هذه قصة “الجهاد البحري” وسقوط استقلال البرتغال في القصر الكبير
في أولى حلقات البرنامج الرمضاني “تاريخنا مع معنينو” تحدث الإعلامي المغربي محمد الصديق معنينو عن أحداث مهمة مهدت لمغرب القرن السابع عشر الذي شهد صعود الدولة العلوية إلى الحكم، وعرف بروز “الجهاد البحري” الذي سمّاه الأوروبيون “القرصنة”، كما تحدث عن أسرار وصول خريطة المغرب في العهد السعدي إلى نهر النيجر.
وتطرق معنينو، في الحلقة الجديدة التي تعرضها هسبريس، إلى معركة وادي المخازن، في خضم ما شهده القرن السادس عشر من إعداد أوروبي للقوة من أجل احتلال ثغور المغرب، ومن أبرز الخطوات في ذلك محاولة الملك البرتغالي سان سيباستينان، الذي عرف دعما دينيا ومسلحا، ليواجه السلطان عبد المالك السعدي الذي عبّأ في المغرب تعبئة كبيرة من مختلف جهات البلاد، واعتمد إستراتيجية إبعاد الغزاة عن البحر، وتركهم يتوغلون في التراب المغربي لإسقاطهم في الكمين.
“هكذا كانت معركة وادي المخازن التي انتصر فيها السعديون، لكن مرض السلطان قبلها، وكان أحس صباحها بأن قدره انتهى، وتخوفا من الاضطراب إذا ما عرف الجنود مرضه وقرب وفاته لبس لباسه جيدا وطلب إركابه الفرس وخرج ليراه الضباط والدواوين، ثم دخل وأحس بسكرات الموت، وتوفي قبل أن يعرف بانتصاره”، يورد الإعلامي ذاته.
وتابع المتحدث: “اندفاع الملك سان سيباستيان الذي أحضر معه وزراءَه ودواوينه خلق مشكلا بعد وفاته بسبب عدم وجود ولي لعهده، ما أدى إلى تبعية البرتغال لعرش إسبانيا لمدة ستين سنة، وبقيت جثته مدة في القصر الكبير”، موردا أن “هذه الواقعة لم تكن فقط انتصارا عسكريا، بل نفسيا أيضا في صفوف المغاربة، كما ذاع أثرها في أوروبا، وجاءت نتيجتها وفود وهدايا كانت في الحقيقة جواسيس”.
واهتم معنينو بالسلطان أحمد المنصور الذهبي، “الذي وجد نفسه مطوقا في الحكم، لكنه أوقف الأتراك من الوصول إلى المحيط الأطلسي، وفي زمن كانت فيه إسبانيا تحتل موانئ المغرب”، زاد: “ثم توجه هذا السلطان الكبير إلى الجنوب، بعدما توجه المرابطون سابقا لإنقاذ الإسلام في الأندلس، وذهب الموحدون سابقا في اتجاه الشرق، ملبيا رغبات وفود جاءته إلى مراكش”.
وبالتالي، يوضح الصديق معنينو أن توجه الجيوش المغربية إلى مالي ونهر النيجر “لم يكن غزوا” بل تلبية لطلب مسلمين، وهو ما ترك هناك “البصمة المغربية الموجودة إلى اليوم”.
وذكر الإعلامي ذاته أن من بين ما ستهتم به الحلقات المقبلة من هذه السلسة الرمضانية التي تعرضها جريدة هسبريس الإلكترونية مواضيع السكر المغربي وتأثيره العالمي، ودخول الدخان إلى المملكة، ووصول الأفيال المحمّلة إلى مراكش، وانهيار السلطة السعدية، والتقاتل بين أبناء المنصور، وبروز زعامات محلية أرادت حكم المغرب وتوحيده.
كما ستتطرق السلسلة إلى تأسيس “الجهاد البحري”، وإخراج آخر المسلمين واليهود من إسبانيا، الذين بقوا بعد سقوط غرناطة، وهجرتهم بالآلاف ليلا لتخوف إسبانيا من تكوينهم طابورا خامسا إذا تحرك المغرب، ما ملأ مدنا مثل الرباط التي كان يسكنها المئات فصار يقطنها آلاف الأندلسيين، وإعمار قصبة الأوداية التي هاجرت إليها مدينة كاملة هي هورناتشوس الإسبانية الأندلسية المحاذية للبرتغال، مع ما يعنيه ذلك من تعرف المغاربة على عادات وتقاليد جديدة.