فاجعة أزيلال تسائل “تأخر وزارة النقل” في تجديد أسطول النقل المزدوج
لم تكتمل السنة على “فاجعة دمنات” حتى وجد المغاربة أنفسهم إزاء “مأساة” أخرى في الجهة نفسها جراء حادث انقلاب سيارة للنقل المزدوج على الطريق الجهوية الرابطة بين آيت بوكماز وآيت بواولي في إقليم أزيلال، وأودى بحياة 10 أشخاص؛ الأمر الذي جدد النقاش بخصوص استمرار “المركبات البدائية” و”صعبة الصيانة” حتى الآن، على الرغم من إعلان الدولة أنها “ستدعم عملية تجديد الحافلات لنقل المسافرين بأخرى مزودة بالوسائل التكنولوجية الحديثة”.
كما أعادت الحادثة، مرة أخرى، المشاكل التي يتخبط فيها قطاع النقل المزدوج إلى الواجهة، خصوصا على مستوى السلامة الطرقية؛ وذلك على الرغم من أن هناك إجراءات قانونية وتنظيمية اتخذتها الجهات المسؤولة لتدبير هذا النقل الذي لا مفر للمواطنين منه في المناطق النائية أمام ندرة الوسائل؛ وهو ما ظل يُسائل هذه المركبات التي تلجأ أحيانا إلى نقل عدد يفوق قدرتها الاستيعابية.
“قيمة الدعم”
عبد الصمد سوسان، الكاتب الوطني للتنسيقية المغربية للنقل المزدوج، أفاد بأن “أطرافا كثيرة مسؤولة عن الحادثة؛ منها صاحب العربة، وأيضا الدولة التي لم تجهز طرقا مؤهلة تستطيع أن تضمن تنقلا سليما للمواطنين ضمن النقل المزدوج الذي يلعب دورا كبيرا وأساسيا في حركية المواطنين”، معتبرا أن “تأخر تجديد الأسطول بدوره من بين المشاكل التي يواجهها المهنيون؛ لأن قيمة الدعم الذي كانت تقترحه الدولة لم يكن كافيا بالنسبة للمهنيين، فلم يتعد 120 ألف درهم”.
وأوضح سوسان، في تصريحه لهسبريس، أن “جهود المهنيين أفضت إلى رفع الدولة قيمة الدعم إلى 240 ألف درهم، لاقتناء عربات تفوق كلفتها 50 مليون سنتيم؛ والفاعلون في النقل ينتظرون صدور القوانين التنظيمية والمراسيم لتنظيم توزيعه”، مستغربا لكون “الدعم بدأ منذ 2019، وإلى حدود الآن 5 ناقلات فقط استفادت؛ لأن القيمة التي تشجع المهني لتجديد الناقلة التي يشتغل بها لم تكن مغرية ولا كافية، وكان هناك تخوف من الديون”.
وأكد الكاتب الوطني لتنسيقية المهنيين أن “الحادثة لها علاقة بالنقل المزدوج، وهو ليس نقلا سريا وإنما منظم حسب الشروط المنصوص عليها في دفتر التحملات المتعلق باستغلال خدماته، الصادر 2016″، مبرزا أن “هذا النقل يظل عموما لا بديل عنه في المرتفعات؛ فهو الذي يربط ساكنة المداشر والقرى النائية بالأسواق الأسبوعية وبحواضر المدن لقضاء أغراض إدارية وغيرها”.
ودعا المتحدث عينه إلى “تخصيص تكوين نظري وتطبيقي للسائق المهني، لمعرفة كيفية التعامل مع الطرق الوعرة والخطيرة التي على الدولة تجهيزها بحواجز في الجوانب”؛ فالسائق، حسب سوسان، “يجد نفسه مباشرة على ناصية حافات جد خطيرة”، مؤكدا على “الاستثمار في هذا النقل، وتخصيص الدعم حسب حاجيات كل منطقة وطبيعة الأسطول المعتمد فيها، لنضمن مساهمته في التنمية الاقتصادية والاجتماعية”.
“حل جذري”
حسن الشهلاوي، رئيس المرصد الدولي للإعلام وحقوق الإنسان بجهة بني ملال – خنيفرة، اعتبر أن “الفواجع المتواصلة والمؤسفة تستدعي أن نمر إلى السرعة القصوى لإيجاد حل جذري ونهائي لهذا المشكل”، مضيفا: “لم نعد نحتاج إلى فواجع لتقوم القيامة ثم يغفو النقاش مجددا. على الدولة أن تتحمل مسؤوليتها وأن يكون التنسيق صارما بين الوزارات المعنية لمواجهة مشكل عميق في بنية النقل المغربي”.
واستعجل الشهلاوي، في تصريح لهسبريس، “تفعيل ما وعدت به وزارة النقل بخصوص تجديد الأسطول، لكونه تأخر رغم الحاجة إليه”. وتابع قائلا: “نحتاج إلى عربات جديدة، وإلى حواجز في جنبات الطريق على مستوى المنعرجات الخطيرة لكي تقي العربات من السقوط، وتشديد المراقبة على العربات التي لا تحترم القانون أو تلك التي تقل أكثر من عدد المقاعد المحدد؛ ويتعين أن نوعي المواطنين بظروف السلامة”.
ودعا المتحدث عينه إلى الخروج من “الحل المؤقت الذي طال أمده” و”تجويد خدمة النقل في المناطق البعيدة على مستوى التراب الوطني لضمان احترام حقوق المواطنين في التنقل وحماية كرامتهم أثناء القيام بهذه العملية”، مطالبا بـ”معالجة الموضوع في شموليته بتأهيل الطرق وتعبيدها، حماية لحق ساكنة المرتفعات في الحياة وفي ممارسة كافة أنشطتهم في ظروف آمنة وسليمة”.
وكان محمد عبد الجليل، وزير النقل واللوجستيك في حكومة عزيز أخنوش، قال، في مطلع السنة، إن “حافلات النقل المزدوج في المغرب يمكنها هي الأخرى أن تحصل على الدعم الموجه لتجديد أسطولها”، مسجلا أن “الوزارة تعمل، ابتداء من السنة الحالية، على إعداد برنامج جديد لتحسين هذا الدعم في السنوات المقبلة”.
وأضاف عبد الجليل أن “وزارة النقل واللوجستيك تعمل على إطلاق دراسة لإنجاز ميثاق وطني للحركية على المدى الطويل، بهدف تطوير منظومة شمولية ومستدامة للنقل الجماعي للأشخاص. كما أننا نواصل العمل مع وزارة الداخلية من أجل تنزيل الجهوية المتقدمة من خلال مواكبة المجالس الجهوية لإنجاز دراسات حول حاجيات التنقل داخل الجهات وإعداد مخططات التنقل، على أن يتم بعد ذلك الاتفاق على منهجية تنظيم النقل بهذه الجهات”.