أخبار العالم

من “الطباسل” إلى “التصرفيق” .. ماذا يحصل داخل حزب الاستقلال العريق؟



ماذا يجري داخل حزب الاستقلال العريق؟ سؤال بات يطرحه الجميع بعد تسارع وتيرة الخلاف والمواجهة بين الأطراف المتصارعة داخل الحزب، الذي يبدو أن أعضاءه باتوا يبدعون في وسم كل مرحلة أو ولاية بفعل مشين يظل ملازما لها، إذ بعد فترة حميد شباط ومعركة الصحون الطائرة، جاءت حقبة “التصرفيق” في مرحلة الأمين العام الحالي نزار بركة.

بداية القصة

منذ واقعة الصفع التي تعرض لها منصف الطوب، برلماني الحزب عن مدينة تطوان، على يد يوسف أبطوي، عضو اللجنة التنفيذية والقريب من محمد سعود والمستشار بديوان رئيس مجلس المستشارين النعم ميارة، في اجتماع المجلس الوطني، الذي عقد مطلع مارس الجاري لانتخاب رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر الثامن عشر، جرت مياه كثيرة تحت جسر الحزب.

“الصفعة” أو “السقطة” التي شهدها المجلس الوطني، وتم توثيقها ونشر مقطعها في وسائل التواصل الاجتماعي من داخل الحزب، صعبت مهنة قيادته في لملمة الموضوع، ودفعت الطوب إلى تقديم شكاية أمام القضاء ضد أبطوي، وظل يتمسك بعدم التنازل عن حقه جراء ما لحق صورته ونفسيته من ضرر بليغ إثر تلك الواقعة التي عبر فيها الفريق البرلماني للحزب عن تضامنه الكبير معه.

بل إن الفريق البرلماني، بقيادة رئيسه نور الدين مضيان، أصبح طرفا رئيسيا في المعادلة بعدما عقد اجتماعا طارئا في مجلس النواب، وأصدر بيانا ناريا في حق عضو اللجنة التنفيذية، الذي صفع عضو الفريق منصف الطوب، مما دفع باتجاه إصدار قرار يقضي بطرد وتوقيف بطل حادثة “الصفعة” المثيرة.

مؤازرة الفريق البرلماني الكبيرة لعضوه “المصفوع” جرت على رئيسه مضيان الكثير من المتاعب، وأدخلته بدوره في دوامة القضاء والمتابعة بعدما قدمت نائبة رئيس جهة طنجة تطوان الحسيمة، رفيعة المنصوري، شكوى ضده أمام المحكمة الابتدائية بطنجة، موجهة إليه تهما ثقيلة تتعلق بـ”السب والقذف والتهديد والابتزاز والمس بالحياة الخاصة للأشخاص واستغلال النفوذ والتشهير والتهديد بإفشاء أمور شائنة”.

وتم تداول تسجيل صوتي منسوب إلى مضيان يتحدث فيه عن مجموعة من الأمور والتهم المتضمنة في الشكاية، ويتوقع أن تكون المنصوري استندت إليه لجره إلى القضاء، وهو الأمر الذي نفاه مضيان في وقت سابق لهسبريس، معتبرا أن التسجيل الذي يروج “مفبرك”، وأن حسابات المؤتمر تقف وراء استهدافه.

ولم تقف الأمور عند هذا الحد، إذ أعلن أعضاء فريق الحزب بمجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة تجميد عضوية مضيان بصفته عضوا في مجلس الجهة في سياق الشكاية التي وضعتها زميلتهم رفيعة المنصوري ضده، معبرين عن دعمهم الكامل للمنصوري ضد مضيان، في رد واضح من محمد سعود وفريقه على رئيس الفريق البرلماني، الذي طالب بتجميد عضوية سعود في الحزب على خلفية صلته بواقعة الصفع.

دوافع الحرب المشتعلة

في تعليقه على التوتر الحاصل داخل حزب الاستقلال، قال المحلل السياسي محمد شقير إن احتدم الصراع بين أعضاء الحزب مع اقتراب موعد تنظيم مؤتمرههم “تحركه الرغبة في التموقع ضمن القيادة المقبلة للحزب”.

وأفاد شقير، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن هذا الصراع “تحول في بعض الأحيان إلى خصومات شخصية بين بعض الأعضاء، سواء من خلال الصفع أو رفع دعاوى قضائية”، مشيرا إلى أن هذه المظاهر والسلوكات تعبر عن “ضعف التأطير التنظيمي للحزب وافتقاره إلى بعض آليات تصريف المشاحنات الشخصية بين الأعضاء كوضع مدونة سلوك أخلاقي لتعامل أعضاء الحزب فيما بينهم لتصريف خلافاتهم في إطار من اللياقة السياسية والاحترام المتبادل”.

وأضاف موضحا أن هذه السلوكات تظهر أيضا “ضعف التربية السياسية داخل الحزب، إذ في السابق كان العضو يخضع لتنشئة سياسية تربي فيه نبل التعامل وطريقة النضال الشريف، كما كان يتم إخضاع أعضاء الحزب لآليات سياسية وتربوية تسمح بتدرجهم في المنظمات الموازية من شبيبة وغيرها لتلقينهم مبادئ النضال السياسي، ويبدأ هذا التدرج بأدائهم القسم على المصحف”.

صورة سلبية

وتابع شقير قائلا إن هذه السلوكات تعكس “عدم نجاعة اللجان التأديبية التي ينص عليها النظام الداخلي للحزب. لكن بالإضافة إلى هذه الأسباب، يبدو أن روح المصلحة هي التي تدفع إلى هذا النوع من السلوك”، مبرزا أن التنافس على الامتيازات والمناصب “قد يكون من أسباب هذه الخصومات الشخصية. ولعل هذا ينطبق على مضيان، الذي راج اسمه ضمن المرشحين للوزارة، مما قد يكون وراء رفع قضية ضده في هذا التوقيت بالذات”.

وأشار إلى أن هذه الممارسات تنعكس “سلبا على صورة الحزب، سواء أمام الأحزاب الأخرى أو أمام الرأي العام، الذي سيزداد نفورا واستياء من سلوكات شخصيات سياسية كان حري بها أن تشكل القدوة في المشهد العمومي”.

من جهته، اعتبر عبد الحفيظ اليونسي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحسن الأول بسطات، أن حزب الاستقلال من الأحزاب الوطنية التي لها “رصيد تاريخي مهم في التاريخ المعاصر لبلادنا”، مؤكدا أن هذا الحزب له “تقاليد في التنظيم الحزبي، وله حضور في هيئات مجالية ما زالت تشتغل إلى اليوم وتمد الحزب بالكفاءات والطاقات”.

فاتورة الخلافات السابقة

وأضاف اليونسي في قراءته لما آل إليه الوضع داخل الحزب العريق قائلا: “أصاب هذا الحزب ما أصاب البنية الحزبية لبلادنا ككل، بحكم عوامل موضوعية وذاتية”، لافتا إلى أن الحزب يدفع “فاتورة تدبير اختلافاته السابقة بناء على موازين قوى تنظيمية، إذ كان الحسم لمنطق التغلب وليس لمنطق التوافق”.

وتابع موضحا أن تأخير المؤتمر وظهور “تيارات مناطقية داخل الحزب وليست تيارات تختلف سياسيا أو فكريا في تقدير المرحلة، وظهور سلوكيات تحسم الخلاف بالعنف، كلها عوامل ستؤدي حتما إلى البحث عن مخرج في المؤتمر المقبل، الذي نتمنى له النجاح في كل الأحوال لأن هذا حزب وطني برصيد تاريخي كبير”.

وأشار إلى أن بعض ما تفجر مؤخرا داخل الحزب، سواء ما يمس بالذمة الأخلاقية أو السياسية أو المالية لبعض قياداته، أعتقد أنه “نتيجة السماح لكائنات انتخابية لا تمتلك رصيدا نضاليا للحضور في البنية القيادية مقابل إعطاء المناضلين أبناء الحزب دور “الكومبارس” في هذا التيار أو ذاك”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى