حرب غزة: ما الذي تعنيه استقالة الحكومة الفلسطينية؟
وضع رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية، الإثنين، استقالته تحت تصرف رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، وذلك ” لما تحتاجه المرحلة القادمة وتحدياتها من ترتيبات حكومية وسياسية جديدة تأخذ بعين الاعتبار الواقع المستجد في قطاع غزة” وفق ما قال في مستهل جلسة الحكومة.
تأتي الخطوة في ظل ضغوط أمريكية متزايدة على عباس لإجراء تغييرات في السلطة الفلسطينية وسط تكثيف الجهود الدولية لوقف القتال في غزة وبدء العمل على بناء هيكل سياسي لحكم القطاع بعد الحرب.
ولا يزال يتعين أن يقبل عباس استقالة اشتية وقد يطلب منه الاستمرار في تصريف أعمال الحكومة حتى تعيين بديل دائم.
لماذا الآن وما الذي يعنيه القرار؟
كان اشتية قد أبلغ الرئيس الفلسطيني باستقالة حكومته شفهيا الأسبوع الماضي، بعد 5 سنوات على ترأس محمد اشتية لحكومة واجهت مراحل صعبة ومعقدة كان آخرها الحرب المستمرة في قطاع غزة.
وتمهد هذه الإستقالة بحسب اشتية لتشكيل “حكومة قادرة على مواجهة تبعات حرب الإبادة الجماعية في غزة” إلى جانب ضمان الانسحاب الإسرائيلي من القطاع، ووضع خطط لإعادة إعماره.
يرى أمين عام حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية، مصطفى البرغوثي، في تصريح لبي بي سي، أن هذه الاستقالة غير مفاجئة ومتوقعة منذ زمن وتفتح الباب لتكشيل حكومة وحدة وطنية، مؤكدًا على أن الوقت يسمح حالياً في حال توفرت الإرادة لتشكيل حكومة تتوافق عليها القوى الوطنية الفلسطينية، على ألا تنتج ما كان موجود أساساً في السابق.
ويعتبر البرغوثي أن تقديم الاستقالة أمر إيجابي تحديدا مع تزامنها و لقاء مرتقب لمجموعة من الفصائل الفلسطينية في موسكو، ما يمهد لحوار حول كيفية بناء حكومة وفاق وطنية تضم جميع الفصائل الوطنية.
وستلتقي وفود 15 فصيلا فلسطينيا ، من ضمنهم وفود حركة فتح و حركة حماس والجهاد الإسلامي، في العاصمة الروسية موسكو نهاية الشهر الجاري، لإجراء حوار على مدار يومين، ينصب حول سبل إنهاء الحرب في غزة، وإنهاء الإنقسام وبلوغ الشراكة السياسية الفلسطينية والتوافق على برنامج سياسي لمنظمة التحرير وتشكيل حكومة تكنوقراط فلسطينية .
من جهته يرى الناطق الاعلامي باسم حركة فتح منير جاغوب، أن هذه الاستقالة تأتي ضمن استحقاقات سياسية لها علاقة بالإعمار والوضع الفلسطيني الداخلي، وتأتي ضمن التغيير الطبيعي كون عمر الحكومة الحالية تجاوز الخمس سنوات.
ويعتقد أستاذ العلوم السياسية والمختص بالشأن الفسلطيني هاني بسوس أن هذه الاستقالة تأتي في سياق ضغوطات إقليمية ودولية لا سيما من الولايات المتحدة الأمريكية على السلطة الفلسطينية، من أجل اتخاذ خطوات عملية لتحسين أدائها ومعالجة “ملفات الفساد” المتهمة بها.
ويضيف البسوس لبي بي سي، أن هناك تحركا إقليميا لأن يتم تشكيل حكومة فلسطينية تشمل غزة والضفة الغربية خاصة أن هناك حديث عن مرحلة ما بعد الحرب في قطاع غزة ومطالب بأن تكون هناك حكومة فلسطينية مستعدة للقيام بتقديم خدمات على المستوى الوطني.
ماذا بعد الاستقالة؟
يقول منير الجاغوب إن الاستقالة تفتح الباب أمام قيادة منظمة التحرير لتشكيل حكومة من الخبراء المستقلين، التي يقول ان الشعب الفلسطيني ينتظرها، مؤكداً على أن الحكومة القادمة هي حكومة كفاءات مهنية وخبراء في الاقتصاد، ولن تكون حكومة فصائل.
من جهته يشدد البرغوثي على ضرورة أن تحظى الحكومة القادمة على توافق وطني حولها، وأن تضم جميع القوى الفلسطينية بدون استثناء حتى يتم “توحيد الموقف الفلسطيني ليجابه المخططات الإسرائيلية التي ترمي لفصل غزة عن الضفة الغربية وتكّرس احتلال غزة” على حدّ تعبيره.
ويرى البرغوثي أنه لن يكون ممكناً للحكومة أن تعمل بشكّل فعال دون أن تحظى بموافقة جميع القوى والفصائل الفلسطينية وإلا ستكون حكومة ضعيفة وهشه.
وانتشرت في الآونة الأخيرة الكثير من الأنباء حول نية تشكيل حكومة تكنوقراط من شخصيات مهنية ومستقلة، وهو أمر يتوقع أن تتوافق عليه مختلف الفصائل الفلسطينية، وبحسب مراسلة بي بي سي في الضفة الغربية إيمان عريقات فإنه برز خلال لقاءات الرئيس الفلسطيني الأخيرة مع الأطراف العربية والدولية اسم رئيس صندوق الاستثمار الفلسطيني ورجل الاقتصاد محمد مصطفى، باعتباره مرشح السلطة الوطنية لرئاسة الحكومة المرتقبة.
يذكر أن محمد مصطفى من أبناء مدينة طولكرم ، وهو عضو في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية منذ عام 2022 , ورئيس صندوق الإستثمار الفلسطيني منذ عام 2005، وشغل منصب نائب رئيس الوزراء ووزيرا للإقتصاد في حكومات سابقة ، وتولى منصبا رئيسيا في إعادة إعمار غزة عام 2014، كما عمل لسنوات طويلة مع البنك الدولي.
يقول أستاذ العلوم السياسية هاني بسوس لبي بي سي أنه يعقتد بأن حركة حماس والفصائل الفلسطينية لن تمانع تشكيل حكومة تكنوقراط شرط أن يتم التوافق حول شخوصها، قائلًا إن حماس “تبدي مرونة نتيجة ما يتعرض له الشعب الفلسطيني في غزة”.
الاستقالة والحرب في غزة
يقول البرغوثي إن وقف الحرب في غزة أمر أساسي وعلى رأس الأولويات الفلسطينية الآن، ولا يمكن أن تنجح أي ترتيبات سياسية قادمة قبل وقف إطلاق نار دائم وفوري.
ويلقي البرغوثي بالمسؤولية على الولايات المتحدة باعتبارها القوة الوحيدة في العالم التي يمكن لها الآن أن توقف الحرب في غزة، وفق تعبيره.
يتفق البسوس مع البرغوثي معتبرًا أن المشهد الحالي معقد للغاية، لكن “كي تتمكن الحكومة المستقبلية من العمل يجب أن تضغط الولايات المتحدة لوقف إطلاق النار حتى يكون هناك إمكانية لأن تعمل هذه الحكومة سواء بشكل إنساني أو خدماتي.
وكان اشتية قد أوضح في مستهل جلسة الحكومة في رام الله، “أن هذا القرار يأتي في ضوء المستجدات السياسية، والامنية، والاقتصادية المتعلقة بالعدوان على أهلنا في قطاع غزة، والتصعيد غير المسبوق في الضفة الغربية، بما فيها مدينة القدس”. بحسبه.