غموض يلف “خوصصة” بنايات الصحة
يلف غموض كبير قرار تفويت أصول بنايات تابعة لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية بمدينة الدار البيضاء، في إطار بحث الحكومة عن تمويلات بديلة، حيث تَعتبر نقابات القطاع الصحي أن هذا القرار “غير مفهوم”، بينما أثار تخوفات من كونه تمهيدا لخوصصة القطاع، في الوقت الذي آثرت فيه الحكومة الصمت إلى حد الآن.
وانضاف قرار تفويت أصول بنايات تابعة لوزارة الصحة إلى الأسباب التي دفعت النقابات إلى الدعوة إلى خوض إضرابين وطنيين عن العمل لمدة أربعة أيام، خلال الأسبوع المقبل، وفي الأسبوع الأول من شهر أبريل، حيث عبرت عن رفضها “بيع ممتلكات الصحة والخوصصة”.
النقابة الوطنية للصحة، التابعة للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، عبرت عن “استغرابها لما تسميه الحكومة بالتمويلات المبتكرة للبحث عن سيولة مالية، التي همّت بيع عقارات عدة مستشفيات للغير ثم كرائها للاستثمار في استعمالها ثم إعادة شرائها بعد سنتين”.
وعبرت النقابة ذاتها عن رفضها “بيع ممتلكات قطاع الصحة وأية طريقة مباشرة أو مقنّعة لخوصصة القطاع”، داعية إلى الحفاظ على الرصيد العقاري لوزارة الصحة، والرفع من ميزانيتها وتمكينها من بنيات تحتية أساسية حديثة وتجهيزات متطورة، ومضاعفة عدد المهنيين وتحسين أوضاعهم”.
في السياق ذاته، وصفت النقابة الوطنية للصحة العمومية، التابعة للفدرالية الديمقراطية للشغل، قرار تفويت عدد من مقرات العمل وعقارات المؤسسات الصحية للحيازة والاستثمار الخاص بـ”المستجدّات الخطيرة”، معتبرة أن هذه الخطوة تعكس “التوجه الليبرالي المتوحش الرامي إلى التخلي التدريجي عن القطاع الصحي وخدماته الحيوية التي تعتبر أساس الدولة الاجتماعية”.
من جهتها، طالبت المنظمة الديمقراطية للصحة، التابعة للمنظمة الديمقراطية للشغل، بـ”حماية القطاع العمومي الصحي ومؤسساته الاستشفائية من أية محاولة للخوصصة والتفويت”.
ويظهر أن قرار تفويت أصول بنايات تابعة لقطاع الصحة العمومية إلى الخواص ما زال ملفوفا بالغموض حتى في أوساط المهنيين، حيث اعتبر زكري محمد، الكاتب العام للجامعة الوطنية لقطاع الصحة، التابعة للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، أن هدف الحكومة من هذا الإجراء “غير مفهوم”، واصفا إياه بـ”العبث”.
وقال زكري، في تصريح لهسبريس، إن القرار المذكور، وإن كان غير مفهوم، “إلا أنه يؤكّد التوجه العام نحو خوصصة قطاع الصحة العمومية”، مضيفا: “هذا عبث، فخلال فترة جائحة كورونا أثبت القطاع العام، بكل مكوناته، أنه عماد الصحة العمومية، حيث كان في الواجهة، في الوقت الذي تراجع فيه القطاع الخاص”.
وإلى حد الآن، لم تتفاعل الحكومة مع المخاوف المعبّر عنها بخصوص تفويت أصول بنايات وعقارات تابعة لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية، ولا مع التساؤلات المطروحة بشأن هذا القرار، حيث فضّل الناطق الرسمي باسم الحكومة عدم الرد على سؤال طرحته عليه هسبريس خلال الندوة الصحافية الأسبوعية عقب انعقاد المجلس الحكومي.