“لماذا يفوز بوتين دائماً؟” – واشنطن بوست
نطالع في قراءة الصحف اليوم موضوع تناول الانتخابات الرئاسية الروسية والتي تبدأ الجمعة صباحاً، حيث تفتح مراكز الاقتراع أبوابها الجمعة وتمتد حتى الأحد، انتخابات هي الأولى في البلاد منذ بدء الحرب على أوكرانيا قبل عامين، في حين توقعت صحف عالمية أن يكون الفوز للرئيس الروسي الحالي فلاديمير بوتين.
كما ورد في صحف ناقشت الانتخابات الروسية ونعرضها لكم، فإن عناوين الصحف تحدثت عن أن الانتخابات المزمع انعقادها، “شكلية” رغم وجود ثلاثة مرشحين آخرين منافسين لبوتين هم نيكولاي خاريتونوف وفلاديسلاف دافانكوف وليونيد سلوتسكي.
في حين انتقدت وسائل إعلام روسية موالية لسياسة بوتين الانتقادات الموجهة للانتخابات الرئاسية.
“لماذا يفوز بوتين دائماً؟”
نبدأ من صحيفة واشنطن بوست الأمريكية التي عنونت مقالها للكاتب روبين ديكسون بـ”لماذا يفوز بوتين دائماً؟”، مضيفة أن بوتين “نجح في مركزية السلطة، وعمل على غزو جورجيا وأوكرانيا ودمّر المعارضة الروسية”.
وتضيف: “دمر بوتين المؤسسات الديمقراطية بشكل متواصل، ما جعل وسائل الإعلام والمحاكم والبرلمان الذي لا يحقق أي فعل واللجنة الانتخابية المروضة تحت سيطرة دولة صارمة، قمع الاعتراض، وحظر انتقاد الحرب”.
تقول الكاتبة: “في انتخابات تستمر ثلاثة أيام ولا تترك مجالاً للشك، يستعد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للفوز بولاية خامسة يوم الأحد، ما يسمح له بالبقاء في السلطة حتى عام 2030، وفي حال ترشحه مرة أخرى، حتى عام 2036″، تقول صحيفة واشنطن بوست.
تذكر الصحفية في بداية مقالها: “العديد من المحللين يعتقدون أن – المستبد – البالغ من العمر 71 عاماً سيحكم هذه الأمة التي يبلغ عدد سكانها 146 مليون نسمة مدى الحياة”.
تعزو الكاتبة فوز بوتين المتوقع واستمراره في الحكم إلى التعديلات الدستورية التي أجريت في عام 2020، “صمم بوتين تغييرات على الدستور في تصويت على مستوى البلاد شابته مخالفات سمحت له بفترتين أخريين على الأقل مدة كل منهما ست سنوات”.
“لم يكن من المفترض أن يكون الأمر على هذا النحو، فبموجب الدستور الروسي [قبل التعديل]، كان من المفترض أن تنتهي فترة بوتين في السلطة في عام 2008، ولكن في ظل سياسة الفخ والتبديل الصعبة، حكم روسيا فعلياً كرئيس للوزراء لمدة أربع سنوات، وتبادل المناصب مع ديمتري ميدفيديف. عاد بوتين رئيسا في عام 2012، مما أثار احتجاجات ضخمة لم تغير شيئاً”، تضيف الصحيفة.
وترى الصحيفة أن “وسائل الإعلام التي يسيطر عليها الكرملين زودت روسيا بخرطوم من الدعاية لإقناع الروس بأن بوتين وحده هو القادر على ضمان الاستقرار، وتصور الغزو الروسي لأوكرانيا باعتباره – حرب حياة أو موت – يخوضها حلف شمال الأطلسي ضد روسيا، ولا يستطيع الفوز بها إلا بوتين”.
“روسيا أفضل”
إلى صحيفة الغارديان البريطانية وفي مقال الصحفي السياسي تيموثي غارتون آش، الذي يقول إن “هذه الانتخابات لن تشكل انطلاقة لأي تغيير في روسيا، ولكن الهزيمة لبوتين في أوكرانيا يمكن أن تكون كذلك”.
ويعتقد أنه بحلول يوم الاثنين المقبل، سيكون فلاديمير بوتين قد “أُعيد انتخابه” رئيساً لروسيا.
وبحسب ما يرى الكاتب، فإنه “ليس لدى الناخبين الروس خيار حقيقي في نهاية هذا الأسبوع، بعد أن قتل بوتين خصمه الأكثر شراسة، أليكسي نافالني، وأمر باستبعاد أي مرشح آخر قدم ولو فرصة ضئيلة للمنافسة الحقيقية”.
ويتحدث الكاتب عن المعارضة في روسيا والتي “ظهرت في المراسم الموجهة للمعارض نافالني بعد موته في السجن مؤخراً”.
ويضيف: “أظهرت لنا الأسابيع القليلة الماضية أنه لا تزال هناك روسيا أخرى، كما كانت هناك ألمانيا أخرى حتى في ذروة قوة أدولف هتلر في الرايخ الثالث. لقد خاطر عشرات الآلاف من الروس من جميع الأعمار والطبقات بالتعرض لأعمال انتقامية لاحقة من أجل تكريم نافالني، وإنتاج تلك الصورة التي لا تُنسى لقبره المغطى بجبل هائل من الزهور. وهتفوا في جنازته (نافالني! نافالني! أوقفوا الحرب! الأوكرانيون أناس طيبون!)”.
“نحن في بداية فترة جديدة من تاريخ أوروبا وما نقوم به هذا العام سيكون له تأثيرات على مدى عقود قادمة. تمكين أوكرانيا من الفوز في هذه الحرب ليس فقط هو السبيل الوحيد لتأمين مستقبل ديمقراطي وسلمي لأوكرانيا نفسها. إنه أيضاً أفضل ما يمكننا فعله لتحسين الفرص طويلة الأجل لخلق روسيا أفضل”، يقول الكاتب.
ورغم أن الكاتب تحدث عن مدافعين شجعات من أجل “روسيا أفضل”، إلا أنه يعود ويؤكد “بغض النظر عما يحدث في عطلة نهاية الأسبوع، فإنه من الواضح أنه من السذاجة أن نتوقع تغييراً في النظام في روسيا، أو حتى تغييراً كبيراً في السياسة، أو في الكرملين في أي وقت قريب. لا أحد يعرف متى أو كيف سيأتي التغيير السياسي، وما إذا كان ذلك التغيير سيكون للأسوأ أو للأفضل”.
“أسوأ من إظهار القماش الأحمر للثور”
من جهته، ينتقد الإعلام الروسي الموالي لبوتين هذه الانتقادات الأوروبية للانتخابات في روسيا ويناقشها باستهزاء، وينتقد دولاً عدة منها دول البلطيق “إستونيا، ولاتفيا، وليتوانيا”، التي دعت إلى عدم اعتبار بوتين في حال فوزه “رئيساً شرعياً” لروسيا.
ونشرت هيئة الثقافة الاستراتيجية، الصحيفة الروسية المختصة بتوفير تحليلات سياسية دولية واستراتيجية، وهي مؤسسة مؤيدة لسياسات بوتين، تقريراً حول دول البلطيق عنونته بـ “انتخابات رئيس روسيا لدى البلطيق – أسوأ من إظهار القماش الأحمر للثور، في ليتوانيا ولاتفيا وإستونيا، قرروا إثارة الفوضى بشكل صغير”.
ويتطرق التقرير أيضاً عن دور المعارضة الروسية فيما وصفها بـ “المحرضة” ضد بوتين خاصة للروس الذين يعيشون في دول البطليق، وعن رفض دول البلطيق الاعتراف بصحة الانتخابات الروسية على الأراضي الأوكرانية التي تسيطر عليها روسيا.
فمثلاً، يلفت التقرير إلى تصريحات النائبة في البرلمان الأوروبي عن ليتوانيا، راسا يوكنيفيتشيني في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، حين قالت إنه “يجب عدم اعتبار فلاديمير بوتين رئيساً شرعياً، أدعو قادة الدول الأوروبية إلى رفض الاعتراف به، والنظر في مزاعم التزوير لهذه الانتخابات المزعومة”.
ويرى التقرير أن تبني هذا الموقف سيظهر “عدم اتساق الاتحاد الأوروبي سياسياً”.
ترى الصحيفة الموالية للكرملين أنه سينتقد الاتحاد الأوروبي الانتخابات الروسية وسيدعو إلى عدم الاعتراف الكامل بنتائجها إن فاز بوتين، وسيعترف بأنه “من المستحيل” نقل التجربة البيلاروسية لعام 2020 ميكانيكياً حول انتخاب ألكسندر لوكاشينكو إلى الأراضي الروسية مع عدم الاعتراف اللاحق بشرعيته.
لكن المقال يقول إن لا يمكن تكرار ما حدث مع مينسك بشكل متطابق لأن “القادة الأوروبيين يريدون الحفاظ على قنوات الاتصال مع روسيا على أعلى مستوى، حتى لو تم تعليقها الآن إلى حد كبير”.
يقول مقال رأي تحليلي آخر للكاتب أحمد شياخ في مركز الدراسات العربية الأوراسية بعنوان “الانتخابات الرئاسية الروسية.. نظرة من الداخل”، إن الانتخابات الرئاسية وروسيا “تمر بواحدة من أدق مراحلها التاريخية، خاصة في ظل ما يطلق عليها بعض الخبراء بحقبة الدولة الروسية الوطنية التي بدأت بعد السقوط، أو انهيار الاتحاد السوفيتي.
ويكمل بأنه “لا تزال الأزمة الأوكرانية تلقي بظلالها على المشهد العام في روسيا، رغم الثقة وعامل الاستقرار الذي يشهده الداخل الروسي حتى الآن، مع وجود هجمات في بعض الأحيان للطائرات بدون طيار، شهدتها بعض المدن الحدودية مع أوكرانيا، ونتحدث هنا عن مدينة بيلغورود، التي شهدت أعنف تلك الهجمات”.
يرى الكاتب أنه يُضاف إلى ذلك عامل استقرار الوضع الاقتصادي، فرغم العقوبات الغربية التي فرضت على روسيا في مختلف قطاعات الإنتاج، من الطاقة إلى الزراعة والتصنيع العسكري حتى النقل الجوي، تمكنت السلطات الروسية حتى الآن من الحفاظ على مستوى الحياة العامة للمجتمع.
“فكانت نسبة التضخم في الأسواق الروسية هي الأقل بالمقارنة مع دول أوروبا، وزادت الثقة بالجهاز الحكومي مع التقارير الدولية التي تفيد بالتوقعات المتفائلة لنمو الاقتصاد الروسي، من أهمها تقرير البنك الدولي الصادر في يناير كانون الثاني 2024 الذي رفع توقعاته لنمو الاقتصاد الروسي في عام 2024 إلى 1.3 في المئة، وفي 2025 إلى 0.9 في المئة”.
ورغم ذلك، يضيف الكاتب أنه هناك تحديات كبيرة في انتظار حاكم الكرملين المقبل، يأتي في مقدمتها التحدي الأمني المتمثل في الحرب الأوكرانية، فرغم نجاحات الدفاعات الروسية في إجهاض الهجوم الأوكراني المضاد، الذي صُوّر داخل المجتمع الغربي والأوكراني على أنه “الضربة التي ستقصم ظهر الكرملين”.
ويقول إن الأوساط الروسية تنادي بضرورة وجود منطقة آمنة على الحدود، وتوسيع الجبهة حتى تبقى المدن الحدودية الروسية “في مأمن” من الهجمات الأوكرانية.