خبير يفسر “دخان الفقيه بن صالح” .. نباتات محترقة أو عين مائية حرارية
الأربعاء 6 مارس 2024 – 12:00
ما يزال سكان دوار سيدي أحمد بن ابراهيم، الواقع بنفوذ جماعة سيدي عيسى بن علي بإقليم الفقيه بن صالح، يتعايشون منذ حوالي خمسة أشهر مع انبعاث دخان مصحوب بروائح كريهة من فجوات متفرقة على مستوى سطح الأرض بمحاذاة مقرات سكنهم.
وكما سبق أن وثقت هسبريس ذلك من عين المكان، ما تزال الظاهرة تثير حيرة الساكنة المحلية، حيث تتضارب روايات هذه الأخيرة حيال الموضوع بين من يعتقد بأنها تبقى نتيجة من نتائج التغيرات المناخية، وبين من يراها تهديدا بيئيا، على اعتبار أن الدخان المنبعث ينفث روائح كريهة، في ظل عدم حسم الجهات المختصة في ماهية الموضوع بعدُ.
في هذا السياق، ومن أجل استجلاء آراء المتخصصين ومعرفة رأي العلم في الموضوع، تواصلت هسبريس مع نصر الدين اليوبي، خبير بالمركز الوطني للبحث العلمي والتقني أستاذ بكلية العلوم السملالية بمراكش، الذي بين أن “الظاهرة تبقى طبيعية، وسبق أن سُجل بالمغرب نظيرٌ لها بمنطقة فاس سايس خلال ثمانينات القرن الماضي، حيث أقدم وقتها باحثون على دراسة الواقعة والخروج بمجموعة من الخلاصات”.
وزاد اليوبي: “وقتها اعتقد الباحثون المغاربة أن الأمر يتعلق بنشاط بركاني قريب من السطح، وهو ما فنده فريق علمي آخر ضم خبراء فرنسيين قاموا بقياس درجة حرارة الطبقات الكلسية بحوض فاس سايس، ليتبين لهم أنها في مستويات طبيعية”، موردا أن “هناك تقاربا بين هذه المنطقة والمنطقة الأخرى التي سُجلت بها الظاهرة بإقليم الفقيه بنصالح، على اعتبار أنهما يتميزان بمحاذاة الجبال للسهول، ما يضعنا أمام الخصائص الجيولوجية نفسها”.
وأشار المتحدث إلى إمكانية طرح فرضيتين بهذا الخصوص؛ الأولى تتعلق بـ”كوننا أمام حالة طبيعية تتعلق أساسا باحتراق نباتات الخُث التي تحللت وبقيت خاما تحت التراب، وهو ما يصطلح عليه ‘La tourbe’ بالفرنسية، الذي يوجد أساسا بمستنقعات الخُث أو ما يعرف بـ’La tourbière’، حيث تتحول النباتات المتحللة إلى مادة عضوية تشبه إلى حد كبير ‘الشاربون’ الذي يستعمل كمصدر طاقي، يُسهل الجفاف بداية احتراقها، على اعتبار أنها تحتاج إلى شرارة فقط من أجل بداية الاحتراق”.
أمام الفرضية الثانية، وفقا للأكاديمي ذاته، فتتعلق بـ”كوننا أمام ينابيع ساخنة أو ما يصطلح عليه ‘Source hydrothermale’ في القاموس العلمي الفرنسي، أي إنها عين مائية حرارية شبيهة بعين مولاي يعقوب المتميزة أساسا بالنسبة المهمة من الكبريت، وبالتالي يكون الدخان المتصاعد من فوهة الثقوب الموجودة على مستوى سطح الأرض بمثابة إفراز لسخونة المياه الباطنية، ولو أنها تكون قد جفت من على السطح”.
ونفى الباحث في علوم الأرض الأستاذ الزائر بجامعات أجنبية أن يتعلق الأمر بـ”نشاط بركاني مستيقظ كما هو متداول على ألسنة البعض، وكما جرى تداوله كذلك في الحالة التي شهدتها منطقة فاس سايس سابقا”، موضحا أن “هذه الفرضيات تبقى في نهاية المطاف بحاجة إلى دراسة علمية ميدانية معززة لها، وهو ما نعتزم القيام به، إلى جانب باحثين آخرين في هذا المجال، للوقوف مباشرة على طبيعة الظاهرة”.