أخبار العالم

هل يؤثر الوضع الأمني بمنطقة الساحل على تدفق المهاجرين نحو المغرب؟



كان لافتا، خلال الأسابيع الأخيرة، ارتفاع عدد المهاجرين غير النظاميين القادمين من بلدان جنوب الصحراء والساحل الإفريقي، الذين يتخذون من موريتانيا نقطة عبور مركزية، سواء نحو الأراضي المغربية أو جزر الكناري تحديدا.

وكانت البحرية الملكية المغربية قد أعلنت، الثلاثاء المنصرم، “تقديم مساعدة لقارب في وضعية صعبة جنوب غربي مدينة لكويرة، وعلى متنه 56 مرشحا للهجرة غير النظامية ينحدرون من بلدان إفريقيا جنوب الصحراء”. وفي 15 فبراير الجاري، كشفت البحرية الملكية تقديم المساعدة لقارب يضم 32 مرشحا للهجرة ينحدرون من دول إفريقيا جنوب الصحراء، قادمين عبر السواحل الموريتانية.

وتتزامن هاته الموجة مع استمرار الجدل داخل الجارة الجنوبية للمملكة حول مضمون اتفاق الهجرة الجديد بين نواكشوط والاتحاد الأوروبي، حيث تتهم المعارضة وهيئات حقوقية الحكومة بـ”السماح لأوروبا باستغلال موريتانيا لإعادة توطين المهاجرين”.

واستبعد خبراء مغاربة أن “يكون هذا الاتفاق مؤثرا على المغرب، خاصة أن الهجرة من جنوب الصحراء أصبحت تخضع لمسار جديد، تكون فيه السنغال وموريتانيا أبرز محطات العبور وليست مناطق استقرار”.

المراقبة على الشمال

عبد الحميد جمور، باحث في الهجرات والتنمية جنوب جنوب، قال إن “هذا الارتفاع الأخير يعود بالأساس إلى العوامل الثلاثة التاريخية؛ أبرزها تشديد المراقبة المغربية على منافذ الهجرة في الشمال”.

وأوضح جمور، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن هاته الظاهرة استمرت في الارتفاع منذ سنة 2005، حينما شددت السلطات المغربية المراقبة في الشمال؛ وحينها، اضطر المهاجرون إلى العودة من مناطق الانطلاق الجنوبية، تحديدا من موريتانيا والسنغال”.

وأضاف الباحث في الهجرات والتنمية جنوب جنوب أن “العامل الأساسي الآخر هو الجغرافيا، حيث إن دول الساحل بدأت تعرف مؤخرا في السنوات القليلة الماضية حالة من عدم الاستقرار، مقابل ارتفاع نشاط شبكات الهجرة والجريمة المنظمة؛ الأمر الذي دفع المهاجرين إلى استغلال هذا الوضع، من أجل التحرك عبر الغرب الإفريقي نحو المغرب وجزر الكناري”.

وسجل المتحدث عينه أن النقاط الأساسية حاليا للمهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء هي السنغال وموريتانيا، لافتا إلى أن “هذا الوضع يستدعي حقا أن نقوم بدراسة الجنوب المغربي، لفهم واضح للهجرة القادمة من هاته المناطق”.

وحول تأثير اتفاق الهجرة بين الاتحاد الأوروبي وموريتانيا على المغرب، شدد جمور على أن “هذا الاتفاق يجب أن نفهم بأنه ليس بإعادة لتوطين المهاجرين في موريتانيا؛ بل هو حاجز أوروبي لمنع وصول المهاجرين في العمق الإفريقي”، موضحا: “مستقبلا، سنرى تطورا في أساليب الهجرة، وهو الحال لدى وسائل كبحها”.

لا تأثير على المغرب

أوضح حسن بنطالب، باحث مختص في مجال الهجرة واللجوء، أن تقييم هذا الوضع، سواء بارتفاع الهجرة عبر موريتانيا والسنغال، يصطدم بشكل مؤسف بغياب تام للأرقام الرسمية المغربية وحتى الموريتانية، وما يوجد هو فقط من قبل السلطات الإسبانية.

وأورد بنطالب، ضمن تصريح لهسبريس، أن “اتفاق الهجرة الموقع بين موريتانيا والاتحاد الأوروبي من المستبعد أن يكون له تأثير على المغرب”، مستدركا بأنه “من الصحيح أن هنالك رصدا من خلال ما هو متوفر في ظل غياب أرقام، ارتفاع طفيف في الهجرة انطلاقا من موريتانيا والسنغال؛ لكن ذلك غير كاف لبناء فرضية”.

وتابع المختص في مجال الهجرة واللجوء بأن “موريتانيا تعيش هي الأخرى على شح كبير في معطيات المهاجرين؛ ما يجعلنا نتساءل: هل نحن فقط والجزائر وتونس وليبيا من يتضرر من هجرة إفريقيا جنوب الصحراء؟”.

ولفت المتحدث سالف الذكر إلى أن “جغرافية الهجرة تقول بأن الجزائر هي المدخل الرئيسي للمهاجرين نحو المغرب، ومن موريتانيا فهنالك نسب قليلة، حيث من يمر من هاته النقطة يذهب مباشرة إلى جزر الكناري، وليس السواحل المغربية”.

وأجمل قائلا: “وجود أزمة أمنية في الساحل ليس بالضرورة سيكون سببا في ارتفاع الهجرة عن طريق موريتانيا، خاصة أن الأرقام الرسمية غائبة تماما”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى