطقة، مع مساهمته في تهجير ساكنتها قسرا بتسليط الرعي المنظم على ممتلكاتها وأراضيها، التي تظل أساس الاستقرار والتنمية”.