معركة بين مزارعين في الضفة الغربية تضع إسرائيل في مواجهة الولايات المتحدة
- Author, لوسي ويليامسون
- Role, بي بي سي نيوز – الضفة الغربية
أعلنت الولايات المتحدة فرض عقوبات على ثلاثة مستوطنين إسرائيليين، ولأول مرة، على موقعين زراعيين، في إطار إجراءات جديدة اتخذتها واشنطن ولندن لوقف التهجير العنيف للفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة.
قد لا يحمل فارس سمامرة سلاحاً، لكن لديه قوة عالمية عظمى تدافع عنه. وما زال يخسر المعركة.
مربي أغنام فلسطيني يعيش على المنحدرات المشمسة لتلال جنوب الخليل في الضفة الغربية المحتلة، أدت معركته مع جاره، وهو مستوطن إسرائيلي يدعى ينون ليفي، إلى جذب الولايات المتحدة وبريطانيا إلى النزاع.
يقول فارس: “لقد جاء ينون ليفي إلى هنا قبل ثلاث سنوات وبدأ يضايقني”.
ويضيف: “قبل الحرب (في غزة) كان الأمر معتادا. كانوا يأتون بطائرات بدون طيار. لكن بعد أيام قليلة من 7 أكتوبر/تشرين الأول، أصبح الأمر خطيرا. كانوا جميعا يحملون أسلحة. بدأوا يأتون إلينا ليل نهار. لدي أطفال صغار، عمر بعضهم أربع وخمس سنوات”.
وقال فارس إن ينون كان واحداً من مجموعة من المستوطنين الإسرائيليين المحليين، الذين كانوا يأتون بانتظام لمضايقة أغنامه بكلابهم وأسلحتهم، وحتى، كما يقول، للاعتداء على عائلته.
وقال: “لقد دمروا خزانات المياه وأغلقوا الطرق وأطلقوا النار على الأغنام. لقد أخبر زوجتي أننا إذا لم نغادر هنا، فسنقتل جميعا”.
وأضاف أنه عندما شتمته زوجته، ضربها ينون ليفي بعقب بندقيته.
وبعد ذلك بوقت قصير، غادر فارس وعائلته قريتهم “زنوتا”. ويقول ناشطون إنها واحدة من التجمعات الأربعة المحيطة بمزرعة المستوطنين والتي هجرها سكانها.
ونفى ينون التصرف بعنف تجاه الفلسطينيين في المنطقة، وقال إنه لم يكن يملك سلاحا حتى وقت قريب جدا.
لكنه يخضع لعقوبات من كل من الولايات المتحدة وبريطانيا.
الطريق إلى مزرعة ينون يشبه ما يحويه كتاب مصور للأطفال، وهو عبارة عن مسار ضيق يتعرج ذهابا وإيابا أعلى تلة شديدة الانحدار، وتتفرع منه المنحدرات والوديان بعيدا نحو الأفق على كلا الجانبين.
في الأعلى، يوجد كوخ فسيح بجوار سقيفة كبيرة، مليئة بأغنام تخنق أصواتها أنغام موسيقى البوب القادمة من الراديو.
وقال ينون: “إننا نحمي هذه الأراضي لضمان بقائها تحت الملكية اليهودية. عندما يكون هناك وجود يهودي، لا يوجد وجود عربي. نحن نراقب الأرض، ونضمن عدم القيام بأي بناء غير مرخص”.
وتعتبر معظم الدول المستوطنات، التي بنيت على الأراضي التي احتلتها إسرائيل في حرب الشرق الأوسط عام 1967، غير قانونية بموجب القانون الدولي، على الرغم من أن إسرائيل لا توافق على ذلك. كما أن البؤر الاستيطانية غير قانونية بموجب القانون الإسرائيلي.
وقالت بريطانيا إن ينون ورجلاً آخر “استخدما الاعتداء الجسدي، وهددا العائلات باستخدام السلاح، ودمرا الممتلكات كجزء من جهد مستهدف ومدروس لتهجير المجتمعات الفلسطينية”.
ونفى ينون هذه الاتهامات، وقال إن الحكومة الإسرائيلية تقف إلى جانبه.
وقال لبي بي سي: “لست قلقا. هذا ليس ضدي شخصياً، بل ضد أولئك الذين يعيقون إنشاء دولة فلسطينية. لا توجد إجراءات قانونية ضدي (في إسرائيل). هنا، كل شيء على ما يرام”.
وتقول كل من بريطانيا والولايات المتحدة إن هناك حدا أدنى من الأدلة التي يجب الوفاء بها، لكن لم تعلن أي منهما عن هذه الأدلة ورفضت مشاركتها مع بي بي سي.
أرسلنا إلى ينون مقطع فيديو يظهر فيه وهو على أرض فلسطينية، وهو يقترب من النشطاء بكلب مزمجر. لكنه قال إن الفيديو مضلل، وإنه كان يدافع عن قطيعه.
وأرسلنا له مقطع فيديو آخر يظهر فيه على ما يبدو وهو يدخل قرية فلسطينية أخرى بمسدس في أكتوبر/تشرين الأول الماضي. ورفض التعليق.
وجاءت العقوبات بعد تصاعد أعمال العنف في الضفة الغربية، في أعقاب هجمات حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول والحرب الإسرائيلية على غزة.
وتقول الأمم المتحدة إن العنف الذي ارتكبه المستوطنون الإسرائيليون شمل اعتداءات جسدية وتهديدات بالقتل، وإن عدد الفلسطينيين الذين نزحوا من منازلهم تضاعف العام الماضي إلى 1,539 شخصا – مع مغادرة أكثر من 80 في المئة منهم بعد 7 أكتوبر/ تشرين الأول.
وقالت بريطانيا إن إسرائيل تقاعست عن التحرك، ووصفت ما سمته “بيئة الإفلات شبه الكامل من العقاب للمتطرفين المستوطنين في الضفة الغربية”.
وقال ينون إنه تلقى الدعم من السياسيين الإسرائيليين.
وقال: “لقد اتصل بنا الكثيرون وشجعونا. قال الجميع إنه عندما يكون الأشرار ضدك، فيجب عليك أن تفعل شيئا صحيحا”.
أحد السياسيين الذين دعموا ينون علناً في أعقاب العقوبات كان “تسفي سوكوت”، من الحزب الصهيوني الديني المتطرف، وهو نفسه مستوطن.
وقال إن عنف المستوطنين كان “ظاهرة هامشية” وإن أمثال ليفي كانوا ضحايا المؤامرات.
وأضاف: “عندما يكون لدينا نظام قضائي فعال في إسرائيل، فإننا لا نريد أن يقول حلفاؤنا: سوف نقوم بهذه المهمة نيابةً عنكم”.
وتابع: “لو كان هناك دليل ضد ينون ليفي لكان في السجن الإسرائيلي. من هي بريطانيا لتقول: نحن أذكى من المخابرات الإسرائيلية؟”
وقال قائد الشرطة الإسرائيلية المسؤول عن التحقيق في الشكاوى في الضفة الغربية للجنة البرلمانية، التي يرأسها سوكوت، هذا الأسبوع إن نصف الشكاوى المقدمة بشأن عنف المستوطنين هناك كاذبة، وإنها جاءت من “منظمات يسارية متطرفة في تل أبيب”.
وعلى هذه الخلفية، فإن العقوبات المفروضة على حفنة من المستوطنين الأفراد لم تغير السياسات الإسرائيلية في الضفة الغربية، ولكن لها تأثير مالي.
وتم تجميد حساب ينون المصرفي الإسرائيلي الشهر الماضي.
واستخدم بعض الأشخاص الخاضعين حاليا لعقوبات الولايات المتحدة وبريطانيا التمويل الجماعي لتمويل مشروعات في منطقتهم – بما في ذلك مشروع لبناء كنيس ومركز تعليمي في موقع استيطاني آخر على قمة تل يسمى مزرعة موشيه.
وتم فرض عقوبات على مالكها، موشيه شارفيت، مع ينون ليفي الشهر الماضي.
لكن يوم الخميس، قامت الولايات المتحدة بتوسيع العقوبات لتشمل عدة أهداف جديدة، بما في ذلك المزرعة نفسها، مما يعرض هذا النوع من التمويل للخطر.
وقد تكون هذه العقوبات رمزية أكثر منها جوهرية، لكنها تشير إلى استياء أمريكي – سواء بالنسبة لقادة إسرائيل أو بالنسبة لأجزاء من قاعدة الرئيس بايدن الديمقراطية التي شعرت بالفزع إزاء صور الحرب في غزة، في عام انتخابي.
ووصف رئيس مجلس المستوطنين المحلي، شلومو نعمان، هذه الظاهرة بأنها “ظاهرة مثيرة للاشمئزاز”، وقال إن الضفة الغربية تُستخدم ككبش فداء.
وقال يهودا شاؤول، مؤسس مركز أوفيك للأبحاث: “أعتقد أكثر من أي شيء آخر، أن ما يدفع رد فعل بريطانيا والولايات المتحدة هو الخوف من هجوم واحد للمستوطنين يخرج عن نطاق السيطرة”.
وأضاف: “الضفة الغربية (آنذاك) ستنفجر كالبركان. ولدينا جبهة أخرى، كما لو أن غزة ليست كافية، وأن الطريق إلى حرب إقليمية لا يمكن إيقافه تقريبا”.
اثنان من مربي الأغنام في الضفة الغربية المحتلة – أحدهما مدعوم من قوة عظمى والآخر مدعوم من دولة إسرائيل. إذا كان نمط الحياة هنا بسيطا، فإن السياسة معقدة.
من مزرعة ينون الواقعة على قمة التل، يمكنك أن ترى بوضوح أنقاض قرية زنوتا الجاثمة على التل المقابل، وفيها المنزل الذي تركه فارس سمامرة قبل أشهر.
تم تدمير العديد من المنازل – وأخذ أصحابها الأسطح والأثاث إلى المنفى، ويقول نشطاء إن المستوطنين حطموا الجدران لمنعهم من العودة.
ويتم الاستيلاء على القرية المهجورة ببطء، من قبل ضفاف شاسعة من نبات الخبيزة البرية الذي ينمو تلقائيا.
وعلى عمود بالقرب من المدخل، تم رسم نجمة داود كبيرة باللون الأزرق.
ويشير المستوطنون هنا إلى هجمات الفلسطينيين ويقولون إنهم خائفون.
لكن الفلسطينيين هم الذين يغادرون.