احتفال كبير بمشاريع “صناع الأمل” .. المغرب يعتلي منصة التتويج في الإمارات
توج الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، اليوم الأحد في دبي، تالة الخليل من العراق بجائزة “صناع الأمل”، بعد أن حلت بالمركز الأول عن مشروعها المتعلق بتأسيس أكاديمية للأطفال الذين يحاربون داء السرطان وذوي الهمم؛ لتكون بذلك “صانعة أمل العرب”، رغم التتويج الرباعي بهذه النسخة، حيث سيحصل كل متوج على مكافأة مالية بقيمة مليون درهم.
ويواصل هذا الاحتفاء مساعي المبادرة المندرجة في حمضها النووي، وهي، وفق المنظمين، “تكريس ثقافة العطاء في منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط”. ولذلك تعتبرها دبي بمثابة “الحفل الأكبر للاحتفاء بأصحاب العطاء في العالم العربي”. لكن السخاء هذه المرة كان بتوقيع مغربيّ كذلك، حيث حلّ الفاعل الجمعوي المغربي أمين إمنير ضمن المتوّجين، الذين نالوا المليون درهم أيضاً، رغم أن الفوز الاعتباري كان من نصيب العراقيّة تالة الخليل الحاصلة على المركز الأول.
حاكم دبي كرّم كذلك العراقي محمد النجار مؤسس منتخب كروي لمبتوري الأطراف، والمصرية فتحية المحمود راعية نحو 34 طفلة يتيمة بعدما أسست هذا المشروع الإنساني لمّا اكتشفت عدم قدرتها على الإنجاب. وفاز كل مترشح من هذا الرباعي بلقب “صانع أمل”، بعد تأهل “جنود الإنسانية” الأربعة إلى النهائيات من بين أكثر من 58 ألف ترشيح استقبلتها الدورة الرابعة من المبادرة.
“احتفالية بصخب كبير”
بدأ الحدث مع خالد غطاس، الكاتب والخبير في السلوك البشري، الذي قدّم كلمة فكك خلالها “الأمل” من منظور علمي، حيث أكد أن “الأمل أنواع”، لكن “هناك نوعا متداولا يحضر عند كل الناس، حتى أكثرهم تشاؤماً يأسا، هو ذلك الشعور الدائم بأن هناك شيئاً ما يمكن أن يتغيّر، وأن شيئاً رائعاً سيحدث مثل أن يصعد شاب الطائرة ويجد المكان المتاخم له شاغراً، فيأمل أن تأتي فتاة جميلة وتُكتب قصّتهما”.
وخلال كلمته التحفيزيّة، التي كانت توطئة عدّها بعض الحضور “مطلوبة”، لفت غطاس إلى أن “النوع الثاني، وهو الأساسي، عندما يتحول الأمل إلى رسالة ومعنى وحياة”. وتابع قائلاً: “أقصد عندما ينظر فرد ما إلى ما يحيط به، ويحسّ بأن هناك شيئاً يستدعي تصويباً ما، وأن الواقع يحتاجُ إلى تغيير وتصحيح وتدخّل عملياتي، فيصنعون واقعا مختلفا ويتحدّون قوة بداخلهم تصرّ أن تهزمهم. هؤلاء هم صناع الأمل”.
ويبدو أن ما قدّمه الغطاس هو الشيء ذاته الذي حاولت تالة الخليل القيام به حين أوضحت في تصريح للصحافة أن “الاهتمام بفئة مرضى السرطان من الأطفال راجع إلى الرغبة في تغيير واقع هذه الفئة التي تقل نسبة الأمل لديها”، مؤكدة أن “الأطفال الذين تحتضنهم في الأكاديمية لهم أفق إبداعي كبير وإقبال على الحياة رغم الصعوبات، وهذا هو الرهان، أن ينضج الأمل داخل كل روح تتنفس”.
وقالت خليل، مؤسسة أكاديمية المحاربين في العراق، إن “كل ما أملك اليوم هم أطفالي، وأريد العودة إلى العراق بسرعة لرؤية السعادة في أعينهم بهذا التتويج”. وأضافت “هذا يوضح أنه عندما تؤمن بشيء وتتمسك به فهذا هو الأمل، وهو يبدأ حينما يكون هناك مشكل، ويتم التركيز عليه لتخطيه وتجاوزه والتعاطي معه. كل منا له حلم ليعيش حياة عادية، وهذا حلم بسيط ولكن كبير. نحن نظل في النهاية مختلفين، وعلينا أن نعيش بهذا الاختلاف ونحترمه”.
المغرب مرة أخرى
“في التباري على فعل الخير ليس هناك رابح وخاسر، هناك ربح مطلق”، هذا ما قيل خلال الحفل، غير أن النموذج الذي قدمه المغاربة خلال “زلزال الحوز” وجد الطّريق مرة أخرى إلى “شاشة العرض” بدبي، تسليطاً للضوء على المشروع الخيري لأمين إمنير، الذي حوّل من خلاله مواقع التواصل الاجتماعي إلى “منصة” للمساهمة في “إعادة بناء تصوّر المغاربة للعمل الإحساني والتّطوعي وتعزيز الشرط الإنساني”.
إمنير، رئيس جمعية “أفتاس للتنمية والتعاون”، الذي حصل على جائزة مليون درهم هو الآخر عرفاناً “لما يبذله في العديد من المبادرات والحملات الإنسانية كحفر الآبار وتهيئة الطرق المهترئة المؤدية إلى الدواوير المعزولة، فضلاً عن المساهمة في شراء الأضاحي للفقراء والمساكين، بالإضافة إلى ما قام به من جهود خلال زلزال الثامن من شتنبر المدمر”. غير أن إمنير يصرّ على اعتبار “العطاء شيئاً أصيلاً في المغاربة”.
“صانع الأمل” رئيس جمعية “أفتاس للتنمية والتعاون” قال في تصريح لهسبريس إن “الفضل الأول يعود لله، ولدعم المغاربة، الذي أوصلني إلى منصة التتويج”، شاكرا كل من يدعوه إلى التمسك بـ”المحتوى الخيري” على مواقع التواصل الاجتماعي. وأضاف “أتصوّر أنه إذا لم يكن هناك تسليط لمعاناة السكان وحل مشاكلهم، فبأيّة غاية سنستعمل هذه الوسائط؟”، مشيرا إلى أن “تشخيص مشكل ونشره يوفر الحل سريعاً، ولاحظنا كيف تحولت أحوال الكثيرين من الناس من الأسوأ إلى الأفضل”.
ونوه إمنير بالجائزة وبـ”أهميتها في تقوية شرط العطاء في البناء الإنساني للمنطقة”، لافتا إلى أن “التتويج مع ذلك لا يعني أمين إمنير وحده، بل هو تتويج للعلم المغربي، وهذا يدلّ أيضا على أن المغاربة شعب كريم ومعطاء، فكلّ ما نشرناه من دعوات للمحسنين وجد صداه”. وتابع قائلا: “المغربيّ يلبي نداءات الخير أينما كانت. كل المبادرات التي قمتُ بها تبين أن القصة التي استمعنا إليها من كتبها هم المغاربة، وهم من صنعوا الأمل، ونحن فائزون ملكاً وشعباً”.
“مبادرة جادة”
عبد الكريم سلطان العلماء، المدير التنفيذي لمؤسسة “مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم”، قال إن “المشاركة المغربية دائماً متميزة، حتى على مستوى تحدي القراءة العربي، ونحن نتذكّر دائماً الطفلة البطلة مريم أمجون”، مضيفا أن “”صناع الأمل” تأتي ضمن ثلاثين مبادرة تقودها المؤسسة، من خلال الاشتغال على خمسة محاور: المساعدات الإنسانية والإغاثية، الرعاية الصحية ومكافحة الأمراض، نشر التعليم والمعرفة، ابتكار المستقبل والريادة وتمكين المجتمعات”.
وأضاف سلطان العلماء، في تصريح لهسبريس، أن “فكرة “صناع الأمل” محصورة في الوطن العربي، لكن صداها أكبر من حدود المنطقة”، لافتاً إلى “راهنيتها الفائقة في ظلّ ما نعيشه اليوم في منطقتنا من تحديات، ونحن نسمع الأخبار بشكل يومي في التلفزيون، سواء تعلق ذلك بكوارث طبيعية أو بتوتّرات أمنية”. وأضاف أن “النداء الذي يطلقه حاكم دبي محمد بن راشد للبحث عن صناع الأمل يجعلنا نكتشف كلّ مرة جواهر، قصصها ملهمة وأحدثت فرقا هائلا في مجتمعها بإمكانات متواضعة”.
يشار إلى أن الحفل الختامي تضمن أوبريت “الحلم العربي”، الذي أعادت مبادرة “صناع الأمل” إحياءه للاحتفاء بأوائل “صناع الأمل” في دورتها الرابعة. وشارك في الأوبريت الغنائي الفنانون العرب: أحلام، وماجد المهندس، وأصالة، ووليد توفيق، وصابر الرباعي، وبلقيس، وعاصي الحلاني، وعمر العبدلات، ومحمد عساف، وأحمد فتحي، وإيهاب توفيق، وأبو. وقد كتب كلمات الأوبريت الدكتور مدحت العدل، ولحنها صلاح الشرنوبي.
وبهذا الحفل الختامي تكون مبادرة “صناع الأمل” قد استقبلت أكثر من 300 ألف صانع أمل عربي خلال أربع دورات، وهو ما تقول عنه الجهة المنظمة: “يظهر أن هناك تعطشاً كبيراً لدى أبناء الوطن العربي للمساهمة في العطاء وإرساء الأمل كفعل حقيقي”، لاسيما أن الفكرة “تنطلق من رسالة أساسية مفادها نشر الأمل في المنطقة، ومحاربة اليأس والإحباط والتشاؤم، وتعزيز قيم التفاؤل، وترسيخ ثقافة العطاء، وتعميم الخير”.