أخبار العالم

هل تعرقل الخلافات داخل المجالس المنتخبة التنمية المحلية في المدن المغربية؟



تعيش مجموعة من المجالس المنتخبة في عدد من المدن الكبرى خلافات بين مكوناتها، بدأت تبرز بشكل واضح مع منتصف الولاية، الأمر الذي بات يستدعي حسب مراقبين تدخلا من قيادات أحزاب الأغلبية الحكومية المسيطرة على معظم المجالس المحلية والجهوية، من أجل طي الخلافات والانكباب على تنفيذ المشاريع والأوراش المتعثرة بسبب هذه المشاكل.

من طنجة إلى الدار البيضاء، مرورا بالعاصمة الرباط، ووصولا إلى فاس، يبدو أن التعثر هو سيد الموقف، مع تباين في درجته بسبب حجم الخلافات بين مكونات التحالف المسير لكل مدينة، علما أن بعض الجماعات عجزت عن عقد دورتها العادية في موعدها المحدد.

ويعتقد الكثير من المتابعين للشأن المحلي والمجالس المنتخبة أن الخلافات التي لم تنجح “الأحزاب الثلاثة” حتى الآن في تجاوزها تؤثر بشكل سلبي على صورة المنتخبين، وتسهم في عرقلة الأوراش والتنمية المحلية التي يفتقدها العديد من السكان.

أثر واضح

في تعليقه على الموضوع، يرى المحلل السياسي محمد شقير أن أي خلافات، سواء كانت في المجالس الجهوية أو المحلية، “لا يمكن إلا أن تؤثر على تدبير الشأن المحلي في أي مدينة كيف ما كانت، خاصة إذا كانت من المدن الكبرى، كطنجة أو فاس أو الدار البيضاء وغيرها”.

وأضاف شقير، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “الخلاف بين مكونات المجالس المنتخبة يؤدي في بعض الأحيان إلى تجميد العضوية، وإلى شلل في عقد الاجتماعات، وهو ما حصل في عدة مجالس، بحيث لا يتمكن الرئيس من جمع نصاب الحضور، فيتم تأجيل اجتماعات المجالس”.

وأوضح المحلل ذاته أن “هذا الوضع ينتج عنه تجميد أو تأخر في تدبير مشاريع من المفترض أن تكون حيوية، نظرا لعدم انسجام مكونات المجلس، أو أن هناك صراعا بين الرئيس وأعضاء الأغلبية”، معتبرا أن هذه المشاكل “تؤثر بشكل كبير على سير وتدبير الملفات والشؤون المحلية”.

مخاطر وخسائر

وتابع المحلل السياسي ذاته: “يمكن أن يعاين المرء هذه المسألة بالنسبة لمدينة الرباط التي تعد العاصمة، حيث يحتدم الصراع بين العمدة أغلالو وأعضاء المجلس، ما يؤثر على تدبير عدة ملفات”.

ونبه شقير إلى أن “الخطير في عرقلة عمل المجالس هو السمعة والصورة التي ترسم للمنتخبين، وتكون سيئة بشكل كبير”، مبرزا أن “هذا الأمر يدفع المواطن أو الناخب الذي صوت إلى الاعتقاد بأن صوته لم يؤد إلى اختيار مجالس ورؤساء يتمتعون بالمسؤولية لتدبير الشؤون المحلية”، مؤكدا أن “الشأن المحلي يبقى الأكثر قربا للمواطن، الذي يمكن ألا يعير اهتماما للمشاريع الكبرى والمهيكلة، ولكن يهتم بمشاكله وشؤونه المحلية القريبة منه”.

وأشار المتحدث ذاته إلى أن “بعض الأوراش المتوقفة تثير حنق المواطن وسخطه على المنتخبين”، مشددا على أن “هذا السخط سيترجم في الاستحقاقات المقبلة، من خلال عدم المشاركة في الانتخابات والعزوف عنها، خاصة الانتخابات المحلية”.

ولم يقف المحلل السياسي عند هذا الحد، بل ذهب إلى القول إن “البطء في تنفيذ الأوراش له تكاليف مالية، وهذا ما ينبغي أن يستوعبه المنتخبون، لأن المسألة ليست مرتبطة بصراعات وفقط، بل إن هذه الصراعات لها تكاليف مالية وزمنية كان يمكن استغلالها في تنفيذ أشغال أخرى أو إنجاز بعض المشاريع الكبرى”.

هواجس سياسوية

من جهته، اعتبر يونس التايب، الباحث المتخصص في الحكامة الترابية وسياسات الإدماج، أن الخلافات التي تعيش على إيقاعها مجموعة من المجالس المنتخبة في عدد من المدن، مثل فاس والرباط حاليا، “تؤثر على الصورة العامة للعمل الجماعي، وتعزز التوجس الذي يعبر عنه المواطنون من العمل السياسي، خاصة في بعده الانتخابي الذي يظهر أنه لا يفرز نخبة سياسية تمارس التدبير بهاجس وطني جاد، يهدف إلى تحقيق التنمية وخدمة مصالح المواطنين أولا”.

وأضاف التايب، في تصريح لهسبريس، أن “الوضع المرتبك على مستوى بعض الجماعات الترابية له تأثير على حسن سير مشاريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمجالات الجغرافية المعنية، إما بسبب تداعيات عدم تماسك الأغلبيات المساندة لرؤساء الجماعات الترابية، أو بسبب الاختلاف حول أولويات التدخل والاستثمار العمومي الجماعاتي؛ خاصة حين تغلب لدى البعض هواجس سياسوية مخالفة لما يطمح إليه المواطنون وبعيدة عن الوعود الانتخابية”.

وأشار الباحث ذاته إلى أن “ملفات الفساد التي كشفت عنها مؤخرا تقارير المفتشية العامة لوزارة الداخلية، والمجلس الأعلى للحسابات، بينت تورط عدد من رؤساء الجماعات في ممارسات غير قانونية، ما يطرح سؤالا عميقا حول مدى قدرة الأحزاب على تحمل مسؤولية انتقاء مرشحيها للانتخابات على أساس الكفاءة والرصيد النضالي”، مشددا على ضرورة الالتزام بـ”قيم النزاهة، والقدرة على تأدية المهام الانتدابية وفق قواعد الحكامة الجيدة”.

كما يطرح هذا الواقع، يضيف التايب، “ضرورة تعزيز أدوار مؤسسات المواكبة والتأطير والرقابة، التي تقوم بأدوار مهمة، لكن يتعين أن تدعم بشكل أكبر ليتم فرض احترام الضوابط القانونية وربط المسؤولية بالمحاسبة على الجميع، بالسرعة اللازمة التي تساهم في جعل الرأي العام مطمئنا إلى أن العابثين بمهامهم الانتدابية يصيبهم جزاء أفعالهم”، معتبرا أن هذا النهج من شأنه أن يحافظ على ما سماها “تراكمات ومكتسبات المغرب في مجال التدبير العمومي المحلي على مستوى الجماعات الترابية، وتعزيز اللامركزية والاختيار الديمقراطي”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى