هل يلغي الاتحاد الأوروبي اتفاقية الصيد مع المغرب بعد رأي “المحامية العامة”؟

خرجت تمارا كابيتا، المحامية العامة للاتحاد الأوروبي، بـ”رأيين مفاجئين” حول الطعون التي قدمها المجلس الأوروبي والمفوضية الأوروبية ضد حكم إلغاء اتفاقية الصيد البحري بين بروكسيل والرباط، والشكاوى التي تقدمت بها فيدرالية زراعية فرنسية “معادية” للمغرب.
وتبقى هاته الآراء كلها غير ملزمة في حكم محكمة العدل النهائي حول مصير هاته الاتفاقية، في وقت يبدأ فيه القضاة حاليا مداولاتهم في القضية، على أن يصدر الحكم النهائي والشامل في وقت لاحق لم يتم تحديده بعد، كما يشير منطوق الرأي.
واعتبرت كابيتا، في معرض رأيها الأول، أن محكمة العدل الأوروبية يجب عليها “إلغاء اتفاقية الصيد البحري الموقعة بين المجلس الأوروبي مع المغرب”، مقدمة بذلك “تبريرات تمثيل جبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر لجزء من شعب الصحراء”، وفق تعبيرها.
وقالت المدعية العامة في رأيها الآخر، الذي يتعلق بشكاوى فيدرالية “بايزان الفرنسية” والمدعومة من الجزائر والبوليساريو، إن “جميع المنتجات الزراعية القادمة من الصحراء يجب أن تحمل إشارة أو علامة تؤكد أنها مستقلة وليس من المغرب”، مشددة على أن “عدم الامتثال إلى ذلك يعد انتهاكا للقانون الدولي”.
وبخصوص حججها لدعم إلغاء اتفاقية الصيد البحري مع المغرب، بيّنت كابيتا أنه “على الرغم من أن الاتحاد الأوروبي يرى من خلال القانون الدولي أن المغرب هو القوة الإدارية في أقاليم الصحراء، وبالتالي يمكنه أن يوقع معه اتفاقية الصيد؛ فإن ساكنة الأقاليم الجنوبية من الممكن أن تكون لها التزامات كتقرير المصير”.
وردا على هذا الرأي الأوروبي، طالبت الحكومة المغربية على لسان الناطق الرسمي باسمها الاتحاد الأوروبي بتحمل كامل مسؤوليته لصون الشراكة مع المغرب وحمايتها من الاستفزازات والمناورات السياسية.
“محاولة للضغط”
تعليقا على هذا الموضوع، قال عباس الوردي، خبير في العلاقات الدولية، إن “هذا مجرد رأي، وليس بتوجيه. وفي الحقيقة، فقرات استنتاجات المدعية هي محاولة لتوجيه محكمة العدل الأوروبية نحو طريق الانفصاليين”.
وأورد الوردي لهسبريس أن المملكة لديها شراكات متعددة مع الدول الأوروبية، موضحا أن “الاتحاد الأوروبي يعي جيدا بموقع المملكة على الساحة الدولية، وأهميته الاستراتيجية في المنطقة”.
وشدد المتحدث عينه على أن “هذا مجرد رأي ولا يمكن بأي أساس أن يلزم حكم المحكمة النهائي”، لافتا إلى أن “المملكة لها شراكات متعددة ولا تقف فقط في أوروبا”.
وبيّن الخبير في العلاقات الدولية أن “البوليساريو” ليست دولة حتى يتم الأخذ برأيها، ولا يمكن لأوروبا أن تعارض المد الدولي وتستسلم لهاته الضغوطات.
وبالنسبة للمهنيين المغاربة في قطاع الصيد البحري بالأقاليم الجنوبية، فإن الاتفاقية بالأصل ليست بالمهمة، كما هو الحال لدى الرأيين اللذين تم تقديمهما الخميس.
حسن الطالبي العلمي، مهني بالقطاع وعضو بغرفة الصيد البحري بالداخلة، سجل أن “زوال الاتفاقية أو بقاءها لن يغير في الأصل من أي شيء، وفي الحقيقة سيزول عبء استنزاف ثروات المملكة في سواحل أقاليمها الجنوبية”.
واعتبر الطالبي العلمي، ضمن تصريح لهسبريس، أن القوارب الإسبانية والأوروبية استنزفت لوقت طويل ثرواتنا البحرية بشكل أضر بالفعل المهنيين المغاربة، مشددا على أن “مصالح المملكة هي أولوية بالنسبة لنا؛ لكن في هاته الاتفاقية نرى أن دولتنا تخسر أكثر مما تربح”.
وأضاف المهني بالقطاع أن “القوارب الأوروبية استنزفت الثروات السمكية بدون حسيب أو رقيب وبدون عوائد إيجابية على المهنيين المغاربة، كما أنها كانت موضوع شكاية مستمرة لنا؛ فهم يرفضون دخول الأجانب إلى مياهنا”.
“مراقبة مخزون الصيد”
ووضع العضو بغرفة الصيد بالداخلة شروطا يقترحها المهنيون المغاربة من أجل إعادة هاته الاتفاقية، إذ قال: “نعيد القوارب الأوروبية؛ لكن بشرط أن تتم مراقبة المخزون الذي تم اصطياده في موانئنا، مع إجباره على استهلاك المواد الغذائية والوقود في المغرب قصد تحقيق الرواج الاقتصادي”.
الرأي ذاته شاركه عادل السندادي، نقابي ومهني في قطاع الصيد البحري، حيث أكد على “عدم وجود منافع واضحة من استمرار هاته الاتفاقية بالنسبة للمهنيين المغاربة”.
وأورد السندادي لهسبريس أن التوجه الحالي الذي يجب أن تلعبه السلطات المغربية هو تقوية أسطول الصيد البحري وعدم الاعتماد على الدول الأخرى، مشددا على أن “المهنيين يرون استمرار اتفاقية الصيد البحري مع أوروبا من عدمه لن يحدث أي تغيير في المستقبل”.
وأبرز المتحدث عينه أن “إلغاء الاتفاقية هو أمر إيجابي تماما بالنسبة للمهنيين المغاربة، حيث إن القوارب الأوروبية تحمل تقنيات متطورة في شباك صيدها؛ وهو ما يؤثر كثيرا على المهنيين المغاربة، حيث لا يجدون ما يصطادون”.
واستطرد المهني بالقطاع في مدينة الداخلة قائلا: “نحن مع مصلحة المملكة المغربية الأولى بكل تأكيد. وفي حالة عودة الصيادين الأوروبيين، نريد أن يتم إجبارهم على إفراغ ما اصطادوه للمراقبة في الموانئ المغربية، مع تحديد دقيق للأصناف المسموح باصطيادها، والتي يجب ألا تشمل صنف السردين”.