حرب غزة: بي بي سي تتحقق من ادعاء إسرائيل بأنها قتلت 10 آلاف من مقاتلي حماس
- Author, مارلين توماس وجاك هورتون
- Role, قسم تقصي الحقائق – بي بي سي
مع تجاوز عدد القتلى الفلسطينيين في غزة الـ30 ألفاً، تواجه إسرائيل مخاوف متزايدة من تبعات الإعلان عن أعداد القتلى المدنيين منذ بداية الحرب، فيما تقول إسرائيل إنها تحاول القضاء على حركة حماس، وفقا لما تعهدت به بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول.
بي بي سي تحققت من المزاعم الإسرائيلية حول عدد القتلى من عناصر حركة حماس.
يقول الجيش الإسرائيلي إنه قتل أكثر من 10 آلاف من مقاتلي حماس في غاراته الجوية وعملياته البرية رداً على هجومها الذي أودى بحياة نحو 1200 شخص، إلا أن هناك مخاوف من عدم قدرة الجيش على فصل المدنيين عن مقاتلي حماس، وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن في ديسمبر/كانون الأول الماضي إن ذلك الأمر تسبب بخسارة إسرائيل لدعم العالم والولايات المتحدة.
وفي وقت يدافع فيه الجيش الإسرائيلي عن تكتيكاته باستمرار، يؤكد أنه يحاول أن يكون دقيقاً في استهدافه لمقاتلي حماس والبنية التحتية، بينما يحاول تقليل الوفيات بين المدنيين.
ولا تقدم حماس أي أرقام عن قتلاها العسكريين، فيما ذكرت وكالة رويترز أن أحد المسؤولين اعترف بمقتل 6 آلاف مقاتل، وهو ما نفته حماس لبي بي سي.
ولا تميز حصيلة القتلى الصادرة عن وزارة الصحة في غزة، بين المدنيين والمقاتلين، لكن منذ بدء الحرب، أظهرت الأرقام أن 70 في المئة على الأقل من القتلى كانوا من النساء والأطفال، بحسب الوزارة.
ووصف ريتشارد برينان، مدير الطوارئ الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية، في وقت سابق، حصيلة القتلى التي بلغت 30,035 شخصا على الأقل، من وزارة الصحة التي تديرها حماس في غزة، بأنها جديرة بالثقة.
وتقول منظمة الصحة العالمية إن الوزارة لديها “قدرة جيدة على جمع البيانات” وأن تقاريرها السابقة كانت ذات مصداقية “ومحدثة بشكل جيد”.
كما تشير الأرقام إلى أن قرابة 30 في المئة من القتلى كانوا رجالاً – ومن المرجح أن يكون بعضهم كباراً في السن – ما أثار تساؤلات حول كيفية وصول إسرائيل إلى تحديد مقتل 10 آلاف مقاتل من حماس.
وطلبت بي بي سي مراراً وتكراراً من الجيش الإسرائيلي شرح منهجيته في إحصاء القتلى من مقاتلي حماس، لكنه لم يستجب.
وتتبعت بي بي سي ما يشير إلى مقتل عناصر من حماس في البيانات الصحفية للجيش الإسرائيلي وعلى قنوات التواصل الاجتماعي الخاصة به.
وفي 19 فبراير/ شباط، نقلت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” عن الجيش الإسرائيلي قوله إن 12 ألف مقاتل من حماس قتلوا خلال الحرب، وقد عرضنا هذا الرقم على الجيش الإسرائيلي الذي قال لنا، في ردين منفصلين، إن الرقم “نحو 10 آلاف” و”أكثر من 10 آلاف”.
وفي منتصف يناير/كانون الثاني، ادعى رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، أن إسرائيل “دمرت” ثلثي كتائب حماس المقاتلة في غزة، لكنه لم يحدد رقماً لعدد القتلى من المقاتلين، فيما تشير تقديرات الجيش الإسرائيلي قبل الحرب إلى أن حماس لديها نحو 30 ألف مقاتل في غزة.
وفي ديسمبر/كانون الأول، وصف الجيش الإسرائيلي التقييم بأنه يقتل مدنيين اثنين مقابل كل مقاتل من حماس بأنه “إيجابي للغاية” نظراً للتحديات التي يواجهها في ساحة المعركة.
لكن في 14 نوفمبر/تشرين الثاني، أي بعد ما يزيد قليلاً عن شهر من بدء الحرب، أشارت قناة الجيش الإسرائيلي على منصة التواصل الاجتماعي (تليغرام) إلى مقتل “ألف إرهابي” على يد “قوات خاصة”، في وقت أبلغت وزارة الصحة في غزة عن 11.320 حالة وفاة.
وراجعت بي بي سي جميع مقاطع الفيديو الـ 280 المنشورة على قناة الجيش الإسرائيلي عبر موقع اليوتيوب في الفترة ما بين 7 أكتوبر/تشرين الأول حتى 27 فبراير/شباط، ووجدت أن القليل منها يحتوي على أدلة مرئية على مقتل أعداد كبيرة من المقاتلين.
ويبدو أن فيديو واحد فقط – نُشر في 13 ديسمبر/كانون الأول- يظهر جثث مقاتلين، وتظهر مجموعة من مقاطع الفيديو الأخرى إطلاق النار على المقاتلين.
ووجدت بي بي سي على قناة الجيش الإسرائيلي عبر (تليغرام)، 160 منشوراً يقول فيه إنه قتل عدداً محدداً من المقاتلين، ليصل إجمالي الوفيات إلى 714 شخصا.
ولكن كان هناك أيضاً 247 مرجعاً استخدمت مصطلحات مثل “العديد” أو “العشرات” أو “المئات” الذين قُتلوا، مما يجعل من المستحيل إجراء إحصاء إجمالي ذي معنى.
ومن الصعب إحصاء وفيات المقاتلين في أي منطقة حرب، وفي غزة، حيث يرتدي العديد من المقاتلين ملابس مدنية، ويعملون إلى حد كبير تحت الأرض في شبكات الأنفاق، ويقتل معظمهم بسبب الغارات الجوية.
ومنذ بداية عمليات الجيش الإسرائيلي في غزة، اتهم الجيش حماس باستخدام السكان المدنيين كدروع بشرية، وسط تحذيرات وقلق بعض الخبراء من أن الجيش الإسرائيلي قد يحسب بعض غير المقاتلين كمقاتلين لمجرد أنهم جزء من الأراضي التي تديرها حماس.
وقال أندرياس كريج، وهو محاضر كبير في الدراسات الأمنية في كينجز كوليدج لندن: “إن إسرائيل تتبع نهجا واسعا جدا فيما يتعلق بعضوية حماس، والتي تشمل أي انتماء للحركة، بما في ذلك الموظفون الحكوميون أو الإداريون”.
وتُظهر بيانات الوفيات الناجمة عن الحرب الحالية الصادرة عن وزارة الصحة في غزة “زيادة حادة في نسبة النساء والأطفال بين القتلى مقارنة بالحروب السابقة”.
وهذا “يشير إلى معدل وفيات أعلى بكثير بين المدنيين”، وفقا لراشيل تايلور، المديرة التنفيذية لمنظمة “إيفري كاجولتي كاونتس”، وهي منظمة مقرها المملكة المتحدة تهدف إلى تسجيل ضحايا الصراعات العنيفة.
يُذكر أن ما يقرب من نصف سكان غزة هم تحت سن 18 عاما، ونحو 43 في المئة من وفيات الحرب هم من الأطفال أيضاً.
وقالت تايلور “حقيقة أن الوفيات تتبع بشكل وثيق التركيبة السكانية لعامة السكان، يشير إلى القتل العشوائي”.
وأضافت تايلور: “في المقابل، عام 2014 كانت هناك نسبة عالية إلى حد ما من الرجال الذين هم في سن مناسب للقتال بين القتلى، على عكس ما نراه اليوم”.
وتشير بيانات وزارة الصحة في غزة إلى أن أكثر من 200 شخص يُقتلون في المتوسط كل يوم منذ بداية الحرب.
ويبدو في ظاهر الأمر أن وتيرة القتل قد تباطأت مقارنة بالمراحل السابقة للصراع من أكتوبر/تشرين الأول إلى ديسمبر/كانون الأول، لكن خبراء قالوا لبي بي سي إن العدد الحقيقي للقتلى جراء الهجوم الإسرائيلي من المرجح أن يكون أعلى بكثير لأن العديد من المستشفيات، حيث يتم تسجيل الوفيات عادة، لم تعد تعمل.
وتشمل هذه الأرقام أيضاً الوفيات الناجمة عن الهجمات العسكرية فقط، وليس المجاعة أو المرض الذي يثير قلق منظمات الإغاثة الدولية بشكل متزايد.
وقالت منظمة “بتسيلم” لحقوق الإنسان ومقرها القدس، إن “الحرب الحالية أكثر دموية بكثير من الحروب السابقة بين إسرائيل وغزة”.
وقالت المتحدثة باسم المنظمة درور سادوت: “هذه أرقام لم نشهدها من قبل في الحروب والضربات السابقة في غزة أو المناطق الأخرى”.
ولفتت إلى أن عدد القتلى يوضح النهج الذي حدده المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي في الأيام الأولى من الحرب، الذي قال: “بينما نوازن بين الدقة ونطاق الضرر، فإننا نركز الآن على ما يسبب أكبر قدر من الضرر”.