طريقة اقتناء “حاجيات رمضان” تنذر بارتفاع الأسعار في أسواق المغرب
ما إن يبدأ العد العكسي لقدوم رمضان حتى يقصد المغاربة الأسواق الوطنية رغبة في التزود بما يكفيهم للاستهلاك خلال هذا الشهر الفضيل؛ فالغالبية يفضلون التسوق قبل أسبوعين أو أسبوع من حلوله، لأن ذلك في نظرهم يجنبهم أي ارتفاع محتمل في الأسعار.
وترتفع مؤشرات الاستهلاك لدى المغاربة خلال شهر رمضان بشكل كبير مقارنة مع الأشهر الأخرى، على اعتبار أن هذا الشهر يرتبط بعادات استهلاكية تتطلب عمليات اقتناء مهمة، خاصة وأن الخريطة الاستهلاكية تتوسع بفعل ظهور منتوجات مناسباتية.
ومما يقدم عليه كثيرون في مثل هذه المناسبات على سبيل المثال، اقتناء كميات وافرة من الطماطم والاحتفاظ بها في المجمد استعدادا للشهر الفضيل، إلى جانب اقتناء كميات كبيرة من البرتقال ومنتوجات غذائية تنطبق عليها هي الأخرى العادات نفسها التي تصنف عادة في إطار “اللهطة” كما تعرف في المتداول العامي.
وينتقد عدد من الفاعلين هذه الممارسات التي تبقى، بحسبهم، “غير سليمة”، على اعتبار أنها “تضر كثيرا بالسوق الوطني وتهدد استقرار أسعار المنتوجات الأكثر استهلاكا”. وعلى هذا النحو، يبقى المغاربة، وفقا لتصورهم، في حاجة إلى “تنظيم عمليات التسوق والتأسيس لجيل جديد من الاستهلاك العقلاني”.
الوعي بتنظيم الاستهلاك
وديع مديح، رئيس الجامعة الوطنية لجمعيات المستهلك، قال إن “المغاربة عادة ما يلقون باللوم على الحكومة وجمعيات حماية المستهلك فيما يخص ضبط الأسعار بالأسواق، خصوصا خلال شهر رمضان، لكنهم في المقابل يتمسكون بعادات غير صالحة في الشراء، ما يعيد هذه الأسعار إلى نقطة الصفر”.
وأضاف وديع، في تصريح لهسبريس، أن “السوق مبدئيا هو عبارة عن علاقة هشة بين العرض والطلب، وبالتالي فأي ارتفاع في هذا الأخير إن لم يوازه ارتفاع مماثل في العرض، فإنه سيؤدي مباشرة إلى ارتفاع في الأثمنة، الأمر الذي سيمنع عددا من المواطنين من اقتناء حاجياتهم من منتوج بعينه”.
وأوضح المتحدث أن “هذه الممارسات التي يقوم بها المستهلكون خلال فترات مختلفة من السنة، بما فيها بعض المناسبات كشهر رمضان، تكون مضرة بالسير العام للأسواق واستقرار الأسعار، ولذلك يبقى دور المستهلك هو الأخذ بعين الاعتبار الارتباطات المباشرة بين العرض والطلب، وبالتالي اقتناء حاجياته بتأن”.
وتابع رئيس الجامعة الوطنية لجمعيات المستهلك بأن “المواطن المستهلك يبقى بدوره مسؤولا عن أي أثر قد يخلفه استهلاكه على الأسعار، إذ يظل مدعوا إلى التعبير عن سلوك يواكب المجهودات التي تقوم بها جمعيات حماية المستهلك ومصالح الدولة”.
شراهة في التسوق
قال حسن شريف، عضو نقابة تجار الطماطم بإنزكان، إن “عددا من المواطنين المغاربة يلجؤون إلى الأسواق قبل أسابيع من قدوم رمضان، حيث يقتنون بشكل مبكر كل ما يحتاجونه لقضاء الشهر الفضيل”.
وسجل شريف، في تصريح لهسبريس، أن “هؤلاء المستهلكين يقتنون بشكل يتسم بنوع من الشراهة، حيث يملؤون ثلاجاتهم بشكل مبالغ فيه تحسبا وفقا لتفكيرهم لأي ارتفاع في الأثمان”، لافتا إلى أنهم “يعمدون على سبيل المثال إلى اقتناء كميات وافرة من الطماطم وطحنها وتجميدها، على اعتبار أنها من بين أكثر المواد استهلاكا خلال رمضان”.
وأضاف أن “مثل هذه الممارسات وهي عديدة، بحسب الأصناف الغذائية الأخرى، تجعل السوق يخضع لقوة الطلب وتؤثر سلبا على الأسعار. على سبيل المثال، صندوق الطماطم حاليا من فئة 30 كيلوغراما يباع في سوق الجملة بحوالي 80 درهما، لكنه، وبسبب كل ما ذكرناه، من المنتظر مجددا أن يصل ثمنه إلى 120 درهما أو يتجاوزها خلال القادم من الأيام”.
ودعا المهني نفسه إلى “التأسيس لثقافة جديدة فيما يخص التسوق والاستهلاك، حيث يظل المغاربة مدعوين لتنظيم وتقنين علاقتهم بالسوق والمواد الاستهلاكية بشكل من المنتظر أن يساهم في استقرار الأسواق، لا في اضطرابها”.
“آفة وطنية”
إبراهيم أوداود، عضو المكتب الوطني للنقابة الوطنية للتجار والمهنيين، أفاد بأن “الممارسات الاستهلاكية التي يسقط فيها المغاربة خلال عدد من المناسبات، بما فيها رمضان، تبقى بمثابة آفة معروفة وطنيا ونشهد على تواترها كل سنة، ما يُحدث الخلل على مستوى السوق الوطنية في عدد من الفترات التي يفوق فيها الطلبُ العرضَ من منتوج بعينه”.
وأوضح أوداود، في تصريح لهسبريس، أن “عددا من المواطنين يعمدون إلى التسوق في أوقات جد مبكرة قبل بداية رمضان، ربما إيمانا منهم بإمكانية تجنب الغلاء أو اعتقادا بأن أمور التسوق لا يجب القيام بها خلال الشهر الفضيل، بل تخصيصه فقط للأمور الدينية، وهذه معتقدات تفتقد إلى الصواب”.
وأكد المتحدث أن “هذه العوامل يستغلها المهنيون الذين ينشطون في مجال الاستيراد الدولي، حيث يقومون بالرفع المتواصل لأثمان منتوجات بعينها كل يومين أو ثلاثة أيام، على سبيل المثال، على الرغم من أن الفارق بين كل عمليتيْ استيراد يكون 15 يوما كأقل مدة، الأمر الذي لا يساعد على استقرار السوق”.