أخبار العالم

عسكر الجزائر يُشبه قضية فلسطين بملف الصحراء.. سياسة عرجاء ونظرة عمياء



في تناقض صارخ مع خطاب وزير الخارجية الجزائري الذي أكد منذ أسابيع أن بلاده تسارع لإيجاد حل للتوتر المستمر مع المملكة المغربية، أعاد السعيد شنقريحة، رئيس أركان الجيش الجزائري، التشبث بالعداء التاريخي الذي يكنه نظامه للمغرب ولوحدته الترابية؛ فقد أعلن، أمس الاثنين، خلال زيارة له إلى الناحية العسكرية السادسة، أن “الجزائر كانت ولا تزال تدافع وتقف إلى جانب القضايا العادلة في العالم، على غرار القضيتين الصحراوية والفلسطينية”، بتعبيره.

وإذا كان المعروف في الدول الديمقراطية أن المؤسسة العسكرية لا تخوض في السياسة وتقتصر مهمتها على المرابطة في الثكنات والسهر على حماية الحدود، فإن الشنقريحة أبى إلا أن يكسر هذه القاعدة متجاوزا كل المؤسسات ليشير إلى أنه “رغم التباعد الجغرافي بين فلسطين والصحراء فإن معاناة الشعبين تتقاطع وتتشابه في الكثير من الجوانب”، وفق المسؤول العسكري الجزائري ذاته.

خطاب قديم وانسداد أفق

في هذا الإطار، قال جواد القسمي، باحث في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية، إن “هذا الخطاب ليس جديدا، حيث إن قادة الجيش الجزائري يهاجمون الوحدة الترابية للمملكة المغربية كلما سنحت لهم الفرصة بذلك، ويشبهون قضية الصحراء بالقضية الفلسطينية”، مشيرا إلى أن “تشبيه المغرب (الدولة العربية الإسلامية) بدولة الاحتلال الإسرائيلي تشبيه مقيت لا يستقيم أبدا، فكيف نشبه دولة تبني وتنمي أقاليمها الجنوبية التي فاقت في التنمية مثيلاتها في جنوب الجزائر مع دولة تهدم وتقتل الأطفال والنساء والشيوخ وتحرق الأخضر واليابس؟”.

وأضاف القسمي، في تصريح لهسبريس، أن “تشبيه ممارسات الاحتلال بممارسات المملكة المغربية ينم عن حقد عميق ودفين لهذا النظام العسكري تجاه المغرب، إذ يصعب القول معه بوجود إمكانية لانفراج العلاقات بين البلدين سواء على المدى القريب أم المدى المتوسط، حيث إن هذا الخطاب المغرض تجاه بلد جار يمس مشاعر الشعب المغربي قاطبة ونحن نعلم موقف المغاربة الرافض لما تقوم به إسرائيل اتجاه الشعب الفلسطيني”.

وأوضح الباحث في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية أن “خطاب التشبيه هذا مرفوض حتى من طرف الفلسطينيين الذين لا يقبلون تشبيه قضيتهم بالقضية الصحراوية. وقد عبر المسؤولون الفلسطينيون عن ذلك كثيرا، نظرا للفروق الكبيرة والشاسعة بين الحالتين”، لافتا إلى أن “النظام الجزائري، في ترديده لهاته الأسطوانة المشروخة واستغلاله للقضية الفلسطينية العادلة ذات الإجماع الدولي في دعايته ضد المغرب وتصويره كعدو خارجي، إنما يحاول التغطية على مشاكله الداخلية ومحاولة إضفاء الشرعية على هذا النظام، بشعارات غير واقعية وغير عقلانية، لم نرَ لها أثرا على أرض الواقع”.

وخلص الباحث ذاته إلى أن “هذا الخطاب السياسي الجزائري وبهذا المستوى يعبر عن انسداد الأفق أمام صانع القرار الجزائري وضبابية في الرؤية أمام تسارع الأحداث الدولية ووتيرة التحديات والتحولات الجيوسياسية والجيو– اقتصادية التي تمر بها المنطقة والعالم ككل، وبقاء هذا النظام حبيس فترة الحرب الباردة وعدم قدرته على تطوير استراتيجية تتماشى مع التحولات التي تشهدها الساحة الدولية على جميع المستويات”.

مغالطات وهدف سياسيوي

من جانبه، أوضح محمد عطيف، باحث في القانون الدولي والعلاقات الدولية، أن “خطاب شنقريحة يحمل العديد من المغالطات والأخطاء بل ويدور في الدائرة المغلقة نفسها والأسطوانة ذاتها التي ما فتئ النظام الجزائري يرددها في كل مناسبة أو بدونها”، مشيرا إلى أن “الخطاب السياسي للنظام العسكري الجزائري ظل حبيس فترة الحرب الباردة ولم يستطع إلى حد الآن أن يواكب التحولات والمتغيرات التي تشهدها الساحة الدولية”.

وأضاف عطيف، في تصريح لهسبريس، أن “تشبيه قائد الجيش لقضية الوحدة الترابية للمملكة مع القضية الفلسطينية يروم دغدغة مشاعر الشعب الجزائري وإرسال إشارات إلى كل النخب السياسية والحزبية في هذا البلد مفادها أن الولاء للنظام وكسب تأييده ونحن على مقربة من الانتخابات الرئاسية يمر أولا وقبل كل شيء بتبني هذه النخب للطرح الرسمي فيما يتعلق بهذين الملفين”، معتبرا أن “هذا الخطاب يأتي في سياق إقليمي ودولي سمته الأساسية مراكمة المغرب لمجموعة من المنجزات دبلوماسيا واقتصاديا؛ وهو ما تحاول الجزائر صرف النظر عنه بهكذا تصريحات”.

وأشار المتحدث ذاته إلى أن “تشبيه قضية الصحراء المغربية بالقضية الفلسطينية فيه إساءة واضحة لهذه الأخيرة ومتاجرة بمعاناة ودماء الشعب الفلسطيني، من خلال استغلال قضية هذا الشعب التي ترمز إلى وحدة الصف العربي والإسلامي وإقرانها بقضية مفتعلة تروم المس بسيادة الدول وتقسيمها إلى دويلات”، موردا أن “مستوى الخطاب الرسمي الجزائري يترجم حالة اليأس السياسي، الذي يعيشه هذا البلد نتيجة سياسته الخارجية الفاشلة والتدخلية التي تضررت منها مجموعة من الدول؛ على رأسها المغرب ومالي والنيجر وغيرها”.

وخلص الباحث في القانون الدولي والعلاقات الدولية إلى أن “الجزائر، التي تدعي دعم القضية الفلسطينية، لا دور لها اليوم على الساحة السياسية العالمية علاقة بالتطورات الأخيرة في الشرق الأوسط؛ بل إنها منعت الجماهير من الخروج إلى الشوارع للتعبير عن تضامنهم مع فلسطين”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى