علماء يكتشفون الطريقة التي تصدر بها أغنيات الحيتان العملاقة في المحيطات
- Author, هيلين بريغز وفيكتوريا جيل
- Role, مراسلتا الشؤون العلمية – بي بي سي نيوز
توصل العلماء إلى الطريقة التي يصدر بها أكبر الحيتان في المحيطات أغانيها المعقدة المثيرة للأعصاب.
وأوضح باحثون أن الحوت الأحدب وغيره من الحيتان البالينية طورت “صندوق صوت” متخصص يمكّنها من الغناء تحت الماء.
وأوضح هذا الكشف العلمي، الذي نُشر في مجلة “نايتشر”، الأسباب التي تجعل الضوضاء التي نحدثها في المحيط مزعجة للغاية بالنسبة لهؤلاء العمالقة.
وتعتمد أغنية الحوت على تردد ضيق يتداخل مع الضوضاء التي تصدرها السفن، وفقا للدراسة.
وأوضح كوين إيليمانز، الذي قاد الفريق البحثي الذي توصل إلى حقيقة أغنيات الحيتان في جامعة جنوب الدنمارك، أن هذا “الصوت مهم للغاية لبقاء الحيتان على قيد الحياة، لأنه الطريقة الوحيدة التي يمكنهم من خلالها العثور على بعضهم البعض للتزاوج في المحيط”.
وقال إيليمانز لبي بي سي نيوز إن هذه الحيتان “من أكثر الحيوانات غموضا التي عاشت على هذا الكوكب على الإطلاق. كما أنها من أكبر الحيوانات، وهي أيضاَ ذكية واجتماعية للغاية”.
والحيتان البالينية هي مجموعة مكونة من 14 نوعاً من الحيتان تتضمن الحوت الأزرق، والحوت الأحدب، والحوت الأيمن، وحوت المنك، والحوت الرمادي. وبدلاً من الأسنان، يحتوي فم هذه الأنواع على صفائح تسمى “بالين” تستخدمها في غربلة كميات من المخلوقات الصغيرة واستخلاصها من المياه.
وظلت الطريقة التي يصدرون بها هذه الأصوات أو الأغاني المعقدة المثيرة للأعصاب في كثير من الأحيان لغزاً حتى اكتشاف أسبابها. وقال إليمانز إنه كان “من المثير للغاية” اكتشافها.
وأجرى قائد الفريق البحثي بجامعة جنوب الدنمارك هو وزملائه تجارب باستخدام الحنجرة، أو “صناديق الصوت”، التي تمت استئصالها بعناية من ثلاثة حيتان نافقة كانت قد تقطعت بها السبل؛ وهي حوت منك وحوت أحدب وحوت ساي، ثم نفخوا الهواء عبر الهياكل الضخمة لتلك الأجزاء من الجسم لإنتاج الصوت.
وعند البشر، تصدر أصواتنا عندما تحدث اهتزازات بسبب مرور الهواء أعلى زوائد في الحنجرة تسمى الأحبال الصوتية. لكن الحيتان البالينية لديها تجويف كبير على شكل حرف “U” مع وسادة من الدهون في الجزء العلوي من الحنجرة.
يسمح هذا التشريح الصوتي للحيوانات بالغناء عن طريق إعادة تدوير الهواء وتمنعه من استنشاق الماء.
وطور الباحثون نماذج صوتية باستخدام الكمبيوتر كشفت أن أغنيات الحيتان البالينية تقتصر على تردد ضيق يتداخل مع الضوضاء الصادرة عن سفن الشحن.
وأوضح إليمانز أنهم “لا يمكنهم ببساطة اختيار الغناء بصوت أعلى، على سبيل المثال، لتجنب الضوضاء التي نحدثها في المحيط”.
وأظهرت الدراسة كيف يمكن لضوضاء المحيطات أن تمنع الحيتان من التواصل عبر مسافات طويلة. وقد تنطوي هذه المعلومات على قدر كبير من الأهمية للحفاظ على الحوت الأحدب والأزرق وغيرهما من عمالقة البحار المهددة بالانقراض.
كما توفر هذه الدراسة إجابات وافية على أسئلة ملحة ظل الباحثون يطرحونها لعقود عن هذه الأغاني المخيفة، والتي اعتاد بعض البحارة أن ينسبوها إلى أشباح أو كائنات بحرية أسطورية.
ووصفت خبيرة تواصل الحيتان كيت ستافورد، من جامعة ولاية أوريغون، هذه الدراسة بأنها “رائدة”.
وقالت لبي بي سي إن “إصدار واستقبال الصوت هو الحاسة الأكثر أهمية بالنسبة للثدييات البحرية، لذا فإن أي دراسة توضح كيفية إصدار هذه الأصوات من شأنها أن تساعد هذا المجال على إحراز تقدم”.
كما يرسم البحث صورة تطورية لكيفية عودة أسلاف الحيتان من الأرض إلى المحيطات، والطرق التي تكيفت بها مع هذا الانتقال والتي مكنتها من التواصل تحت الماء.
تجدر الإشارة إلى أن الطريقة التي تصدر بها الحيتان المعروفة “بالمسننة” الصوت أصبحت مفهومة بشكل أفضل لأن إخضاع هذه الكائنات البحرية للدراسة أسهل. فالثدييات البحرية، مثل الدلافين والحيتان القاتلة، وحيتان العنبر، تنفخ الهواء من خلال زوائد في ممراتها الأنفية.
وقالت ألين غارلاند، من وحدة أبحاث الثدييات البحرية بجامعة سان أندروز: “لطالما تساءلت كيف تصدر الحيتان البالينية – خاصة الحيتان الحدباء التي يركز بحثي عليها – مجموعة متنوعة من الأصوات”.
وأضافت أن “دراسة الحيتان الكبيرة تمثل تحديا كبيرا للغاية، ولكن محاولة الكشف عن الطريقة التي تصدر بها هذه الكائنات الصوت – بينما لا تستطيع أن تراها تحت الماء وهي تفعل ذلك – يضيف قدرا إضافيا من الصعوبة إلى الدراسة، لذلك أعتقد أن هؤلاء الباحثين مبدعون للغاية”.
وأضافت ستافورد أن قدرة الثدييات على إصدار مثل هذه الإشارات الصوتية المعقدة كانت “رائعة” وتسلط الضوء على “مدى تميز هذه الحيوانات”.