أخبار العالم

“أمطار وثلوج فبراير” تُنعش نمو الزراعات وتُعيد الاخضرار إلى مراعي المغرب



بعدما عمَّتْ نفوس الفلاحين والمزارعين بالبهجة وبشارة الخير، خلال بداية شهر فبراير الجاري، تواصلت التساقطات المطرية والثلجية في الهطول خلال الأسبوع الأخير، بشكل همَّ أبرز أقاليم وجهات المملكة، خاصة في نصفها الشمالي، حسبما أفادت به المديرية العامة للأرصاد الجوية؛ وهي جهات تعرف -في معظمها- انتشار أنشطة فلاحية ذات أراض بورية وكلئية؛ ما يبشّر بانتعاشة طال انتظارها.

وباستقراء خريطة الزخات والتساقطات المطرية والثلجية التي همت مناطق مغربية متفرقة إلى حدود يوم الجمعة ونهاية هذا الأسبوع يتبين أن جهات وأقاليم الشمال الغربي ووسط المملكة، المعروفة بانتشار الأنشطة الفلاحية وأنواع متنوعة من الزراعات (خصوصا طنجة واللوكوس والريف وغرب الواجهة المتوسطية وشمال السايس والغرب)، استفادت من قسط وافر من أمطار الخير.

وحسب معطيات “الأرصاد الجوية المغربية” فإن وسط ونهاية هذا الأسبوع عرفا أمطارا وزخات متفرقة في كل من “الشمال الغربي للبلاد، والريف، والواجهة المتوسطية، وهضاب الفوسفاط والماس، والأطلس الكبير والمتوسط، والمنطقة الشرقية والسهول وشمال آسفي”، فضلا عن ثلوج غطّت قمم الأطلس المتوسط.

نمو الزراعات

معلقاً على أثر هذه التساقطات في هذه الظرفية بالذات على سير الموسم الفلاحي الراهن أفاد الخبير المهني في الشأن الفلاحي رياض أوحتيتا بأنه “رغم تأخر التساقطات المطرية والثلجية، التي جاءت متفرقة في الزمان ومختلفة في المكان، هذه السنة، إلا أنها لن تخلو من تأثير إيجابي على نمو الزراعات الربيعية الحالية، بمختلف أصنافها، مع ضمان توفير الكلأ اللازم لتربية المواشي في أفق الاستعداد لعيد الأضحى هذه السنة”.

وتابع أوحتيتا، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، بأن “هذا الأثر الإيجابي الأكيد سينعكس مباشرة على نمو زراعات الحبوب (القمح، الشعير…)، وكذا على زراعات عَلفية، خاصة وسط وشمال وغرب المملكة”، مبرزا أن “أهمية بالغة تحملها التساقطات في شهر فبراير، لأنها جاءت بعد مرور فترات البذر والاستنبات، وبلوغ النباتات والمزروعات مستوى فترة النمو اللازم”.

كما أشار المهندس الزراعي ذاته إلى “إسهام جيد بالنسبة للأمطار أو الثلوج في مساحات خضراء رعوية، خاصة المراعي التي تستنبت بشكل عفوي مختلف أنواع الكلأ اللازم لاستمرار أنشطة تربية الماشية في البوادي”، وبشأن إيجابية حصيلة الموسم الفلاحي أورد أنه “لا يمكن الجزم بها في السياق الراهن، لأن ما يُحدّدها ليس فقط التساقطات، بل وتيرتها وزمَنُها”، قبل أن يلفت الانتباه إلى “تغيّر في قواعد فلاحية كانت ثابتة إلى وقت قريب، ما أدى بوضوح إلى تداخل الفترات وعدم انتظام في التساقطات”.

وخلص أوحتيتا، في حديثه للجريدة، إلى “وجوب إعادة النظر عبر البحث العلمي الزراعي في الحبوب المزروعة بالمغرب، لكي تكون من أنواع مُقاوِمة للتغير المناخي، مع مراعاة مَوسمية الإنتاج ووتيرة التساقطات/موجات الحرارة”، مسجلا أن “دراسة انتظام التساقطات المطرية بشكل استباقي راصد ستعطينا فكرة عن كيفية تنظيم الموسم الفلاحي ومراحل سيْره”.

“انتعاش فلاحي غير كافٍ”

بدوره سجل رضا أغري، مهندس زراعي يشتغل ميدانياً مع عدد من الفلاحين، الملاحظة نفسَها التي خلص إليها أوحتيتا، موردا أنه “رغم أن التساقطات تظل متواضعة من حيث حجمها ووتيرتها في الشهر الجاري إلا أن أثرها الإيجابي يظل مؤكداً على مختلف الزراعات البورية”، خاصا بالذكر “انتعاش زراعات الحبوب والخضروات، وكذا بعض زراعات الأشجار المثمرة، مثل الزيتون”.

وأضاف أغري أن “تساقطات شهر فبراير تحمل أيضا انتعاشة ملحوظة في تسريع اخضرار المراعي ومختلف الأراضي التي كانت آثار الجفاف بدأت تهددها”.

ولا يخلو تفاؤل خبراء الفلاحة بالمغرب بشأن الانتعاش المرتقب للزراعات والمراعي من تخوفات وهواجس؛ وهو ما عبّر عنه أغري في حديثه مع جريدة هسبريس، إذ قال إن “الانتعاش المرتقب يبقى غير كاف، باستحضار تداعيت فترة مائية حرجة تمر منها سدود المغرب وفُرشاته المائية سطحيا وجوفيا”.

في هذا السياق، أكد الخبير الزراعي نفسه أن “التساقطات الأخيرة في شهر فبراير ساهمت إيجابيا في بعث الأمل والتفاؤل في أوساط الفلاحين ومربّي الماشية، غير أنها لم تساهم إلا بشكل طفيف في ملء السدود، إذ استقرت نسبة الملء الإجمالي لحقينات السدود الكبرى والمتوسطة بالبلاد في 25 بالمائة”.

تبعا لذلك، يرى أغري أن “هذه النسبة من ملء السدود تجب قراءتها باستحضار أن 88 في المائة من الاستعمالات المائية تذهب إلى المجال الفلاحي”، ما يستدعي بحسبه “إعادة النظر بشكل صارم في سياسات وإستراتيجيات السقي الفلاحي، وكذا آليات تدبير المياه الجوفية”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى