هذه خلفيات احتجاج الخارجية الجزائرية على قرار نزع ملكية عقارات في الرباط
لم تتأخر الجزائر للرد على إعلان صدر بالجريدة الرسمية للمملكة المغربية عدد 5811 بشأن نزع ملكية 3 عقارات بالرباط مملوكة للجمهورية الجزائرية، من أجل المنفعة العامة، إذ وصفت هذه الخطوة بـ”السلوكيات الاستفزازية والعدائية” تجاهها، متوعدة بـ”الرد عليها بكل الوسائل التي تراها مناسبة”.
وبينما اعتبر بيان الخارجية الجزائرية أن قرار نزع ملكية هذه العقارات “يتعدّى بشكل جسيم على الالتزامات المنبثقة عن اتفاقية فيينا للعلاقات الديبلوماسية”، يرى محللون وخبراء القانون الدولي أن الخطوة المغربية “مؤطرة قانوناً ولا تستهدف الجزائر، بينما وجدت فيها الأخيرة فرصة للبروباغندا”.
الحسين كنون، محام رئيس المرصد المغاربي للدراسات السياسية الدولية، قال إن “هذا الاحتجاج ذا اللهجة التصعيدية غير المقبولة ولا المحسوبة، يدخل في صلب عقيدة الجزائر المتمثلة في كن العداء للمغرب ومحاولة إيجاد أي سبب مهما كان بسيطاً (سياسي، اجتماعي، اقتصادي، رياضي…) من أجل إثارة بروباغاندا التمثل في دور ضحية للمملكة ومصالحها الاستراتيجية والترويج لمغالطات موجهة للاستهلاك الداخلي والخارجي”.
وشدد كنون، في تصريح لهسبريس، على “بطلان اتهامات الجزائر للمغرب بعدم احترام اتفاقية فيينا المتعلقة بالشؤون القنصلية والدبلوماسية”، مؤكدا أن المغرب “دولة ذات سيادة، يمكنه في إطار القانون أن ينزع ملكية هذه البنايات من أجل المنفعة العامة، وهي بنايات لا تخضع لاتفاقية فيينا باعتبارها مهجورة بعد تنقيل مقر سفارة الجزائر إلى موضع آخر بطريق زعير بالرباط، فضلا عن سحب الجزائر سفيرها من المغرب، ما يعطّل العمل الديبلوماسي الذي تنشأ من أجله السفارات”.
وأبرز الخبير القانوني أن هذه العقارات “لا تتبع للشؤون القنصلية، ما يجعل منها عقارات عادية تخضع للقانون الإداري والقوانين ذات الصلة بنزع الملكية من أجل المنفعة العامة، وتمر بمسطرتين: الأولى إدارية تتمثّل في الإعلان عن هذا النزع في الجريدة الرسمية، والأخرى قضائية في الدولة التي توجد بها”، مشيرا إلى أن هذه البنايات “وإن كانت بها مكاتب ملحقة بالسفارة أو القنصلية، فإن الفقرة الرابعة من الفصل 55 من اتفاقية فيينا لم تشملها بالحماية”.
وذكّر كنون بأن المغرب سبق أن نزع ملكية السفارة السابقة للولايات المتحدة الأمريكية ودول أخرى دون أن يثر ذلك أي ضجة أو احتجاج من الدول المعنية.
في السياق ذاته، يتّفق عبد الفتاح الفاتيحي، مدير مركز الصحراء وإفريقيا للدراسات الاستراتيجية، على أن القرار المغربي “يعد إجراء قانونيا معتادا ومتداولا يمنح الدول الحق في نزع الملكية لدواعي المصلحة العامة”.
واعتبر الفاتيحي، ضمن تصريح لهسبريس، أن بيان وزارة الشؤون الجزائرية “غير مبرر سياسيا وتقنيا وقانونيا”، مرجعاً ذلك إلى كون “القانون المحلي يتيح للطرف الذي يدعي الضرر اللجوء إلى القضاء، بما فيه القانون الدولي، إذا ما استطاع الدفع بالاتفاقية الدولية المتعلقة بالهيئات الدبلوماسية”.
وخلص الخبير في العلاقات الدولية إلى أن “البيان الجزائري لا يبحث إحقاق حق عبر الطرق والمساطر القضائية المتاحة من خلال القانون المحلي أو القانون الدولي، إنما يريد زيادة حدة توتير النزاع مع المملكة المغربية لغرض شحن النزاع الإقليمي الذي تحرص الجزائر على أن تجعله غاية في أي نقاش يخص مختلف علاقاتها مع المغرب”.