أخبار العالم

تطرق الإسلاميين إلى “مدونة الأسرة” .. تأكيد للمواقف أم إبراز للمخاوف؟



بدا لافتا في الأيام الأخيرة توالي خرجات قيادات التيار الإسلامي للحديث عن عمل اللجنة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة، وإشهار “الفيتو” ضد عدد من المقترحات التي يقف وراءها “التيار الحداثي”، معبرة عن رفضها لها ومحذرة من اعتمادها.

عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، لا يفوت أي فرصة إلا وجدد التأكيد على مواقف حزبه الرافضة لأي مس بالمرجعية الإسلامية في الإصلاح المرتقب للمدونة، محذرا من اعتماد المقترحات التي جاءت بها التيارات المختلفة معه.

مواقف بنكيران صاحبت خروج وزير العدل الأسبق مصطفى الرميد ليؤكدها خلال مشاركته في ندوة نظمتها منظمة التجديد الطلابي، الذراع الطلابية لحركة التوحيد والإصلاح، الأسبوع الماضي، حيث شدد على ضرورة التمسك بـ”المنهج الوسطي وألا نحيد عنه، وأن نعتمد منهج التوافق كمنهج خلاق يُصلح ولا يفسد”.

وأضاف الرميد: “مَن أراد أن يكون في سلك المحافظين الملتزمين فله ذلك، ولكن عليه أن يأخذ ذلك بشكل من الاعتدال، ومن أراد أن يكون حداثيا أو علمانيا فله ذلك، ولكن عليه ألا يذهب بعيدا، لأننا إزاء مجتمع مسلم يريد العيش ضمن القيم الإسلامية السمحة ونظام دولة لا يسمح بالانفلات الذي يطالب به البعض”، الأمر الذي يبين أن الرجل حاول مسك العصا من الوسط.

هذه المواقف تأتي على بعد شهر فقط من رفع اللجنة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة نتائج وخلاصات مشاوراتها مع الفعاليات المدنية والسياسية، حول مقترحاتها بشأن المدونة، إلى الملك محمد السادس الذي سيحسم فيها.

خرجات عادية

يرى عبد الرحيم العلام، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض بمراكش، أن هذه الخرجات “تبقى عادية”، وزاد موضحا: “الإسلاميون يعبرون عن رفضهم مجموعة من الأفكار التي تروج، ولديهم توجس منها، وربما تصلهم بعض الأصداء المعينة”.

وأضاف العلام في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية: “خرجات بنكيران والرميد تدخل ضمن ردود الفعل إزاء بعض الأفكار التي يعارضانها، ولم تتبلور بعد، ويستبقان معارضتها في مواجهة استباقية لما يمكن أن يحدث، وتفادي أي مفاجئات”.

واعتبر الأستاذ ذاته أن “ما يصدر عن حزب العدالة والتنمية قليل بالمقارنة مع ما صدر عنه إبان خطة إدماج المرأة في التنمية سنة 2000″، مردفا: “البيجيدي إذا لم يعارض بهذه الطريقة فما الذي سيقوم به؟ فمجموعته ضعيفة داخل البرلمان، وبشأن التطبيع مع إسرائيل أصبح صوته خافتا جدا”.

وسجل المتحدث أن “العدالة والتنمية يستند في خرجاته المتعددة إلى المؤسسة التقليدية الدينية الرسمية، وهو على صواب في ذلك، لأن المؤسسات الرسمية الدينية لديها توجه الحزب نفسه، بل هي في محافظتها أقوى من الإسلام الحركي”.

وذهب المحلل السياسي ذاته إلى أن “البيجيدي” عندما يعارض بعض الأفكار والتعديلات “لا يعارض خط الدولة، وإنما يعارض توجها سياسيا”، وزاد: “هم لا يشعرون بأنهم يضعون أنفسهم في تناقض مع السلطة والمؤسسات الرسمية، وإنما يدافعون عن إمارة المؤمنين والملة والدين والمؤسسة الملكية”، لافتا إلى أن “جرأة العدالة والتنمية وإكثاره الحديث في هذا الموضوع يأتي من هذا المنطلق”، حسب تعبيره.

انتقاد التدبير

اعتبر خالد يايموت، الأستاذ بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، أن الخرجات الأخيرة لبنكيران والرميد “تعبر عن أن هناك نوعا من الغموض والضبابية في طريقة اشتغال الهيئات التي تدبر ملف تعديلات المدونة”، مؤكدا أن “الإشكال ليس التصادم في الرؤية، بل هو رفض تغييب مكونات معينة ليست بالضرورة حزبية”.

وسجل يايموت، في تصريح لهسبريس، أن “الغضب الذي يعبر عنه بنكيران يتقاسمه فاعلون شبه رسميين، وشخصيات دينية رسمية من بعض المجالس العلمية، حيث نجد نوعا من الامتعاض من المنهجية التي تشتغل بها وزارة العدل أساسا”.

وتابع المتحدث: “لاحظنا أن هناك تعددا في التعبير، سواء من بعض الشخصيات المحسوبة على الجهاز الرسمي الديني أو بعض الفاعلين الدينيين المستقلين، أو فاعلين محسوبين على الحقل الحزبي والسياسي”.

إلى من يهمه الأمر

وأفاد يايموت بأن “التيار الإسلامي يرى في حضور المجلس الوطني لحقوق الإنسان في اللجنة فرصة منحت أطرافا إيديولوجية وسياسية المشاركة القوية، بينما تم تهميش حتى بعض الأطراف الرسمية، كالمجالس العلمية والحقل الديني المدني المستقل”.

واستدرك المحلل السياسي ذاته: “من الناحية المرجعية، كل الأطراف على يقين بأن التعديل سيمس بعض الأمور ذات الطابع الإجرائي، فيما الإطار المرجعي هو الخطاب الملكي”، لافتا إلى أنه “ليست هناك سوابق في تاريخ المغرب بأن تخرج النصوص ذات الطابع الإجرائي عن الإطار الدستوري والخطب الملكية”.

وخلص يايموت إلى أن “ما عبر عنه بنكيران والرميد هو إرسال رسائل إلى الهيئات العليا للتعبير عن رأي في الطريقة التي اتبعت ولم تكن سليمة”، مجددا التأكيد على أن “الخطاب الملكي تحدث عن تدقيق بعض الإجراءات التطبيقية للمدونة، الأمر الذي حسم الموضوع بشكل كبير”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى